أدّى الاعتماد الكلّي لبعض الدّول الأوروبية على إمدادات الصّين من السّيارات والأدوية والمواد الغذائية إلى نتائج "وخيمة" كان باعثها الرّئيس "وباء كوفيد 19"؛ وهو ما دفعَ المفوضية الأوروبية إلى الدعوة إلى "استقلال ذاتي إستراتيجي" في القطاعات الرئيسية مثل الأدوية.

وكشفت جائحة "كورونا" عن الاعتماد المفرط للشركات والحكومات الأوروبية، التي تعاني بالفعل من التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، على الصّين في كل شيء تقريبًا بدءا من السيارات وحتى الأدوية.

وأشادَ غيوم فان دير لو، من "مركز الدراسات السياسية الأوروبية"، في حديثه للشبكة الإعلامية الألمانية "دويتشه فيله"، بالنّموذج المغربي حيث "هناك ظروفا أكثر ملاءمة لمجالات معينة وفيما يتعلق خصوصا بالطاقة المتجددة والقطاعات ذات الصلة بالبيئة"، مؤكّداً أنّ "المغرب في صدارة الترتيب ويحاول الاتحاد الأوروبي الاستفادة من ذلك".

وأوضح المتحدّث في تصريحات إعلامية أنّ "الفكرة التي أعربت عنها المفوضية الأوروبية بشأن تنويع سلاسل الامدادات يمكن أن تكون مفيدة للمغرب، ويمكن أن تسرع وتيرة المفاوضات حول اتفاقية تجارية جديدة".

وتطمحُ عدد من الدّول الأوروبية إلى التّقليل من الإمدادات القادمة من الصّين من خلال جعل "سلاسلها الخاصة أكثر مقاومة للصدمات المستقبلية، ويشمل هذا التقليل من الاعتماد المفرط على الصين وتقريب مصانع الإمدادات من الأراضي الأوروبية".

وقال أليساندرو نيسيتا، من الأونكتاد (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية)، إن "المغرب في وضع جيد للغاية بسبب قربه، ولأنه جزء من اتفاقيات التجارة الإقليمية للاتحاد الأوروبي، فإن قواعد المنشأ الخاصة به تتكامل إلى حد ما مع قواعد الاتحاد الأوروبي".

ويعدُّ الاتحاد الأوروبي، الذي يعيش به عدد ضخم من المهاجرين المغاربة ولاسيما في فرنسا وإسبانيا، أكبر شريك اقتصادي للمغرب، حيث يستحوذ الاتحاد الأوروبي على أكثر من نصف تجارة المغرب واستثماراته الخارجية. وتمثل حركة التجارة بين الاثنين، والتي تهيمن عليها تجارة الآلات ومعدات النقل، حوالي 40 في المائة من الصادرات والواردات (بالمغرب).

وقد أسهمت روابط المملكة الاقتصادية والتجارية المزدهرة، وخاصة مع الاتحاد الأوروبي، والاستثمار الضخم في البنية التحتية، والحوافز مثل الإعفاءات الضريبية والعقارية، ظهورها كرائدة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا، وجاءت فرنسا كرائدة لمعظم هذه الاستثمارات في عام 2018.

ويقول الخبراء إن "المغرب، واحة الاستقرار السياسي في الناحية الجنوبية المضطربة من الاتحاد الأوروبي والشريك التجاري الموثوق به للكتلة الأوروبية، قد يكون خيارًا واضحًا للشركات التي تتطلع إلى تقليص طول سلاسل الإمدادات الخاصة بها".