طيلة مدة الجائحة لم أقو على أن أجد لتصريحات رئيس الحكومة المغربية وصفا ولا نعتا ولا منهجا ولا تصنيفا، الرجل “اللي جات على فمو يقولها و بلا وساخ”، لا يزن الكلام وكأن أذنيه لا تسمعان ما يقوله فمه، ومن آخر ما صدر عنه قوله بالقطع واليقين “ماكين عراس .. ما كاين حفلات”، قالها باللسان ، وعززها بإشارة اليدين، بمعنى “صافي سالينا”…

قد يجد مراقب في حكم العثماني “الجائر” على الأعراس مبررا في كون الحفلات فضاء للاكتظاظ والتجمهر تحكمه تقاليد لا تميز فيها بين من يعشق الرقص، وبين من انتابته حالة صرع، وبين الغناء وبين الصداع، “وهاد الشي اللي عطا الله”…في أعراس يُستنفر لها الجزارون والخياطون والمجوهراتيون و النّقّاشات والمَصْبنات و الحمامات والحلاّقات والطاكسيات والهوندات وحتى الكارُّوَات، دون الحديث عن النكافات والأجواق وممولي الحفلات والقاعات، ودون نسيان “الكرابا” وهم باعة الخمر “تحت الطابلة”…

وقد يقول مراقب آخر أن الأعراس مادامت تجر خلفها كل هذه الأمة، كان لا بد من البحث لأهلها عن صيغة وطريقة تضمن لهم عودة مدروسة لكسب قوت عيالهم دون نشر العدوى، علما أن فضاءات أخرى تنشر العدوى بلا كثير صخب ولا ضجيج ولعل شواطئ البحر خير دليل …

بعث لي صديق يعيش في انجلترا بصورة لمساحة خضراء فسيحة مترامية الأطراف، يرتادها الناس بالآلاف في زمن الطوارئ الصحية على الطريقة الإنجليزية، لو كانت تلك المساحة النظرة في وطننا لتحولت إلى ما يشبه “حد اللويزية”أو “خميس الزمامرة”، لكن المسئولين هناك قاموا برسم دوائر متفرقة، كل دائرة تتسع لأسرة أو لعدد من الأصحاب، وإذا امتلأت الدوائر يكون لزاما انتظار فراغ إحداها، وبهذه الطريقة البسيطة والذكية يمكن للجميع ارتياد المكان الخلاب بلا زحمة ولا جلبة، أفليس فينا من يبتدع طريقة يمكن بها تشغيل الأعراس وترك الناس”تصور طرف ديال خبز”، بدل الحكم عليهم دون سواهم بالموت جوعا، خاصة وأن لديهم فقط موسم الصيف الذي يمكنهم فيه جمع دراهم الشتاء؟…

إن كان على قرارات الإغلاق، وقرارات الهدم، وقرارات الاقتراض من البنك الدولي ، فهذه قرارات يجيدها الجميع، وهي لا تحتاج لعلم السياسة ولا لذهاء سياسي ولا هم يحزنون، لكن ما نحتاجه ليس هو “تحريم الأعراس” أو “ترياب الحفلات” فوق رؤوس أهلها، البلد يحتاج إلى سياسيين مبدعين من أهل الخلق وابتكار الحلول خلال الأزمات، وإلى سبل خلق الثروات، وللأسف رئيس حكومتنا ليس “صانع مفاتيح” بل هو “صانع الزكارم” ( جمع زكروم).

كان الله في عون من ارتبطت لقمة عيشه بتنظيم الأعراس والحفلات، فقد أطلق عليه رئيس الحكومة رصاصة طائشة، وكان الله في عون وطن يترأس حكومته رجل يجيد فقط “نسف الأفراح”…وهادي في خاطرك آ العثماني، خلينا بلا أفراح تكفينا أحزان كورونا وأحزان خطاباتك وتصريحاتك.

محمد الشمسي