أشاد فريقا العدالة والتنمية والاستقلال بمجلس النواب بالمقاربة التشاركية للبرنامج الحكومي في بلورة تنزيل الدستور الجديد ومتطلباته التشريعية والمؤسساتية، وفق تأويل ديمقراطي، واعتماد توقع زمني بناء على أولويات واضحة على مدى الخمس سنوات المقبلة، بينما اعتبر فريق التجمع الوطني للأحرار أنه جاء خاليا من الأرقام وآجال التنفيذ.

وفي هذا السياق، أبرز رئيس فريق العدالة والتنمية عبد العزيز عماري(الصورة)، الإثنين 23 يناير الجاري في جلسة عمومية، أن مضامين البرنامج الحكومي الذي قدمه أمام غرفتي البرلمان رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران يوم الخميس الماضي، أن ما يحسب للبرنامج الحكومي هو التأكيد على استعداد الحكومة العمل وفق مقاربة تشاركية في بلورة ورش تنزيل الدستور ومتطلباته التشريعية والمؤسساتية.

واعتبر عماري أن هذا الورش يتطلب تدبيرا يجمع الأغلبية والمعارضة ومكونات المجتمع المدني في إطار تفاعلي مشترك يرتكز على تأويل ديمقراطي واعتماد توقع زمني وفق أولويات واضحة على مدى الخمس سنوات المقبلة.

وأضاف أن الحكومة تبنت في هذا السياق مخططا تشريعيا مندمجا تمثل في إصدار 16 قانونا تنظيميا و20 قانونا عاديا مع إعطاء الأولية للقوانين ذات الطبيعة المهيكلة كالقوانين التنظيمية ذات الصلة بعمل الحكومة والتعيينات والقضاء والأمازيغية والمالية ولجان تقصي الحقائق، ومؤسسات الحكامة وحقوق الإنسان.

ولاحظ أنه بالرغم من التدقيق الإجرائي والمالي والتنزيل الزمني سيتم في إطار القوانين المالية والسياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية، فإن البرنامج الحكومي تضمن جملة من الإجراءات العملية منها 40 إجراء في مجال تعزيز الهوية و90 ذات صلة بالإصلاحات السياسية والمؤسساتية و280 إجراء في مجال الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وست إجراءات تتعلق بإحداث صناديق مهمة منها صندوق الضمان الاجتماعي للمعوزين وصندوق التأهيل الجهوي وصندوق التكافل العائلي.

كما نص البرنامج الحكومي، يضيف رئيس الفريق على عدد من المؤشرات المهيكلة كالعمل على تحقيق نسبة نمو بمعدل 5ر5 في المئة خلال الفترة 2012-2016 والعمل على تحقيق نسبة نمو الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي بمعدل 6 في المئة وتخفيض البطالة إلى 8 في المئة والتحكم التدريجي في عجز الميزانية في حدود 3 في المئة من الناتج الداخلي الخام.

وقال إن البرنامج الحكومي جاء بعدد من المؤشرات الرقمية المرتبطة ببعض السياسات العمومية أو القطاعية كالرفع من وتيرة البرنامج الوطني للاقتصاد في مياه السقي في أفق 60 ألف هكتار سنويا، واستكمال مخططات التهيئة لاستغلال الثروة السمكية لبلوغ الهدف المتمثل في وضع 95 في المئة من الثروة السمكية تحت المراقبة، واستكمال مشاريع الشبكة الوطنية من الطرق والطرق السريعة عبر فتح 600 كلم من الطرق السريعة، إلى جانب إجراءات هامة في مجالات الصحة والسكن والحماية الاجتماعية.

ولم يفت عماري التأكيد على بعض "الملاحظات الاستدراكية العامة" سعيا إلى تحفيز الحكومة على الارتقاء المتواصل بأدائها، منبها في هذا السياق إلى ضرورة العناية بالأوقاف والنهوض بالشؤون الإسلامية، واعتماد سياسة لغوية إرادية وواضحة مشددا على ضرورة النهوض باللغة الأمازيغية مع العمل على رفع الحيف عن اللغة العربية، فضلا عن اعتماد سياسة ثقافية مندمجة وإعادة الاعتبار للثقافة كقطاع منتج.

وفي ما يتعلق بقضايا الإصلاح السياسي والمؤسساتي والحريات العامة وحقوق الإنسان، اقترح الفريق مراجعة القوانين المنظمة للمؤسسات المنتخبة في اتجاه ضمان النزاهة والشفافية، ومراجعة مناهج إعادة إدماج السجناء داخل المجتمع، إلى جانب تبسيط إجراءات تأسيس الجمعيات وضمان الحق في التجمهر السلمي وحرية التظاهر السلمي.

من جهته، قال رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية نور الدين مضيان إن هذا البرنامج يعتبر لبنة أساسية في انطلاق الدخول السياسي وفق قواعد ومتقتضيات حملها الدستور الجديد، مبرزا أن هذا البرنامج يعد نتاج عمل تشاركي للأحزاب الأربعة المشكلة للحكومة وانطلاقا من برامجها الانتخابية.

وأبرز مضيان أن الإصلاحات التي جاءت بها الحكومة الحالية هي امتداد لتلك التي انخرطت فيها سابقتها، معتبرا أنه وحتى يكون لهذه الإصلاحات أثر في ما يخص تحقيق المساواة بين المواطنين وما يتصل بربط المسؤولية بالمحاسبة يقترح الفريق بالخصوص التعجيل بإقرار القانون المتعلق بالحصول على المعلومات والوصول إليها وضمان الحد من الخدمات العمومية لفائدة المواطنين في حالات الإضراب عن العمل، فضلا عن وضع إطار قانوني وتنظيمي لمكافحة كل أشكال التمييز لولوج الوظائف وتحمل المسؤوليات.

وبعدما أكد أن البرنامج الحكومي جاء بتصور واضح المعالم حول الجهوية المتقدمة وتعميق اللامركزية، دعا إلى التعجيل بإخراج القانون التنظيمي المتعلق بالجهات إلى حيز الوجود، وكذا إعادة النظر في الميثاق الجماعي والقانون المتعلق بمجالس العمالات والأقاليم والقانون المتعلق باختصاصات العمال، معتبرا أن ربط المسؤولية بالمحاسبة كمبدإ كرسه الدستور يقتضي تفعيل جميع الاختصاصات والصلاحيات التي خولها لمجلس النواب في مجال تقييم ومراقبة عمل الحكومة بشكل دوري ومنتظم.

وفي ما يتعلق بالشق الاقتصادي، أبرز مضيان أن البرنامج التزم بالعمل على معالجة شمولية للاختلالات الهيكلية الخارجية وخاصة وضعية الميزان التجاري والحساب الجاري لميزان الأداءات، واصفا الإجراءات المعلنة لبلوغ هذا الهدف ب"الجادة والكفيلة بإخراج المغرب من الأزمة المزمنة لميزانه التجاري".

وشدد على الارتباط العضوي لمناخ الأعمال بالعمل على إصلاح القضاء وضمان العدالة الاجتماعية والحكامة والتأسيس لعلاقات اجتماعية سليمة ومحاربة الرشوة بكل تجلياتها والريع الاقتصادي وكل أشكال الزبونية.

بالمقابل، اعتبر رشيد الطالبي العلمي عن فريق التجمع الوطني للأحرار (معارضة) أن البرنامج الحكومي جاء خاليا من الأرقام والآجال والاستراتيجيات والمشاريع، متسائلا عن أي أساس سيراقب البرلمان عمل الحكومة.

وفي هذا السياق، طالب رئيس الحكومة "ببرنامج حكومي واضح المعالم والالتزامات يجيب عن الانتظارات والتطلعات المشروعة للشعب المغربي ويترجم وعودكم الانتخابية والتي تبوأتم على أساسها الصدارة في الاستحقاقات التشريعية الأخيرة"، مبرزا أن هذه اللحظة التاريخية التي يجتازها المغرب تحتاج إلى قرارات وبرنامج تاريخي وإلى حكومة قوية مبدعة وخلاقة.

كما انتقد غياب أجندة مفصلة لتنزيل مضامين الدستور وكذا الظرفية العالمية في البرنامج الحكومي، معتبرا أنه كان يفترض بها (الظرفية) أن تكون عاملا محددا في رسم التصورات الاستراتيجية لسياسة الحكومة.

وفي ما يتعلق بتمثيلية المرأة في الحكومة، انتقد العلمي ضعف تمثيلية المرأة في الحكومة، معتبرا أنها لا تعكس التقدم الذي حققته المرأة على مدى السنوات العشر الأخيرة من النضال.

وقال إن تغييب التمثيلية النسائية "هو تغييب لقوة هائلة لن يتطور المجتمع ولا البلاد بدونها"، مؤكدا أن الانجازات التي تحققت بالمغرب ساهمت فيها المرأة بشكل حاسم.

وستواصل الفرق والمجموعات النيابية بالمجلس مناقشتها للبرنامج الحكومي اليوم الثلاثاء وغدا الأربعاء.