بعد التفكير بحثا عن فكرة أفتتح بها موضوعا شغل بالي، قررت وبعد التردد أن أتطرق له بصيغة الاستفهام لأتخلص من ثقل زاد وزنه رَغبة في التجاوب مع من يَحْمل نفس الهم، و لكي لا أتركه معلقا مخافة أن تَتلاشَى نُقطه و يَطاله النسيان (اعتذر عن المبالغة)، بدأت أُلمَـْـلِمُ ما بقِيَ عالقا في ذاكرتي من افكار وقـفْت عليها بين تساؤلاتِ و استنتاجَاتِ أُناسِ مجتمع أعْياهُم التحسر و الأسى على زمن مضى وانقَضَى. سأستـَدعِي بعضها لتكون سندا أرتكز عليه في البحث عن بصيصٍ من شعاع أَملٍ يطمئنني.

لقد تساءلت معهم وأملي أن يثير التجاوب ردود أفعال تعرج بالنقاش نحو المبتغى، إلى حين الوصول إلى ذلك سأتوقف عن اصدار آهات التحَسُّر على الإحباط الذي يتـَملَّـكُني كلما أثيرت مواضيع النزاهة والاستقامة والأمانة والأمان، وكل رجــائي بأن لا يستمر ومعه خذلاني.

اين يَكْمُن الخلل إذا؟ ذلك الذي أثَّر على نظام حياةٍ كان قائمًا بارتكازه على التعايش في سلم وسلام وأمن وأمان، وعلى بعض ما نحن من أجله على وجه البسيطة، التماسك والتآزر بين افراد هذا المجتمع.

من أين تسَرَّب هذا الخلل حتـى باتَ سُلوك النَّذالة يهدد قيّما كانت في زمان غير بعيد أسُسًا يقوم عليها هذا النظام المجتمعي نفسه.

من اين انسل هذا الصدأ الذي أحدث التصدع في التعامل والمعاملات بين الناس حتى أصبحت الثقة التي هي أساسه في خبرٍ كَان.

اين يكمن الخلل الذي فرض على جُــلِّ جيل هذا العصر لابتعاد عن الجوهر، وعن المصدر الحقيقي للغَداء الفكري ومعه النفسي والروحي وتشبث بفُتاتٍ لا يكاد يفيق من عُسْر هَضمِ ما اقتات منه حتى يُــصاب بعَدْوى آفات الانحطاط من أُمَّيةٍ وجهلٍ وهزالةٍ في الرصيد المعرفي و…

أين يكمن الخلل إذا؟ اسـئلة وأخرى يصعب ان اجيب عليها لوحدي أو تجيب (ي) عليها لوحدك، لقد تفَشَّت العدوى حتى أنى أُحس بفقدان المنطق في التفكير، وزاوية التحليل تضيق لتصْطدِم أحيانا بحاجز الجهل وتُـغيـَّرَ الاتجاه أحيانا أخرى لتجد نفسها محْصُورة بين معْقُُوفََتََيْْ العجز والاستسلام وربما الاستهتار واللامبالاة.

هل هو تراجع للوعي بأهمية الشيء المطلوب تفسيره والإجابة عن مكَامِنِ الخلل فيه، ام هو اكتساب لعادات دَخِيلَةٍ نحْسبُها مثالية، لكنها مع مرور الوقت ستظهر عيوبها وسيتَّضح أنها السبب في التأثير علـي اعْوجاج قوائم وسند ذلك النظام وتلك القيم، قيم السلف. لا أحد من الغيورين على كرامتهم وأنفتهم يرضي لموروثنا ولا لقيمنا ان تتلاشي وتندثر مع تيار المتاهات، ولا لأخلاقنا ان تنحط وتضمحل تحت تأثير زوبعة حداثتهم،

فلنا حداثتنا ولنا أصالتنا، ولا نريد لتربيتنا وتعليمنا ان تطالهما الهزالة والارتجال ليكونا ضحية التَّـلَـكُّإِ والتردد في اختيار الأَنجَع و الفعال من البرامج.

العتاب واللوم علينا نحن، و مادام التقييم السطحي هكذا أتساءل و إياكم ،هل العيب فينا ام في الأخر؟ نحن جزء من المنظومة، نحن طرف في المعادلة، وثقل مسؤولية الاصلاح يقع على عاتق كل واحد منا، فان استقام فلنا جميعا وإن اعْوجَّ وانقلب فعلينا جميعا. اما الاخر "الشيطان المارد " مختلق الوقيعة وراعي الضغينة متى انكشفت دسائسه ومؤامراته سَهُلتْ مواجهته.

كفانا إذا من أساليب المجاملة بالنفاق ونفاق المدح للمجاملة، فلن تزَيـِّنُوا بذلك ما أفسده السلوك، وليعلم أولئك المفسدون ومعهم المنافقون ومن يدورن في فلكهم أنهم في الهدم والتدمير ماضون.سيأتي يوم تظهر مكائدهم ولن تبزغ شمسه حتى تكون فيها خيبتهم وهزيمتهم ثم من بعدها تفشل دسائسهم.

حان الوقت لان نكسر الحاجز الذي يحجب الأعظم من نواقصنا، حان الوقت إذا أن نواجه عيوبنا ونتواجه بأخطائنا، بهفواتنا وننتقد الطالح لنصلح ونثمن الصالح لنُـأسِّسَ ونَـبْني من أجلنا جميعا. فإن كان الخلل ومَكْمَنُهُ هو الداء فمعرفتهُ والوقوف عليه نصف الدواء. لنبحث سويا عن ذلك الدواء لكي يستمر المسير في الطريق الصحيح والمستقيم.



حسن واحدي