قرأت مؤخراً أن عدد الذين أخفاهم رجب طيب أردوغان، قبل أن يصبح مرشداً عاماً للإخوان المسلمين، إن في السجون وإن في القبور "800" ألف بعد ذلك الإنقلاب العسكري غير المؤكد في عام 2016 وهذا رقم ربما أنه تضاعف خلال الأربعة أعوام الماضية مما يعني أن الرئيس التركي قد تقدم على سفاحي الكرة الأرضية كلهم ومن بينهم أدولف هيتلر وجوزيف ستالين وبعض من إعتبرهم أتباعهم العرب مبعوثي العناية الإلهية.. وهنا بدون ذكر أي أسماء لأنه لا يزال لهؤلاء أتباعاً قد خط الشيب شعر رؤوسهم لكنهم بقوا على ما هم عليه وبعضهم لايزال يذرف دموعاً غزيرة عندما يذكر إسم من كان يوصف بأنه مبعوث العناية الإلهية .. والعياذ بالله.

وحقيقة أنّ رجب طيب أردوغان وبخاصة بعدما أصبح: "أميراً للمؤمنين" والمرشد الأعلى للإخوان المسلمين قد تجاوز هؤلاء جميعاً وأنه بات يسعى "جدياًّ" لإخراج "خلفاء" الدولة العثمانية من قبورهم الدارسة ومحاكمة مصطفى كمال "أتاتورك" أمامهم في محكمة عسكرية تحكم عليه بحرق ما تبقى من عظامه لأنه "شطب" أسماءهم من اللوائح الخلافية وأعاد: "آيا صوفيا" لتكون مثابة حضارية وذلك بينما أعادها هو قبل أيام قليلة إلى ما كانت عليه قبل عشرات السنين.

لقد ذهب أردوغان إلى ليبيا في زيارة تفقدية لوكيله في: "الجماهيرية" السابقة، في طرابلس الغرب تحديداً، فايز السراج وهناك إستيقظت في صدره ذكريات الإمبراطورية العثمانية وأطلق تصريحاً بصوت مرتفع قال فيه: "أن هذه البلاد عثمانية وأنها ستعود إلى عثمانيتها" وكان عليه ألاّ يتردد ويقول إنه: "أمير المؤمنين" وإنه خليفة العثمانيين الجديد..وهذا هو ما قاله نيابة عنه: "الإخوان المسلمون" طالما أنه مرشدهم الأعلى..وأنه أميرهم!!.
وهكذا فإن تركيا التي أذاقت العرب الأمرين وشطبت تاريخهم العظيم حتى من الوثائق العثمانية باتت تمر بمرحلة مصيرية لم تمر بها على مدى سنوات حكمها قبل مرحلة مصطفى كمال (أتاتورك) وبعد ذلك فهذا الذي بات يعتبر نفسه أمير المؤمنين ومبعوث العناية الإلهية من الواضح أنه لن يكتفي بإخفاء الـ 800 ألف الذين أصبح أكثرهم في القبور وأنه سيواصل ما كان بدأه ولكن بدموية بدائية وبوحشية مرعبة لم يصل إليها لا عيدي أمين ولا غيره.

والسؤال هنا هو: وأين يا ترى الرجال الذين رافقوا أردوغان وعملوا معه وإطلعوا عن قرب على "طموحاته" وتطلعاته.. وهنا فإنني لا أريد أن أذكر الأسماء لأن هؤلاء من المفترض أنهم يتحدثون عن أنفسهم ثم وأن المفترض أن هذا البلد الذي "فارق" الإمبراطورية العثمانية قبل نحو قرن كامل يرفض محاولات أردوغان لإستعادتها ليس لتركيا والأتراك وإنما لنفسه طالما أنه بات مقتنعاً بأنه أمير المؤمنين والمرشد الأعلى ليس للإخوان المسلمين.. وإنما للمسلمين كلهم وللعالم الإسلامي بأسره.