منذ ظهور الحالات الوبائية الأولى لكوفيد -19 بالمغرب ، قبل ستة أشهر ؛ والتدابير الاحترازية التي رافقته ؛ تعالت أصوات متشنجة من هنا وهناك ؛ رافعة عقيرتها محتجة حينا ومنددة أخرى بالحجر الصحي وإغلاق مرافق التجمعات ؛ بما فيها دور العبادة ، متذرعة بالخطاب الديني المشوه .

لكن ؛ وفي خضم تصاعد الحالات الوبائية وتكاثر بؤرها ؛ وجدها الفكر الدّجلي مناسبة لبث سمومه وسط شريحة واسعة من المغاربة ؛ سيما منهم مدمني الفايسبوك ؛ فقدم "وصفات" جاهزة أو "بلسمات" ؛ يراها كفيلة بأن تقيه من شرور السموم والفيروسات ، بما فيها فيروس كورونا ؛ تحتويها هذه المواد : طابا/التنفيحة ؛ عود النوار ؛ الحبة السوداء ؛ سائل القطران ..

على أن هناك تيارا فكريا موغلا في الظلامية والعبثية ؛ لم يستطع هول الكارثة الوبائية وما تحصده من ضحايا بعشرات الآلاف يوميا ؛ وفي أنحاء المعمور ؛ أن تنال من قناعته المتحجرة ، ويرضخ إلى الواقع الذي عليه العالم أجمع .

تصاعد حالات كورونا بالمغرب

لم تتوان السلطات الصحية تنهج مقاربة أمنية في تعاطيها مع الوباء الكوفيدي ؛ فتدعو المواطنين ؛ كل وقت وحين ؛ بوجوب التحوط والتقيد بكل التدابير الصحية لاتقاء الفيروس ، وهي تعلم أو تتغافل عن وجود عاملين رئيسين يشكلان التحدي والعقبة الكأداء أمام تفاقم الحالات الوبائية ؛ منها انتشار الفكر الدجلي الخرافي وهيمنة الشعوذة على عقول شرائح واسعة من المغاربة ؛ يروجون لها في تجمعاتهم وأسواقهم وداخل أسرهم .. كلها تقضي بألا وجود لشيء إسمه "فيروس كورونا" ، بل هناك ؛ على حد زعمهم ؛ "الخوف من كورونا" الذي صنعته (الدول المارقة) بغية تكسير شوكة دول على حساب أخرى ، ويسوقون مزاعمهم هذه في قوالب حكواتية وروائية لأشخاص افتراضيين ، لا يجد مستهلكها بدا من التوقف عندها ومساءلة قناعاته ما إذا كانت على حق أو ضلال !

وحتى الإجراءات الحازمة التي اتخذتها الحكومة أمام بؤر الحالات الوبائية ، كتغريم المواطنين لتهورهم واستهتارهم بالتدابير الوقائية كارتداء الكمامات الواقية والتباعد الاجتماعي ، وحتى الآن ومنذ ثلاثة أسابيع ، لم تكن هذه التدابير فعالة بما يكفي ، بالرغم من منع التنقل بين بعض المدن ، علاوة على انتشار دوريات المراقبة في الشوارع وفض "التجمعات" ، وإغلاق مرافق التسوق التسوق العمومي مبكرا .

ضرورة وجود لجان شعبية

كآلية لدعم التدابير الوقائية والحد من حالات النزق والتهور والاستهتار لدى عامة المواطنين ، بات من الضروري بث مكاتب شعبية ؛ في الأحياء والمناطق التي تعرف كثافة سكانية ؛ تزاوج في وظيفتها بين تنبيه المواطنين وتحذيرهم من العواقب الوخيمة للفيروس ، وبين الإبلاغ عن الحالات التي يعتقد بأنها حاملة للفيروس .



عبد اللطيف مجدوب