جعل الجميع يعرف أين تتناول وجبة فطورك كل صباح، هل بمقهى شعبية قديمة مازالت صورة المغفور له محمد الخامس معلقة على أحد جدرانها، والجميع يعرف ما يضمه " menu" المقاهي الشعبية! أم بمقهى مجهزة بـ" wi-fi" تتيح لك إمكانية نشر أين تتموقع، مقهى من فئة خمس نجوم بإحدى الشوارع الكبرى المعروفة !

 

أصبح الجميع يعرف ما هو لباس اليوم و" Plat du jour " وتسريحة الشعر لذلك اليوم، و إحساس ذلك اليوم "واش moral zéro" أم حالتك النفسية جيدة !

 

جعلنا نأخذ صورا تذكارية " فين كنصوّرو طرف ديال الخبز" ونعرف تفاصيل أشياء بعضنا البعض، نسافر معا ونعود أدراجنا معا، نبارك زواج بعضنا البعض ونتحصّر طلاق بعضنا، مصحوبا بعبارات " مايسْتهلكش و ألف واحد يتنماك" نبارك المواليد الجديدة ونختار لها أسماء، كـنور ، خلود ، منتصر ولميس...

 

نبدأ الصباح معا، وننهي اليوم معا بتبادل عبارات "Bonne nuit , Bon rêve" شخصيا منذ أن فتحت دكانا بقيسارية الفايسبوك، لم أحلم يوما حلما واحدا كما أريده.. فقط أمثال أحلام الزواج من الوزيرتين في الحكومة السابقة ! وأحلام أخرى تكثر فيها الأرقام والحسابات الطويلة العريضة و المعادلات المعقدة ! نبارك جميعا يوم الجمعة و لا يصليها إلا القليل منا أو العديد منا إلى حين توفر إحصائيات من الأوقاف والشؤون الاسلامية !

الفايسبوك قتل العديد منا بالإشاعة، و أحيا آخرين بالخطأ! كشف لنا عن تناقضات بالجملة نعيشها بدون أن نحس.. كشف عن أقنعة بالعشرات نستبدلها كل يوم، وعن العديد من الشخصيات أصبحت محبوبة لدينا تضطرنا إلى وضع " جيم " عند كل موقف تعيشه... تزوج العديد منا من خلاله بدون حب، وأحب فيه اخرون بدون زواج ! وطُلق البعض بسبب فتح حساب به دون تصريح!

 

إلتجأت إليه الشركات العالمية، و القنوات و العاهرات، الشواذ، الحقوقيين والسياسيين أصحاب الدكاكين الانتخابية، والهدف واحد عرض يليه طلب! فضاء تجد فيه كل أصناف البشر حيث تختلف وجهات النظر، ولا أحد يملك الحقيقة ! و مبادئ هناك من امتلكها فطبّل و زمر لها دون أن يفعّلها على أرض الواقع، و هناك من لا يزال يبحث عنها أو لا يملكها منه أصلا ! طُبقت به طرق عديدة في التعبير عن مشاعر الحب و عن الشر، وهناك من كشفت تعليقاته عن سواد لازمه في كل الأوقات و امن بالنصف الفارغة من الكأس في كل القضايا و كل المواقف!

 

كشف لنا عن أناس رفعوا شعار" ڭـولوا العام زين" و وظفوا طيلة سنة عباراة "جيم" حتى في أتفه الأشياء! هناك من كشفوا عن هواياتهم وميولاتهم الراقية، واخرون مازالوا في البحث عنها وسط الصفحات! كشف لنا عمن يُدلون بآرائهم ويساهمون في إغناء الحوارات يسجلون حضورهم يتفاعلون وأفكارهم تفصح عنهم، بمقابل اخرون ما يزالون يبحثون أولا عن الانتماء لأنفسهم! يبقى الفايسبوك في الاخير القارة السابعة، وعالمنا الثاني بالقوة !