دعي أكثر من 200 مليون ناخب أميركي للتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم الثلاثاء لاختيار رئيسهم للسنوات الأربع المقبلة في انتخابات تتوج حملة مضنية بين الرئيس الديموقراطي الطامح لولاية ثانية باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني الذي قرر تمديد حملته حتى آخر لحظة بعد سباق محموم دام عامًا ونصف العام انفقت خلاله مئات ملايين الدولارات على الدعاية الانتخابية واجتاز خلالها المرشحان للانتخابات الأميركية عشرات آلاف الكيلومترات في جولات انتخابية صافحا خلالها عشرات آلاف الأيدي وألقيا عشرات الخطابات، تعود اليوم الكلمة الاخيرة الى صندوق الاقتراع الذي سيحدد في نهاية النهار الانتخابي الطويل من منهما سيكون الفائز ويبدأ النهار الانتخابي الطويل عند الساعة 11:00 ت غ مع فتح اولى صناديق الاقتراع، اللهم اذا استثنينا قرية ديكسفيل نوتش الصغيرة في ولاية نيوهامبشير التي لا يزيد عدد ناخبيها عن حوالي 20 ناخبًا لا غير، هم وكما درجت العادة اول من يدشن صندوق الاقتراع وذلك عند الساعة 00:00 تغ من منتصف ليل الاثنين-الثلاثاء (05:00 تغ الثلاثاء).

 

منافسة محتدمة

 

ورومني (65 عامًا) الحاكم السابق لماساتشوستس (شمال شرق) والمليونير الذي بنى ثروة بفضل مهنته كرجل اعمال، ركز حملته الانتخابية على انتقاد حصيلة عهد منافسه في المجال الاقتصادي. اما اوباما (51 عاماً) فقدم نفسه خلال الحملة مدافعًا عن ابناء الطبقى الوسطى التي لا تزال تعاني تبعات الازمة المالية التي ضربت البلاد عام 2008 وحتى اللحظة الاخيرة من السباق الرئاسي، اظهرت استطلاعات الرأي على المستوى الوطني أن كلا المرشحين يتمتعان بنفس القدر من نوايا التصويت، لكن حظوظ اوباما بالفوز هي في الواقع اكبر بقليل من حظوظ منافسه، وذلك خصوصاً بفضل النظام الانتخابي غير المباشر الذي يحكم الانتخابات الرئاسية الاميركية حيث تختزل عشر ولايات اساسية من اصل ولايات البلاد الـ50 العملية الانتخابية برمتها، وبالتالي فإن الانظار كلها تنصب عليها.

 

ولاية نيويورك

 

واعلن حاكم ولاية نيويورك اندرو كومو أن سكان ولاية نيويورك الذين تشردوا من منازلهم بسبب العاصفة ساندي يمكنهم التصويت في أي مركز اقتراع في الولاية وليس فقط في المركز المحلي المخصص لهم وقال كومو "لقد وقعت أمرًا تنفيذيًا يسمح بذلك". واضاف "تستطيعون التوجه الى أي مركز اقتراع اذا كنتم مشردين، مع توقيع اقرار مكتوب، والتصويت في ذلك المركز". وتخص هذه الخطوة سكان مقاطعات نيويورك وناساو وسفولك في الجزيرة التي تضررت بالاعصار ساندي، وسكان مقاطعتي ويشستر ورولاند شمال وغرب المدينة.

 

أوهايو بلا منازع

 

والولاية الأبرز التي ستشد إليها الانظار مساء الثلاثاء ستكون وبلا منازع ولاية اوهايو (شمال). فما من جمهوري نجح في دخول البيت الابيض من دون أن يفوز بهذه الولاية، وهي مهمة تبدو صعبة ولكن غير مستحيلة على رومني، فجميع استطلاعات الرأي تظهر اوباما متفوقًا على خصمه في هذه الولاية، وان كان تفوقه بفارق ضئيل وستبدأ اولى النتائج بالصدور قرابة الساعة 23:00 ت غ، ولكن في بلد يمتد بعرض قارة باسرها وفيه ست مناطق زمنية، من الساحل الشرقي الى هاواي فإن اسم الفائز قد يبقى مجهولاً لفترة طويلة من الليل اذا ما كان الفارق بين المرشحين ضيقًا في المقابل، فإن الحسابات الانتخابية تظهر أنه في حال فاز اوباما بكل من اوهايو وفلوريدا (جنوب شرق) وفرجينيا (شرق) وكان فوزه بفارق واضح عن منافسه، فإن العملية ستحسم لصالحه اعتبارًا من اولى ساعات المساء.

 

سيناريو 2000

 

وفي هذا الاطار لا يغيب عن الاذهان السيناريو الكابوسي الذي خيم على الانتخابات الرئاسية في العام 2000 عندما تأخر اعلان اسم الفائز قرابة شهر كامل بسبب طعن بعملية فرز الاصوات في ولاية فلوريدا، ما حتم اعادة جمع الاصوات، وهذا السيناريو على سيئاته لا يستبعد حصوله أي من فريقي الحملة، لا سيما وان كلاً منهما جهز جيشاً من الحقوقيين والمحامين والخبراء لهذه الغاية وبعد عطلة نهاية اسبوع محمومة وعشرات التجمعات الانتخابية التي عقدها المرشحان لمنصب نائب الرئيس، واصل اوباما ورومني حملتيهما الاثنين حيث تواجدا بفارق بضع ساعات في نفس المكان قرب كولومبوس في ولاية اوهايو الحاسمة وبعد ولايات الوسط الثلاث الحاسمة ويسكونسن واوهايو وايوا (وسط) التي ظل فيها اوباما حتى مساء الاثنين يقوم بحملة انتخابية، من المقرر أن يعود الرئيس الى شيكاغو في ايلينوي (شمال) حيث ينضم الى زوجته ميشال ويتابع النتائج مساء الثلاثاء.

 

أوباما يقضي وقته بلعب كرة السلة

 

ولا يلحظ جدول اعمال الرئيس المنتهية ولايته أي خطاب علني قبل ذاك المقرر مساء الثلاثاء في قصر المؤتمرات على ضفة بحيرة ميتشيغن، وقد اكد فريق حملته أنه سيقضي الوقت بلعب كرة السلة. ولحث الناخبين على الادلاء باصواتهم مبكرًا سعى اوباما لان يكون قدوة في هذا المجال اذ ادلى بصوته نهاية تشرين الاول/اكتوبر في معقله السياسي اما رومني فسيصوت الثلاثاء في بيلمونت (ماساتشوستس) حيث يقيم، في حين سيقيم حفل انتظار اعلان النتائج في عاصمة الولاية بوسطن. ولكنه وفي اللحظة الاخيرة قرر استغلال آخر دقائق المعركة الانتخابية حيث سيقوم الثلاثاء، أي نهار الانتخابات، بجولات انتخابية في كل من اوهايو وبنسلفانيا ومنذ اسابيع حاول رومني الاستيلاء على شعار "التغيير" الذي كان اوباما رفعه شعارًا له في انتخابات 2008. وقال مساء الاثنين في كولومبوس بولاية اوهايو إن "التغيير لا يقاس بالخطابات بل بالنتائج. وفي اربع سنوات وعد المرشح اوباما بأن يفعل الكثير لكن اخفق كثيرًا".

 

وقبل ساعات من رومني زار اوباما المدينة نفسها برفقة نجم موسيقى الروك بروس سبرينغستين ونظيره في عالم الراب جاي-زي. وقد رد المرشح الديموقراطي على محاولة منافسه سرقة شعاره فقال "نحن ندرك كيف يكون التغيير، وما يريده (رومني) ليس ابدا التغيير". ولكن، ايًا كان الفائز في هذه الانتخابات فهو سيصطدم بالكونغرس القوي المحتمل أن تتغير موازين القوى فيه تماما، كون الانتخابات الرئاسية ترافقها انتخابات تشريعية فمجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون سيتم تجديده بالكامل في انتخابات الثلاثاء في حين أن ثلث اعضاء مجلس الشيوخ حيث الديموقراطيون هم من يتمتعون بالاكثرية سيخوضون معارك تجديد الولاية. وفي انتخابات الثلاثاء ايضًا سيدلي الناخبون بأصواتهم في اكثر من 170 استفتاء محليًا.