يوسف نويوار*

 

ونحن على بعد أيام من الدور الثاني للانتخابات الفرنسية المرتقب إجراءها يوم الأحد 6 ماي 2012, يحتدم الصراع و التنافس بين قطبي اليمين و اليسار الفرنسي بصورة مستعرة تجاوزت حرارتها و ضراوتها ما ألفه المتتبعون خلال الحملات السابقة. للإشارة فالانتخابات الرئاسية الفرنسية تسمح باختيار رئيس للسلطة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. وإذا كان الدور الأول من الانتخابات قد أفرز عن تقدم طفيف لمرشح اليسار السيد فرانسوا هولاند أمام الرئيس المنتهة ولايته السيد نيكولا ساركوزي فان النتيجة لم تحسم بعد لأي فريق, مما يضفي على هذه الجولة تشويقا و إثارة بالغين.

الملاحظ أن اهتمام المهاجرين المغاربة لا يقل عنه عند باقي مكونات المجتمع الفرنسي حيث يتساءل المهاجرون من أصل مغربي أو مغاربي عن الجهة الأنفع لمصالحهم وقضاياهم , خاصة وأن مواضيع الهوية و الهجرة و الحدود طرحت بقوة خلال هذه الحملة و احتلت بين مؤيد ومعارض، مساحة مهمة في البرنامج الانتخابي لجل المترشحين. والملاحظ أيضا أن هذه الانتخابات أتت على خلفية الأزمة الاقتصادية و صعود تيار اليمين المتطرف ليس في فرنسا فحسب بل في جل الدول الأوروبية, مما جعل مرشح اليمين السيد نيكولا ساركوزي يغازل هذه الفئة من الناخبين ويسعى جاهدا لكسب ودها وهو ما عرضه لانتقادات واسعة من أبرزها ما جاء في جريدة لوموند بتاريخ 26 أبريل2012 تحت عنوان:" الغاية لا تبرر الوسيلة".

 

المهاجرون المغاربيون عموما من أبناء الجيل الثاني و الثالث استفادوا من اخطاء آباءهم, وهم اليوم واعون بأهمية المشاركة السياسية كقوة ضاغطة في اتجاه رفع التمييز و التهميش عن شريحة مهمة من المجتمع الفرنسي تتجاوز 6 ملايين نسمة مازالت تعاني من حملات مغرضة تسيء في مجملها للإسلام و المسلمين, ولعل اثارة موضوع اللحم الحلال في البرنامج الانتخابي لمرشحي اليمين و اليمين المتطرف خير دليل في هذا الباب. لكن السؤال يبقي مطروحا: لمن سيصوت مغاربة فرنسا ؟

 

للأسف الجاليات العربية والمسلمة عموما لا تشكل قوة سياسية موحدة، وغير مهيكلة في إطار لوبيات ضاغطة لكن الأكيد أنها لن تصوت على من ينظر لموضوع المهاجرين بمنظار أمني محظ أومن يسعى لاستثماره سياسيا لصرف الأنظار عن الفشل الذريع في تدبير الملف الاقتصادي وفي الحد من تضخم نسبة البطالة... استطلاعات الرأي من جانبها اوضحت أن الشباب المسلم في فرنسا قد صوت في الدور الأول من الانتخابات لفائدة أحزاب اليسا، وهو ما يسعي فرانسوا رولان جاهدا للحفاظ عليه اذ صرح في خطابه بقصر الرياضات بباريس يوم الأحد 29 ماي:"...أريد أن أقول لشباب الضواحي أن أحدا لن يحكم عليهم بحكم لون بشرتهم أو ديانتهم أو أصلهم..." فهل سيكرس اقتراع 06 ماي واقع الحسابات الأمنية و الأزمة الاقتصادية أم أن ملامح فجر جديد بدت تلوح في الأفق.

 

*عضو البعثة الثقافية المغربية بمونبوليي