يأتي شعار الدخول المدرسي لهذا الموسم في إطار جهود الوزارة الوصية لتخليق الحياة المدرسية وسعيها للرفع من مستوى القيم والسلوكات الإيجابية داخل المدرسة المغربية، وكذا الرفع من جودة النظام التربوي. فما هي دلالات ومعاني المفردات الأربعة المكونة لشعار هذا الموسم الدراسي؟

رفعت وزارة التربية الوطنية خلال هذا الموسم الدراسي شعار: "من أجل مدرسة متجددة ومنصفة ومواطنة ودامجة"، فنشرع أولا في بيان معنى العبارة الأولى.

أن تكون المدرسة متجددة في طرق اشتغالها، وذلك يراد بهذا الاسم متجددة:مدرسة من خلال تحسين قدرات ومهارات المدرسين والمدرسات عبر التكوين الأساس والتكوين المستمر والتكوين الذاتي. كما يقصد بالمدرسة المتجددة القطع مع اجترار ما هو مستهلك وقديم من طرق ووسائل وأساليب تربوية، والسعي وراء ابتكار أساليب جديدة في العملية التربوية والتعليمية القادرة على المنافسة وتحقيق احتياجات المجتمع. ولا يفوتنا هنا أن نذكر بأن التعليم عن بعد وإدماج التكنولوجيا العصرية واستعمال الموارد الرقمية ووسائل الاتصال في التعليم يعد مظهرا من مظاهر هذا التجديد، أضف إلى ذلك التجديد في المناهج التربوية وبعض المقررات الدراسية.

2030-2015ن الرؤية الإستراتيجية للإصلاح بداية نشير إلى أ مدرسة منصفة: رفعت هذا الشعار: "من أجل مدرسة الإنصاف" الشيء الذي يحيل إلى أن إشكالية الإنصاف وتكافؤ الفرص في المدرسة يعد تحديا كبيرا تواجهه السياسة التربوية. فحينما نتحدث عن الإنصاف نتساءل: هل جميع أبناء وبنات هذا الوطن في شماله وجنوبه وفي شرقه وغربه، في وسطه الحضري والقروي ومن مختلف الطبقات الاجتماعية يستفيدون على قدم المساواة من خدمات المدرسة؟

لا أحد يستطيع أن ينكر الجهد المبذول من قبل الوزارة الوصية من أجل جعل خدمات المدرسة يستفيد منها كل أبناء وبنات هذا الوطن، لكن من دون شك ما زلنا نلمس البون الشاسع بين ما هو مأمول وما هو واقع، بحيث يصعب إنكار وجود تأثير عوامل الانتماء السوسيو اقتصادي والثقافي والمجالي للأطفال في الاستفادة من خدمات التربية والتعليم التي تقدمها المدرسة. فالكفة تميل دائما لصالح الطبقات المحظوظة على حساب الطبقات المقهورة.

يعد إرساء مدرسة المواطنة رهانا كبيرا للوزارة الوصية، لأنه مدخل مدرسة مواطنة: من مداخل تعزيز منظومة القيم بالمؤسسات التعليمية.

ويقصد بمدرسة المواطنة تأهيل الناشئة وتربيتهم للاندماج في المجتمع عبر تمكينهم من مجموعة من المهارات الحياتية الفعالة والسلوكات المدنية الإيجابية والهادفة، وذلك من خلال برامج ومناهج تستهدف ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني وقيم حقوق الإنسان. فمدرسة المواطنة تنعدم أو على الأقل تقل فيها السلوكات المشينة اللامدنية كالتمييز وعدم المساواة والإقصاء والعنف وتناول المؤثرات العقلية كالتدخين والمخدرات وغير ذلك من الظواهر التي تئن تحت وطأتها مؤسساتنا التربوية.

ومن أجل مدرسة المواطنة يتوجب توفير فضاءات مدرسية من شأنها تجسيد وتنمية الممارسات الديمقراطية والمدنية داخل المؤسسات التعليمية من قبيل تعزيز مراكز الإنصات للمتعلمين والمتعلمات، وتفعيل النوادي المدرسية، وتمكين المتعلمين من المشاركة الفعلية في تدبير الحياة المدرسية.

ربويين بالتربية الدامجة التي تعني يحيل هذا المفهوم إلى ما يسميه الت مدرسة دامجة: دمج فئات مختلفة الخصائص الاجتماعية والتربوية والعرقية كالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأبناء المهاجرين والأفارقة واللاجئين وغيرهم من أجل تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في حق التعليم والتعلم.

فالمدرسة الدامجة إذن تحمل هذا الهم وهو تربية وتعليم وتثقيف الأطفال في وضعيات خاصة حتى يصبحوا قادرين على الاندماج في المحيط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي من أجل محاربة الإقصاء والتهميش وتحويل النظرة السلبية للإعاقة إلى نظرة إيجابية تؤمن بالطاقات والقدرات الخاصة.

وحين نتأمل هذا الرهان فإننا نجده صعب المنال في ظل معطيات المدرسة المغربية وفي ظل الشروط المحيطة بها لأنه لا يمكن كسب ذاك الرهان ونحن لا نملك الإجابة الشافية لهذه الأسئلة: هل وفرنا البنية التحتية وولوجيات الميسرة لتنقل هؤلاء التلاميذ؟ وهل أعددنا برامج ومضامين دراسية تستجيب لحاجيات هؤلاء المتعلمين؟ وهل نضع في الحسبان خصوصيات الإعاقة أثناء إعداد الزمن المدرسي لهؤلاء المتعلمين؟ وهل الأستاذ والمربي المكلف بتدريس الأقسام الدامجة مكون في هذا المجال؟ فهذه أسئلة تحتاج منا وقفة تأملية كي لا نغرد خارج السرب.

 

وفي الأخير نخلص إلى أن رفع شعار معين خلال موسم دراسي ما يعني التركيز على المفردات والكلمات الواردة فيه، وهذه الأخيرة عبارة عن قيم تستهدفها الوزارة الوصية وتروم زرعها في الناشئة، ولهذا يجب العمل على ترسيخها وتثبيتها خلال الموسم الدراسي عبر إجراءات عملية ملموسة حتى لا يتحول هذا الشعار إلى مجرد سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.

مولود بونعناع