قال المصطفى الرميد وزير العدل والحريات، إن هناك تضخما في عدد الوحدات القضائية، مؤكدا تأثير ذلك على ترشيد الموارد المادية والبشرية حيث أن 110 محكمة موضوع، و178 مركزا للقضاة المقيمين نصفها غير مشغل يتعين إعدادها لتفعيل قضاء القرب، بالإضافة إلى 241 محكمة للجماعات تم حذفها ويتعين توفير خدمات قضاء القرب بها وأوضح وزير العدل والحريات في كلمة له أمام هيئة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة بالرباط أن المتقاضين يعانون من بطء البت في القضايا، ملاحظا أن هناك تطورا غير متكافئ بين القضايا المسجلة والقضايا المحكومة وكذا الأحكام المنفذة.

 

وفي هذا السياق كشف الرميد عن تزايد عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم حتى وصل إلى:3.372.054 قضية سنة 2011. في حين لم يبلغ عدد القضايا المحكومة سوى 2.456.469 قضية أي بنسبة بَتٍّ بلغت 72,85%، في حين تخلف أمام محاكم الموضوع ما مجموعه 915.305 قضية أي 27,15% من القضايا الرائجة. كما أن نسبة هامة من الأحكام تبقى من غير تنفيذ (20%)، مع وجود صعوبات في التنفيذ ضد الإدارات العمومية وشركات التأمين، وصعوبات وإشكاليات في التبليغ تساهم في البطء في البت، بالإضافة إلى عجز كبير بالنسبة لقضايا التنفيذ الزجري.

 

43% من السجناء معتقلون احتياطيون

وعلى صعيد آخر أقرّ الرميد بعدم ترشيد الاعتقال الاحتياطي حيث أن 43% من السجناء هم معتقلون احتياطيون، بلغ عددهم 28500 من أصل 65200 نزيل، منبها إلى وجود نقص في تفعيل الآليات البديلة للاعتقال، وعدم التفعيل الأمثل لمبدأ الملاءمة بما يخدم مصالح الأطراف والصالح العام، وغلبة التطبيق الآلي للنصوص القانونية من قبل النيابة العامة وأشار وزير العدل في هذا السياق أن ذلك يستوجب جعل النيابة العامة آلية أساسية لتوفير الحماية وضمان احترام ممارسة الحقوق والحريات والسهر على التطبيق السليم للقانون، والاهتمام بتظلمات وشكاوى المواطنين ومعالجتها بالفورية اللازمة، وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان بين الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون.

12 قاض لكل 100 ألف نسمة

وفيما يتعلق بتدبير الموارد البشرية قال الرميد إنه فضلا عن الخصاص في عدد القضاة: 3749 قاض (بمعدل 12 قاض لكل 100000نسمة) فإن توزيعهم عدد غير مناسب، منهم 2879 قاض للحكم فقط و870 قاض للنيابة العامة. يضاف إلى ذلك الخصاص في الموارد البشرية (14588 موظف)  ونتيجة لكل ذلك يؤكد وزير العدل والحريات أن معدل نسبة القضايا المحكومة من القضايا الرائجة أصبح لا يتجاوز في المعدل 80 %، بحيث إن نسبة القضايا المخلفة تجاوز نسبة 20 % مما يساهم في زيادة البطء وتراكم القضايا. هذا بالإضافة للخصاص في التكوين، والخصاص في الأطر في ميادين الإعلاميات (130 مهندس)، والإحصائيات، والتواصل.

 

أزيد من 3 مليارات درهم ميزانية قطاع العدل

أما عن الميزانية المخصصة لقطاع العدل فأشار وزير العدل أن ضعفها يؤثر سلبيا على جهود ومبادرات الإصلاح، إذ بلغت الميزانية القطاعية للوزارة سنة 2011 حسب عرض الوزير ما مجموعه 3.146.060.000 درهم بما في ذلك نفقات الموظفين أي ما يشكل 1,88% من الميزانية العامة للدولة برسم سنة 2011، علما بأن نفقات موظفي الوزارة تبلغ 2.261.060.000 درهم، بينما تبلغ نفقات المعدات والنفقات المختلفة 311.000.000 درهم، وميزانية الاستثمار 574.000.000 درهم، يقول الرميد.

 

محاكم المملكة في وضعية صعبة

وفيما يخص البنية التحتية للعديد من المحاكم، أوضح الرميد أنها تعاني من القصور الذي يزيد من معاناة العاملين في القطاع وكذا المتقاضين، إذ هناك ضعف في الطاقة الاستيعابية لبنايات المحاكم (وضعية 30 محكمة على الأقل في حاجة عاجلة للمعالجة)، وخصاص في البنية التحتية المعلوماتية (50 محكمة تنتظر أن تشملها عملية التحديث)، ونقص في التجهيز وتهيئة الشبكة الكهربائية للعديد من المحاكم، بالإضافة إلى قلة السيارات المخصصة للجلسات التنقلية، والتفتيش، والزيارات التفقدية لمخافر الضابطة القضائية والمؤسسات السجنية.

 

أما على مستوى الولوج إلى القانون والعدالة، قال الرميد إن هناك صعوبات تتجلى في الخصاص البين في تواصل المحاكم مع المتقاضين، مع نقص في بنية الاستقبال (50 محكمة فقط تتوفر على بنية استقبال حديثة)، وانعدام المساعدة القانونية، وضعف في نظام المساعدة القضائية، وقلة في الإقبال على الوسائل البديلة لحل المنازعات. هذا بالإضافة إلى حاجة خلايا محاربة العنف ضد المرأة إلى الدعم، من حيث المقار والموارد البشرية وأشار وزير العدل والحريات أن التزايد في أعداد منتسبي المهن القضائية (المحامون الممارسون 10.498، الخبراء 3.023، العدول 2905، النساخ 759، الموثقون 986، المفوضون القضائيون 1.232، التراجمة 323) إلى ظهور الحاجة إلى تطوير عدة جوانب تتعلق بأنظمتها والنهوض بها تكوينا وتخليقا، مؤكدا أن العلاقة بين المؤسسة القضائية والشرطة القضائية وكذا مؤسسة الطب الشرعي أصبحت في حاجة إلى إطار قانوني حديث.

 

وعن المعهد العالي للقضاء أوضح الرميد أنه أصبح في حاجة ماسة إلى دعم بنيته اللوجيستيكية وقدراته البيداغوجية، لمواجهة متطلبات التكوين الإعدادي (بمعدل 300 ملحق قضائي و700 موظف من موظفي هيئة كتابة الضبط كل سنة)، هذا فضلا عن التكوين المتخصص والتكوين المستمر للقضاة والموظفين وباقي منتسبي المهن القضائية (بمعدل 4000 مستفيد سنويا حاليا) على حد قول وزير العدل والحريات.