قال التلفزيون السوري إن قوات المعارضة شنت هجوما على القصر العدلي في وسط دمشق يوم الخميس ونشرت تركيا قوات وبطاريات صواريخ مضادة للطائرات على امتداد الحدود السورية مع تزايد الضغوط على الرئيس بشار الأسد وترددت أصداء انفجار شديد في الشوارع وتصاعد عامود من الدخان الأسود فوق دمشق التي كانت حتى الأيام القليلة الماضية بعيدة عن ضربات مقاتلي المعارضة المسلحة. ووصف التلفزيون الحكومي الهجوم بانه تفجير "إرهابي" وتناثرت عشرات من السيارات المحطمة والمحترقة في أرجاء مربض للسيارات يستخدمه المحامون والقضاة. وقالت الوكالة العربية السورية للانباء ان ثلاثة اشخاص أصيبوا بجراح من جراء انفجار قنبلة مخبأة في إحدى السيارات.

وتزامن الانفجار مع حشد عسكري تركي على الحدود مع سوريا وتزايد الإحساس بإلحاح الجهود الدبلوماسية التي يساندها الغرب والعرب لكسب التأييد لفكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية لإنهاء 16 شهرا من إراقة الدماء غير ان الأسد نفسه رفض فكرة أي حل خارجي للأزمة السورية وأبلغ الاسد التلفزيون الرسمي الايراني في مقابلة "لن نقبل اي نموذج غير سوي وغير وطني.. سواء جاء من دول كبرى أو دول صديقة. لا أحد يعرف كيف تحل مشاكل سوريا مثلما نعرف نحن" وقال إن موقف تركيا الرسمي يخالف "النظر الإيجابية" عن سوريا لدى الشعب التركي.

واتجهت قافلة أولى من نحو 30 مركبة عسكرية تركية من بينها شاحنات محملة ببطاريات صواريخ مضادة للطائرات من مدينة الإسكندرونة الساحلية صوب الحدود السورية على بعد 50 كيلومترا وقال مسؤول تركي طلب ألا ينشر اسمه انه لا يعرف عدد القوات أو المركبات التي يجري نشرها لكنها ترابط في مناطق يايلاداجي والتينوزو وريحانلي الحدودية وقال لواء في الجيش السوري الحر المعارض يوم الجمعة ان قوات الحكومة السورية حشدت نحو 170 دبابة إلى الشمال من مدينة حلب بالقرب من الحدود مع تركيا لكن لم يرد تأكيد للنبأ من مصدر مستقل وقال اللواء مصطفى الشيخ رئيس المجلس العسكري الأعلي -وهو تجمع لكبار الضباط الذين انشقوا عن قوات الرئيس بشار الأسد- ان الدبابات تجمعت في مدرسة المشاة بالقرب من قرية المسلمية الى الشمال الشرقي من مدينة حلب على بعد 30 كيلومترا من الحدود التركية.

وقال الشيخ لرويترز هاتفيا من الحدود "الدبابات الآن في مدرسة المشاة. وهي إما تستعد للتحرك إلى الحدود لمواجهة نشر قوات تركية أو لمهاجمة البلدان والقرى السورية (المعارضة) في منطقة الحدود شمالي حلب وحولها" وأضاف قوله ان الدبابات في معظمها من الفرقة الميكانيكية السابعة عشرة وجاء نشر تركيا أسلحة للدفاع الجوي على امتداد حدودها مع سوريا في اعقاب اسقاط طائرة حربية تركية فوق البحر المتوسط ورأى مراسل لرويترز قرب بلدة انطاكيا القافلة التركية وهي تتحرك من التلال وعبر بلدات صغيرة على طريق سريع ضيق ترافقها الشرطة.

وفي وقت مبكر يوم الخميس غادرت قافلة أخرى قاعدة في غازي عنتاب قرب الحدود السورية واتجهت الى اقليم كيليس الذي يوجد به مخيم كبير للاجئين السوريين. وأظهر تسجيل فيديو لوكالة (دي.إتش.ايه) القافلة المكونة من نحو 12 شاحنة وناقلة وهي تمر عبر بوابة القاعدة ووصف ديفيد هارتويل المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة (آي.إتش.إس) جينز التحرك التركي بأنه "رد فعل عملي وعقلاني" بعد إسقاط الطائرة التركية التي تصر سوريا على أنها كانت تحلق على ارتفاع منخفض وبسرعة في المجال الجوي السوري وأضاف "تم تحذير دمشق مرة. أشك أنه سيكون هناك تحذير ثان."

وقال اعضاء بالجيش السوري الحر بالقرب من الحدود لرويترز إنهم لا يعتقدون أن نشر القوات التركية يجري على نطاق واسع أو انه يمهد لتدخل عسكري عبر الحدود وقال قائد كبير بالجيش السوري الحر طلب عدم نشر اسمه "الاتراك يعرفون ان اي عمل عسكري على نطاق كبير سيحتاج الى دعم دولي" وكانت تركيا قد تحدثت فيما مضى عن فتح ممر انساني على الاراضي السورية اذا أصبحت غير قادرة على التعامل مع تدفق اللاجئين او اذا بات العنف والقتل غير محتملين وتخشى تركيا اثارة صراع طائفي اقليمي لهذا تؤكد دائما إن هذا لا يمكن ان يتم دون تأييد من الامم المتحدة. وفشلت الجهود التي تدعمها دول عربية وغربية حتى الآن في التوصل الى حل دبلوماسي مشترك مع روسيا.

وكثف الجيش السوري الحر الضغط على دمشق في الاسابيع القليلة الماضية ويمثل هجوم يوم الخميس مرحلة جديدة في حملته واقتحم مقاتلون من المعارضة يوم الأربعاء قناة تلفزيونية موالية للاسد واستهدف مسلحون ثكنات افراد من الجيش والشرطة. وفي ابريل نيسان أطلق مسلحون قذائف صاروخية على مبنى البنك المركزي.

وقال مسؤول كبير بالمعارضة إن جماعات المعارضة السورية سترفض خطة للانتقال السياسي اقترحها المبعوث الدولي للسلام كوفي عنان ما لم تطالب الاسد صراحة بالتنحي قبل تشكيل حكومة وحدة وذكرت مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة أن اقتراح عنان الذي يهدف الى إنهاء الصراع المستمر منذ 16 شهرا في سوريا لا ينص على تنحي الأسد غير أنه يقول إنه يجب الا تضم حكومة الوحدة شخصيات تعرض الاستقرار للخطر وقال سمير النشار العضو بالمجلس الوطني السوري "لايزال الاقتراح غير واضح بالنسبة لنا لكنني أستطيع أن أقول إنه اذا لم يذكر صراحة أن على الأسد التنحي فإنه لن يكون مقبولا لنا."

وقال دبلوماسيون بالأمم المتحدة إن خطة عنان بشأن انتقال السلطة ستكون احد الموضوعات الرئيسية التي ستبحثها روسيا والدول الاربع الاخرى دائمة العضوية في مجلس الامن مع دول أخرى بالشرق الاوسط خلال اجتماع يعقد في جنيف يوم السبت لكن مقاتلي المعارضة يقولون إنه لا يوجد ما يمكن قبوله في الخطة وإن صبرهم يوشك أن ينفد فيما يتعلق بجهود احلال السلام التي يبذلها عنان وتقول الامم المتحدة إن اكثر من عشرة الاف شخص قتلوا خلال الانتفاضة على حكم الاسد وفي ابريل نيسان حاول عنان تنفيذ وقف لإطلاق النار لإخماد أعمال العنف قبل بدء محادثات للسلام. لكن الهدنة لم تصمد وقالت مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة إن الخطة التي سيطرحها عنان يوم السبت تهدف الى بدء عملية سياسية دون انتظار وقف إطلاق النار.