شنّ محللون هجوماً على فرنسا في أعقاب التقارير التي تحدثت عن معسكرات لتدريب "الجهاديين" في تونس وإرسالهم للقتال في سوريا ومالي، واعتبر المحلل محمد ضيف الله أن فرنسا التي قد تكون منقسمة داخليًا وتشهد خلافات إلا أنها تتوحد في سياستها الخارجية، وهذه المرة وحدتها ضد تونس قلل محللون من شأن التقارير الإعلامية الفرنسية التي تتحدث عن وجود معسكرات في تونس لتدريب مقاتلين قبل إرسالهم إلى سوريا ومالي، والأمر ذاته نفته السلطات التونسية التي أكدت عدم صحة تلك الأنباء وقالت وزارة الداخلية التونسية إن التقارير التي نشرتها وسائل إعلام فرنسية وتحدثت عن وجود معسكرين اثنين لتدريب الجهاديين في تونس هي " غير صحيحة "، وأنّ " قوات الأمن الداخلي بالتعاون والتكامل مع وحدات الجيش الوطني تلازم اليقظة المستمرة لحماية حدود البلاد وتجنب المخاطر التي يمكن أن تهدّد أمن تونس واستقرارها." 

 

وكانت مجلة " ماريان " الفرنسية أوردت تقريرًا عن وجود " مجموعات إسلامية جهادية تقوم بتدريبات شمال تونس وجنوبها استعداداً للمشاركة في القتال الدائر في سوريا ومالي."  كما أوردت صحيفة " لكسبرسيون دي زاد " الجزائرية أنّ " تونس تضم على الأقل مخيمين اثنين لتدريب الجهاديين، الأول في منطقة طبرقة شمال تونس والثاني بأقصى الجنوب بالصحراء التونسية قرب منطقة (واحات غدامس) الحدودية مع ليبيا" بينما تشير معلومات متداولة في المواقع الإجتماعية إلى وجود "مجموعات سلفية تتدرب في مخيمات في شمال تونس وجنوبها قبل إرسالها للمشاركة في "الحرب المقدسة " في سوريا . "

 

وكان الجيش التونسي أعلن في يونيو الماضي 2012 أنّ منطقة المثلث الصحراوي في أقصى جنوب تونس قريبًا من الحدود الليبية و الجزائرية " منطقة عسكرية مغلقة " وأفادت تقارير إعلامية من سوريا بوجود مقاتلين تونسيين تمّ إيقافهم وهم يقاتلون في صفوف الجيش السوري الحرّ ، وقتل عدد منهم  وكان الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي ، المتحالف مع حزب النهضة ، وصف المجموعات السلفية التي يصل عددها إلى نحو ثلاثة آلاف فرد ، بأنها تمثل "خطراً كبيراً " على المغرب العربي .

 

أجندات سياسية 

من جهته أوضح المحلل السياسي محمد ضيف الله في إفادة لـ "إيلاف" أنّ "فرنسا كعادتها تريد أن تدخل أنفها في الشأن التونسي لأن الموقف السياسي الفرنسي لا يختلف عما يدور في وسائل الإعلام وما يكتب من تقارير دائمًا تكون وراءها أجندات سياسية معينة ، ففي فرنسا يمكن أن تكون هناك خلافات داخلية بين حزب و آخر أو بين شق و آخر و لكن بخصوص السياسة الخارجية يتم الاتفاق مع كل التيارات ، من اليمين إلى اليسار، على خطوط عريضة و تقوم كل الأطراف بالسير على نهج واحد بين جميع الفرقاء من سياسيين و رجال أعمال، وتلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًا في هذه السياسة".

 

تهويل و تضخيم 

وأشار ضيف الله إلى أن "الوضع الحالي بعد ثورة 14 يناير يبدو أنه لا يروق لفرنسا وبالتالي تعمل على تصوير تونس على أنه بلد لا يعيش حالة استقرار بعد الثورة التونسية بل ثمة فوضى وإرباك واضطرابات على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط غير بعيد عنها ، وعدم الاستقرار هذا يهدد الفرنسيين ومن غير المستبعد أن تدفع فرنسا بقية الدول الأوروبية نحو اتخاذ موقف محترز من النظام الجديد ففرنسا لم يكن لها موقف جيد من الثورة و لم ترحب بها" وتابع:" اليسار الفرنسي لم يرحب أصلاً بالثورة التونسية وله امتداده في الساحة السياسية التونسية من خلال عدد من التيارات وبعض الشخصيات و بالتالي من مصلحة فرنسا أن تخدم بعض الأطراف داخل الساحة التونسية بتهويل الأمور و إشاعة الفوضى".

 

الإشتراكيون و الساحة التونسية 

وبّين ضيف الله أن الحزب الإشتراكي الفرنسي هو جبهة و ليس حزباً، و بالتالي هناك تيارات داخله و لكل شق زعامته وآراؤه و أفكاره في السياسة الداخلية و الخارجية ، وأضاف:" هم لا يختلفون كثيرًا و لكنهم لا يراهنون على شق واحد وهناك أطراف في تونس مثلاً ومن خارج حزب التكتل الديمقراطي للعمل و الحريات تراهن عليها وهنا علاقات قديمة ، والموقف من حزب التكتل جاء نتيجة توازنات قديمة لأنه في فترة ما كان هو الأقرب في الساحة السياسية التونسية للاشتراكيين ، أما حاليًا هناك أطراف أخرى وفي مواقع أخرى وربما أكثر راديكالية من رئيس حزب التكتل مصطفى بن جعفر ، وقد تكون هذه الأطراف الأخرى بينت أن بن جعفر ارتمى في أحضان حركة النهضة والتيار الديني، ويضم حزب نداء تونس أطرافًا قد تكون ناشطة في هذا التيار".

 

 

لا للتفريط في السيادة الوطنية

بينما شدّد المحلل السياسي جميل اللباسي في تصريح لـ"إيلاف"على أن الدول الكبرى على غرار فرنسا لها دائما مصالح ومطامح ومطامع، وقال:" باريس ترغب في مراقبة الأوضاع ولتونس تجربة مع هذه الأوضاع ومن مصلحتنا أن يكون لنا شركاء نتعاون معهم لما فيه مصلحتنا دون التفريط في سيادتنا الوطنية" وأكد اللباسي وجود حالات تهويل وتخويف وبث الإشاعات مشدداً على عدم وجود حالات بمثل الخطورة التي تثيرها التقارير الواردة من وسائل الإعلام الفرنسية .

 

الحيطة و الحذر 

وشدد اللباسي على ضرورة  اتخاذ الحيطة و الحذر و التثبت من هذه الأخبار و التقارير وأضاف:" يجب عدم التسرع والإنجرار نحو بعض أقاويل التي تشير إلى التهويل" مشيراً إلى وجود أخطار ، وأن "على التونسيين الذين لهم هاجس الحفاظ على بلادهم و أمنها و السلم الأهلي أن تتكاثف جهودهم حتى لا يحصل الاضطراب لا بالقول و لا بالفعل أو بالإشاعة و الممارسة التي لا يتمنى أحد أن نصلها لتسيل دماء التونسيين " وأكد أنّ الوضع غير عادي في المنطقة "فهناك مخاطر عالية والبؤر التي فيها عنف يمكن أن تمتد لتصل تونس وذلك من خلال ما يحدث في مالي والوضع غير المستقر في ليبيا إلى جانب الحديث عن أسلحة بعد أحداث ليبيا لا سيطرة عليها من طرف السلطات الليبية، هذه مسائل تدعو إلى الحذر دون أن تتحول إلى " فزاعة " للخوف وبث الفوضى التي قد تصل إلى إرباك الوضع العام ".

 

محاولات إنشاء إمارة إسلامية

وكان وزﯾر اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻋﻠي ﻟﻌرﯾض أكد في شهر فبراير الماضي خلال " أحداث بئر علي بن خليفة " أنّ "اﻟﮭدف من تلك الأحداث هو إﻧﺷﺎء إﻣﺎرة إﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲﺗوﻧس" وﻟم ﯾﺳﺗﺑﻌد وزﯾر اﻟداﺧﻠﯾﺔ أن ﺗﻛون ﻟﮭذه "اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺗطرﻓﺔ "  ﺻﻠﺔ ﺑﺗﻧظﯾﻣﺎت ﻣﺗطرﻓﺔ ﻓﻲ ﻟﯾﺑﯾﺎ قد تكون شاركت ﻓﻲ اﻹطﺎﺣﺔ ﺑﻧظﺎم اﻟﻘذاﻓﻲ وقد ضبط لدى الشبان الذين تورطوا في تلك الأحداث والذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عامًا حوالي 34 قطعة سلاح من نوع « كالاشينكوف » و2278 رصاصة إلى جانب مسدّس كاتم صوت و مبالغ مالية هامة من عملات وطنية وأجنبية قيمتها 62 ألف دولار، و1250 ديناراً ليبياً و3 آلاف دينار تونسي تم تهريبها .