أفرجت ليبيا يوم الاثنين عن موظفي المحكمة الجنائية الدولية الأربعة الذين ورط اعتقالهم في مطلع يونيو حزيران بسبب اتهامات بالتجسس الحكومة الانتقالية في أكبر جدل دبلوماسي منذ الثورة التي اندلعت العام الماضي وكانت المحامية الاسترالية مليندا تيلور والمترجمة المولودة في لبنان هيلين عساف اعتقلتا في بلدة الزنتان في السابع من يونيو حزيران واتهمتا بتهريب وثائق الى سيف الاسلام القذافي. وقرر زميلان لهما في فريق المحكمة البقاء معهما وأُفرج عن الاربعة يوم الاثنين بعد اعتذار من المحكمة الجنائية الدولية التي توجه رئيسها سانج هيون سونج الى الزنتان من اجل الافراج عنهم بعد اسابيع من الضغط من قبل المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها ومجلس الامن وحلف شمال الاطلسي والحكومة الاسترالية.

وقال سونج في مؤتمر صحفي في المدينة الواقعة في غرب ليبيا "أود أن أعتذر عن الصعوبات التي وقعت نتيجة لهذه السلسلة من الأحداث. اثناء قيام (المحكمة الجنائية الدولية) بواجباتها لم يكن لديها نية لان تعرض الأمن القومي في ليبيا للخطر" وخرجت تيلور وعساف بعد المؤتمر الصحفي من غرفة صغيرة كانتا تنتظران بها ونقلتا الى مكان آخر تناولتا فيه طعام الغداء. وبدا عليهما التعب والارهاق وكانت كل منهما ترتدي عباءة وتغطيان جزءا من شعرها لكنهما كانتا تبتسمان ورافق مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية سفراء لبلادهم إلى مطار طرابلس العسكري مساء اليوم. وصعدوا إلى طائرة ايطالية وقد علت وجوههم الابتسامة في طريقهم إلى أوروبا.

وكانت المحكمة اوفدت تيلور الى ليبيا لتمثيل سيف الاسلام الذي تريد المحكمة الجنائية الدولية تسليمه ليواجه اتهامات تتعلق بحرائم حرب تثور مزاعم عن ارتكابها خلال الانتفاضة التي دعمها حلف الاطلسي وأطاحت بوالده العام الماضي. وترفض ليبيا حتى الان تسليمه قائلة انها تفضل محاكمته على أرضها وقال نائب وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز في مؤتمر صحفي ان هناك اتفاقا على مواصلة المفاوضات مع المحكمة الجنائية الدولية مضيفا انه اذا كانت المحكمة تريد ارسال فريق آخر فعليها ان ترسل فريقا يحترم السيادة الليبية ويرجح خبراء قضائيون عدم حصول سيف الاسلام على محاكمة عادلة في ليبيا حيث سلط اعتقال مسؤولي المحكمة الضوء على التحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية في بسط سلطانها على الميليشيات الكثيرة التي ساعدت في الاطاحة بالقذافي وتتنافس الان على السلطة.

ولا تسيطر الحكومة المركزية فعليا على بلدة الزنتان الجبلية بغرب ليبيا. ولان سيف الاسلام في قبضتها اكتسبت كتيبة الزنتان نفوذا في التعامل مع حكومة طرابلس بينما تحاول التفاوض على مصيره مع المحكمة الجنائية الدولية وضع إلقاء القبض على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية أيضا الحكومة المؤقتة في موقف حرج حيث يتم التفاوض أساسا لاتفاق بين خاطفيه والعالم الخارجي وكانت المحكمة عبرت الشهر الماضي عن اسفها للسلطات الليبية فيما بدا انه اعتذار يستهدف ضمان الافراج عن موظفيها. وحصلت ليبيا ايضا على تعهد بأن تحقق المحكمة الجنائية الدولية في الواقعة ورحبت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان ومقرها الولايات المتحدة بعملية الافراج لكنها قالت ان ليبيا ليس لديها حق اعتقال المسؤولين من الاساس وقال ريتشارد ديكر مدير برنامج العدالة الدولية في المنظمة "ليبيا خاضعة للالتزام قانوني باحترام حصانة العاملين في المحكمة واذا كان لدى السلطات الليبية اي مخاوف تتعلق بسلوكهم فكان ينبغي لها ان تتقدم بشكوى للمحكمة."