استغرب أغلب المواطنين و ندد أغلب النقابيين و حذر أغلب السياسيين والمحللين الاقتصاديين من كارثة اجتماعية و أمنية غير مدروسة ، نتيجة الزيادة في أسعار البنزين والكازوال من طرف حكومة تسيرها أغلبية تشمل الحزب الإسلامي للعدالة والتنمية ، الذي يرأس أمانته رئيس الحكومة الجريء جدا عبد الإله بنكيران و إذا علمنا بتفاجؤ برلمانيين وأعضاء من البيجيدي نفسه من هذا القرار المفاجئ ، حيث لم يعلموا به إلا عند محطات البنزين ،فماذا عسانا نقول عن  ممثلي الطبقة العمالية والكادحة ، خاصة أولئك الذين خرجوا في مسيرة البيضاء الأخيرة تحت شعار الكرامة أولا ممثلين في نقابات كبيرة مثل الكنفدرالية والفدرالية.

 

بل إن هاته الزيادة جعلت الضريس الرجل الثاني في الداخلية ينبه العمال والولاة بضرورة مراقبة أي تحرك أو خلل اجتماعي احتجاجي ، أو أية زيادة في أسعار تتبع هذا المستجد البنكيراني تساءل المحللون الاقتصاديون لماذا لم تصاحب هاته الزيادات بإصلاح حقيقي وعاجل لصندوق المقاصة ، أو بتحديد المعوزين الفقراء من المغاربة الذين قدروا بثمانية ملايين نسمة وتحقيق تعويضات مادية مناسبة لهم ، أو توجيه الدعم المباشر لهم ، حتى لا يكتووا بهذه الزيادات أكثر من غيرهم من الأغنياء، و من المرتبين في الطبقة المتوسطة ، هاته الطبقة المهددة هي الأخرى بالاحتياج.

 

لماذا لم تفرض ضرائب على الأغنياء مجاراة مع هذا الإجراء الجريء ضد الفقراء. لماذا تراجعت الحكومة عن ملاحقة اقتصاد الريع والتربح غير المشروع ، حيث أعلن وزير الفلاحة أخنوش مؤخرا أن الصيد في أعالي البحار ليس ريعا بل استثمار يتطلب ملايير السنتيمات ، لكنه لا يجرؤ على نشر لائحة المستفيدين من رخصات الصيد حتى نتأكد من قوله البريء. ألم تجد حكومة بنكيران غير الزيادة في أسعار البنزين للتخفيف من الأزمة المالية ، ولاستباق إمكانية فراغ خزينة الصندوق خلال شهر كما قالت المصادر الحكومية، هل جواب بنكيران بركوب الحافلات البارحة أمام مجلس المستشارين ، حين نشط جلسة وصفت بالبيزنطينية على رأي عرشان، للذين يتضررون من هذا القرار جواب شعبي  يخدم أجندة الحكومة الشعبية و يماثل برنامج العدالة والتنمية الانتخابي الموعود ، ويحقق توجه برنامج الحكومة المتقرب من الشعب...

 

لقد لاحظنا تناقضا صارخا في تصريحات بنكيران بين فكرة إلغاء صندوق المقاصة نهائيا وفكرة تعديل طريقة اشتغاله ، فمن شأن إلغائه رفع ثمن قارورة الغاز ل 120 درهما و رفع ثمن الكلغ الواحد من السكر ل 8 دراهم ، كما ترتفع أثمنة القمح الطري المدعم  لضعفها...

 

ففكرة إلغاء صندوق المقاصة تنبني على مخاطر جسيمة حسب المحللين ، حتى وإن وفرت 50 مليار درهم في صناديق ميزانية الحكومة حسب حسابات رجالات الاقتصاد بالحكومة الحالية وصف بنعبدالله قرار الزيادة في ثمن المحروقات  بالجريء ، لكن الإضراب الذي دعت إليه بعض جمعيات أرباب النقل سيكون أكثر جرأة،و يعد بمواجهات حامية مع هذا القرار. وقد سارع سائقو الطاكسيات الصغيرة لزيادة درهم واحد أو درهمين على التنقلات في مختلف المدن المغربية ، وحدثت مشادات كلامية عديدة بالرباط والبيضاء بين المواطنين والسائقين ، الذين لم يشاوروا أحدا في رفع ثمن النقل، مع أن تعريفة التنقل متفق عليها مع السلطات المحلية . و في مناطق أخرى مثل خريبكة أضاف سائقو الطاكسي الكبيرة نحو مدن كالبيضاء 5 دراهم دفعة واحدة.

 

الأمر الأمر القادم هو انتظار زيادة أسعار المواد الغذائية المنقولة من خضر وفواكه وسمك وحبوب وغيرها، فقد صرح بعض أرباب نقل البضائع ، أن من شأن الزيادة في أسعار الوقود  أن تؤثر سلبا على تكلفة النقل وبالتالي رفع أسعار السلع و المواد الاستهلاكية المنقولة ، وتحميل المواطن البسيط فاتورة الزيادة فكيف أقرت هاته الزيادة دون دراسات و تهييئات وتنسيق مع مختلف الفاعلين المرتبطين بالمواطن. وكيف لم تسبق هاته الزيادات بقوانين وتسهيلات وتعويضات للفقراء ، إما بإصلاح صندوق المقاصة عاجلا ، أو تفعيل صناديق التضامن مع الذين يعانون من الهشاشة البالغة ، وأغلب المغاربة هم كذلك ، فبنكيران نفسه دائما يقول / حنا المغاربة نقدرو  نعيشو غير بالخبز أو ياتاي / فمن شأن زيادات حكومتك يا بنكيران ، التي تسبق عطلة الصيف و إهلال رمضان والدخول المدرسي التي ستجتمع في شهرين اثنين يحدهما عيد الفطر  وعيد الأضحى ، وما يصاحب ذلك من ارتفاع معروف في الأسعار وزيادات في الاستهلاك و خلو السوق  أو ندرتها من مواد كالطماطم والحليب والخبز أيام الصيام ، أن ترفع ثمن الحبوب و الشاي والسكر ، لأن مصاريف النقل سترتفع...فلا ننصحك يا سيد بنكيران وحكومتك أن تمسوا صندوق المقاصة بتغيير جذري ، و إلا فلن يجد المغاربة سكرا ولا شايا ولا خبزا وبالتالي ستحرمهم من الخبز و أتاي أي ستحرمهم من سر حياتهم، ما من شأنه الإنذار بخريف مغربي ، وقد حذرت في أكثر من مرة بأن الربيع العربي لا زال لم ينته بعد.