ارتأينا أن نناقش زيارة مؤسسة كينيدي لحقوق الإنسان في شخص ممثلتها "كيري كينيدي" لمنطقة الصحراء المتنازع بشأنها، لأن هذه الزيارة كلفت خزينتنا 140 مليون دولار، ومن خلال هذا الرقم الكبير وجب علينا كشعب جزائري مسؤول، أن نطرح عدة أسئلة باتت تُؤرقنا و هي في مجملها محورية...؟؟؟، ما دامت تلك العطايا و الإكراميات اللامحدودة التي صُرفت من أجل زيارة الناشطة الحقوقية، تُنفق من المال العام أي مال شعبنا الجزائري الذي يعاني الأمرين.

 

فهل من مصلحة الشعب الجزائري أن تُبذر ثرواته المالية و الطبيعية، على حرب غير تقليدية، و التي كانت سبباً رئيسياً في استنزاف خزينة الدولة منذ بداية هذه الحرب السرية حيث فاقت أكثر من 200 مليار دولار، كان الأجدر أن تذهب في صالح شعبنا الجزائري، من أجل تحسين وضعيتنا الاقتصادية و الاجتماعية المُتردية، أو بالأحرى إصلاح البنية التحية المهترئة لبلد المليون شهيد، أو حتى التفكير في صرف تلك الأموال في إصلاح المُستشفيات العمومية و تجهيزها بكل المستلزمات الضرورية، و إصلاح الطرقات، و توفير مصادر الطاقة الضرورية كالكهرباء و الغاز...، بدل أن تغرق الدولة في الظلام الدامس و الحرارة المفرطة، و الصراعات الضيقة لجنرالاتنا الأشرار "لا جازاهم الله"، من أجل الغنى و الثراء الفاحش على حساب نكسة و نكبة الشعب الجزائري، فكلهم يتهافتون من أجل أن تدوم هذه الحرب المصطنعة، كي تبقى مواردنا الطبيعية (البترول و الغاز...) ملاذاً آمناً لهم و لأولادهم من أجل تضخيم أرصدتهم المالية بالداخل و الخارج، فجزائر الخير ما زالت تُغدق عليهم من خيراتها، ما دام الشعب في سبات عميق، و ما دامت الحرب المُختلقة في الصحراء تشد أوزارها، فهي التي تُلهم كل لصوص الجزائر و أعني بهم المؤسسة العسكرية (الجنرالات الحركيون) من أجل النهب ثم النهب...

 

و أظن أننا لو رجعنا إلى الوراء سنرى أن بلدنا بلد شريف على مر التاريخ، فقد استطعنا بفضل رجالاتنا الباسلين من طرد المُعمر الغاشم، بشهادة كل المنتظم الدولي، لكن علينا أن تُسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية، و أن لا ننكـر دعم الشعب المغربي الشقيق الذي كان معنا في السراء و الضراء، و بات من الضروري أن تطرح السؤال التالي، هـل من صالح الشعب الجزائري أن يُعادي دولة شقيقة كالمغرب...؟؟؟، كانت لنا خير رفيق في كل المحن و الويلات التي عرفتها دولتنا أيام الإستعمار الفرنسي، و هل نسينا أنه يجمعنا و إياهم رابطة الدم و الإسلام و العروبة، و أنهم كانوا يحاربون الدخلاء بكل غال و نفيس، فقد عمل الجنرالات الحركى على قطع صلة الرحم بين الشعبين منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، و أدخلوا شعبين شقيقين في حرب غوغاء لا مصلحة لهما بها سوى القطيعة و الضغينة..

 

و رجوعاً إلى تلك الزيارة، و أقصد بها زيارة "كيري كينيدي" التي لم تتعدى 24 ساعة، و التي كلفت خزينة الشعب الجزائري 140 مليون دولار، كانت بشروط مُسبقة من "مؤسسة كينيدي"، حيث رافقها طاقم لا علاقة لهم بحقوق الإنسان وهو عبارة عن فرق تبشيرية من كنيسة صخرة المسيخ  بالولايات المتحدة  ثم استقبالهم من طرف محمد عبد العزيز وثم الاتفاق على أستقبال حوالي 500 طفل صحراوي سنويا ، يقضون عطلتهم الصيفية بأمريكا ، في إطار ”برنامج الأطفال الصحراويين” ترعاه الكنيسة ، التي لا تخفى أهدافها التنصيرية أطلقت على البرنامج  اسم ”ُّ نمٌ لَىومق ” يسعى إلى إدخال برامج أساسية في التعليم الصحراوي مثل الانجليزية والفنون والموسيقى .

 

و الكارثة أن مؤسستنا العسكرية وافقت كيري كينيدي في طرحها التبشيري، و هذا يتنافى مع مبادئنا كبلد إسلامي، و في نظري هذا منتهى التقصير في السماح للتنصير أن يلج تراب بلدنا العربي المسلم، و على ما يبدو أن المؤسسة العسكرية الفاسدة، لا تهمها المسألة العقائدية في بلد يتخذ من الإسلام دينا و من اللغة العربية لسانا ، و الواضح أن "الحركيين" ضربوا عرض الحائط بتاريخ شهداء الجزائر الأبرار "بلد المليون شهيد" و استبدلوه " ببلد "المليون دولار".

 

 و يبدو أن زيارة "كيري كينيدي" انتهت قبل بدايتها، لأنها قد أفرغت من محتواها الحقوقي و الإنساني، و كانت لها أبعاد أخرى (التبشيرية و التنصيرية و الأهم بالنسبة لها هو الإسترزاق..)، و هنا أكلم ألباب كل العارفين و المتتبعين لمسيرة كيري كينيدي، فهي نفسها تفتقد إلى المصداقية، فقد كانت موضع انتقادات لاذعة من طرف الإعلام الأمريكي مؤخراً، كونها إمرأة مدمنة كحول و مخدرات صلبة، و كان الأجدر بها أن تقوم بزيارة إحدى مصحات الإدمان بدل زيارة المخيمات، لذا فما جدوى و مصداقية  تقرير حقوقي، لا تتمتع صاحبته بالمصداقية فقد ضاعت ملايين الشعب من أجل تقرير فارغ المحتوى.

 

 المصدر:الجزائر تايمز

ش . بلقاسم (خـاص) للجزائر تايمز