بموجب قانون المالية لسنة 2018 وفي إطار مساعي وزارة الاقتصاد والمالية الرامية لرقمنة الإدارة الضريبية، تدخلت المادة الثامنة من القانون نفسه وبموجبها تم تعديل المادتين 155 و169 من القانون رقم 06-43 المنظم للمدونة العامة للضرائب، حيث أصبح يتعين على صنف من الخاضعين للضريبة إيداع إقراراتهم وأداء الضريبة بطريقة إلكترونية داخل الأجل المنصوص عليه قانونا.

وبتاريخ 20 فبراير 2018 صدر قرار وزير الاقتصاد والمالية رقم 01 بتمديد آجال الإيداع والأداء بطريقة إلكترونية بشأن بعض الإقرارات الضريبية، حيث ورد في القرار ما يلي:

أولا: يستفيد الخاضعون للضريبة من أجل إضافي أقصاه متم شهر يونيو 2018 قصد إيداع الإقرار وأداء الضريبة المستحقة بطريقة إلكترونية بخصوص الإقرارات الجبائية التالية:

الإقرار السنوي بمجموع الدخل بالنسبة للأشخاص أصحاب الدخول العقارية ودخول الأجور وحاصلات التوظيفات المالية ذات الدخل الثابت الخاضعة بسعر %20، وكذا الدخول والأرباح ذات المنشأ الأجنبي المنصوص عليه في المادة 82 من المدونة العامة للضرائب.

إقرار أداء دخول وأرباح رؤوس الأموال المنقولة ذات المنشأ الأجنبي المنصوص عليه في المادة 173- I من المدونة السالفة الذكر.

ثانيا: يجوز للخاضعين للضريبة على الدخل برسم الأرباح العقارية الاستمرار في إيداع الإقرار المنصوص عليه في المادة 83 من المدونة العامة للضرائب، وفق المطبوع الورقي الذي تعده الإدارة وكذا الأداء التلقائي للضريبة المستحقة لدى قابض إدارة الضرائب وذلك إلى حدود 30 يونيو 2018.

وقد اعتمد القرار في ذلك على مقتضيات البند II من المادة 236 من المدونة العامة للضرائب، بيد أن قرار وزير الاقتصاد والمالية يشوبه كثير من العور القانوني والدستوري على النحو المبين ادناه.

الخرق الأول: سوء تفسير المادة 236

إن المادة 236 في بندها II المعتمدة من قبل قرار وزير الاقتصاد والمالية تنص على أنه "يجوز لهذا الأخير أن يسمح بناء على طلب الخاضع للضريبة ومراعاة للظروف المستند إليها بالإبراء أو التخفيف من الزيادات والغرامات والذعائر المقررة في النصوص التشريعية الجاري بها العمل"، وحيث أن النص التشريعي المشار إليه ليس فيه ما يفيد بتفويض سلطة تمديد الأجل القانوني أو تعديل نص تشريعي، كل ما هنالك أن للوزير الحق في الإعفاء الكلي أو الجزئي من الزيادات والغرامات والذعائر شريطة أن يتقدم الخاضع للضريبة بطلب في هذا الشأن، وأن يعزز طلبه بالوثائق والحجج المستند إليها في الطلب ذاته.

الخرق الثاني: يتعلق بالمادة 4 من القانون التنظيمي للمالية

نصت المادة الرابعة من القانون التنظيمي للمالية على "أنه لا يمكن أن تغير خلال السنة أحكام قانون المالية للسنة إلا بقوانين المالية المعدلة".

وحيث أن التدابير التشريعية المتعلقة بالإقرار والأداء الإلكترونيين تم إقرارها بموجب المادة 8 من قانون المالية لسنة 2018، إذ عمل قرار وزير الاقتصاد والمالية على ما يلي:

أولا: تمديد الأجل القانوني، وهو إجراء يختص به البرلمان.

ثانيا: إمكانية الاستمرار في إيداع الإقرارات وفق المطبوع الورقي بالنسبة للخاضعين للضريبة على الدخل صنف أرباح عقارية إلى غاية 30 يونيو 2018.

وتأسيسا عليه فقد عمل القرار على تعديل قانون المالية لسنة 2018 خلال سريان تنفيذه خارقا بذلك المادة 4 في القانون التنظيمي المشار إليه، مما يشكل خرقا للدستور ما دامت القوانين التنظيمية سبق التصريح بمطابقة أحكامها للدستور.

الخرق الثالث: يتعلق بالدستور

إن القرار الصادر عن وزير الاقتصاد والمالية تناول مواضيع تدخل ضمن اختصاص القانون وذلك استنادا لمقتضيات الفصل 71 من الدستور المغربي، الذي حدد الميادين التي يختص بها القانون ومن ضمنها النظام الضريبي، ووعاء الضرائب ومقدارها وطرق تحصيلها كما ينص الفصل 75 أيضا على أن قانون المالية يصدر بالتصويت من قبل البرلمان.

وحيث أن القرار حين مدد أجل إيداع الإقرار وأداء الضريبة، وأجاز أيضا للخاضعين للضريبة على الدخل صنف أرباح عقارية إمكانية الاستمرار في إيداع الإقرارات، بشأن العمليات التي قاموا بها وفق مطبوع ورقي بخلاف ما نص عليه قانون المالية لسنة 2018، يكون بذلك قد سن تدابير ذات طبيعية تشريعية مخالفا بذلك الدستور والقانون التنظيمي للمالية.

 

جواد لعسري