كنت أعتقد الى حد بعيد أن العدو الحقيقي لنا هو إسرائيل. حتى وانا ضابط احتياط في الجيش المصري قال لنا كبار الضباط لابد من جولة أخرى وحرب أكتوبر ليست الأخيرة، وأن عدونا واحد لا يتغير.

مرت الأعوام، وسافرت وقرأت، وتغيرت قناعاتي، وقلت لنفسي نحن نتحامل على دولة إسرائيل، وأن جماعة الإخوان المسلمين كانت سببا في تهميش دولة فلسطين وإختصارها في القدس، لمنحها طابع إسلامي، يزيد من حماسة الدهماء، بالرغم من شعاراتهم الكاذبة التي لم ينفذوها يوما والتي أهمها "رايحين على القدس بالملايين."

يحكي لي الصديق الصحفي الكبير علي بدر موقفا دعا فيه هؤلاء إلى ركوب الحافلات من التحرير عقب صلاة الجمعة والزحف الى القدس، وفوجئ أنه و10 أشخاص يجلسون فقط داخل الحافلة. ولما سأل عن الإخوان أصحاب الدعوة والشعار وجدهم توجهوا إلى أحد المطاعم لتناول وجبة "الكوارع" المفضلة لهم لعلهم في مكان آخر يجاهدون!

لقد عشنا هذه الكذبة، وصدقناها، ورأينا القضية الفلسطينية التي خضنا من أجلها حروبا طوالا تضيع، ورأيت بأم عيني الفصائل الفلسطينية تذهب لمقابلة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله، وتعود بحقائب المال بدعوى الجهاد الذي لم يحدث، ثم أنفكت الدولة الفلسطينية أو المقاومة أو سمها ما شئت بين "فتح" و"حماس"، ولا نعرف أي منهما يمثل فلسطين، وتجمد الوضع بعد أن فشلوا في تحرير القدس بآخر جندي مصري.

تمر السنوات ويظهر أعداء جدد غير إسرائيل التي ربما حيدت نفسها بذكاء، وجاء العدو التركي الذي أراد أن يعيد أمجاد الدولة العثمانية على حساب العرب، وجاء أردوغان الذي يسعى لأن يكون خليفة للمسلمين في الوقت الذي يمنح فيه التراخيص لبيوت الدعارة في أسطنبول، فلا حرج لأن الغاية تبرر الوسيلة.

 ثم جاء العدو القطري ليكون شوكة في خاصرة العروبة، أنها دولة بحجم "القطرة"، ولكن خيانتها بحجم المحيط، باعت كل شيء لتكون في "الصورة"، ولا عيب في أن تقدم الرشى مقابل استضافة كأس العالم، فالغاية تبرر الوسيلة.

 ثم جاء أعداء من هنا وهناك، فأثيوبيا تبني "محبس" يمنع الماء عن مصر، وتمارس كل ألاعيب الكذب والتلفيق، ومعها التنظيم العالمي لجماعة الإخوان الإرهابية، الذي ألب علينا السودان وشمال المغرب.

هل كل هؤلاء أعداء جدد، أم أن عدونا واحد وقادر على النفاذ الي كل هؤلاء واللعب عليهم والتلاعب بهم للنيل من مصر؟

أنا فقط أتساءل، لقد كنت من أشد مؤيدي التطبيع مع إسرائيل، ولكني قد أكون مخطئا، فإسرائيل عدو مؤجل، عدو ظاهر للعيان، أما هؤلاء فهم شوكة جديدة يجب كسرها، ولكن هل تنجح مصر؟

من قدر مصر أن أحاطها الله بمجموعة من الدول الفاشلة، كانت فيما مضى جزءا من الإمبراطورية المصرية، فلما أصبحت دولا واستقلت "فشلت"، وكانت مصر دوما هي الدولة المزدهرة، المنيرة في عتمة الليل.

أرى أن اللطمة الأولى للمرتزقة الأتراك في ليبيا قادرة على أن تعيد الأمور إلى نصابها، وقادرة على أن تدخل الفئران إلى جحورها.

ولكن متى سيحدث.. الله أعلم.

إبراهيم رضوان