جدد المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، تأكيد رفض المغرب اتهامات منظمة العفو الدولية (أمنستي) بشأن استخدام برنامج معلوماتي للتجسس على بعض الأشخاص.

وأوضح وزير الدولة أن منظمة العفو الدولية لم تقدم إلى حدود اليوم أي أدلة مادية أو حجج ترتبط واتهاماتها المزعومة حول التجسس، مشيراً إلى أن "الغريب في تقرير أمنستي الأخير هو ذكره لخمس دول، لكن المغرب هو الوحيد الذي خصته بتغطية إعلامية في 17 منبرا إعلاميا دوليا في أوروبا وأمريكا في ظرف 24 ساعة، وهذا أمر يبعث على القلق ويثير علامات استفهام".

الرميد الذي أكد أن المغرب يتوفر على استنتاجات بشأن الحملة المغرضة ضد المغرب لكنه لا يريد أن يخوض فيها، شدد على أن مديرية تدبير مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية، التابعة لإدارة الدفاع الوطني، سبق أن أصدرت خمسة إشعارات تحذر جميع المواطنين من إمكانية اختراق هواتفهم الذكية من بعض التطبيقات الخبيثة.

وضمن اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، مساء الأربعاء، أورد الرميد أن "أمنستي وعوض أن تقدم دليلا علميا حول اتهاماتها، اختارت عبر مكتبها الإقليمي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتونس التصعيد عبر تحوير النقاش الحقيقي حول موضوع المطالبة بالأدلة المادية من خلال إطلاق اتهامات واهية واسعة منافية لقاموس حقوق الإنسان".

وأشار الرميد إلى العبارات الواردة ضمن موقف المكتب الإقليمي من قبيل "لدى السلطات المغربية تاريخ من الإجراءات العقابية التي تصرف الانتباه عن سجلها المزري في مجال حقوق الإنسان"، بالإضافة إلى ذكرها في الموقف ذاته "عدم تسامح الحكومة مع حرية التعبير على الإطلاق".

وزير الدولة اعتبر هذا الموقف الصادر عن المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية يحمل الكثير من الخطورة ضد واقع المغرب، موردا أن "التصريح لو قال وجود اختلالات أو تجاوزات لكان يمكن قبوله، أما التعبير المتشنج بالتنصيص على السجل المزري فهو أمر لا يمكن قبوله".

وأكد وزير الدولة الشجب والإدانة والرفض لهذا "الموقف المتعسف والعدواني وكأن المغرب نظام القذافي وليس نظاما دستوريا له مؤسسات تحمي حقوق الإنسان، مع الاعتراف بكل شجاعة بوجود اختلالات تتطلب التصدي لها بكل جرأة".

وتابع الرميد أن واقع حقوق الإنسان في المغرب "ليس جنة، لكنه أيضا ليس جحيما أسود"، وزاد أن المؤسسات الوطنية والدستورية "ليست ملائكية الأداء، لكنها ليست شيطانية الطبع والممارسة".

بداية التوتر

وقدم الرميد عرضا حول تاريخ سوء الفهم مع منظمة العفو الدولية التي تتوفر على مقر في المغرب منذ 23 سنة، مشيرا إلى أن أمنستي ظلت تمارس أنشطتها بكل حرية في المغرب، "إلا أنه خلال السنوات الأخيرة بات المغرب يلمس تغيرا سلبيا في مقاربتها لأوضاع وقضايا حقوق الإنسان بالمملكة".

ويرى الرميد أن سنة 2014 شكلت منعطفا لافتا في العلاقة مع "أمنستي" من خلال شنها لحملة عالمية تتهم المملكة بوجود انتهاكات التعذيب إلى جانب أربعة بلدان أخرى، معتبرا أن وضع المغرب ضمن "قائمة التعذيب وقتها تنكر لكل جهوده وإصلاحاته وانخراطه الجاد في تفعيل التزاماته الدولية في حماية حقوق الإنسان، ولا سيما مناهضة التعذيب، وخصوصا أن المغرب حينها كان قد تبنى البروتوكول الاختياري المرفق لاتفاقية مناهضة التعذيب التي وقع عليها قبل صدور تقرير المنظمة".

نقطة أخرى في سوء الفهم بين المغرب وأمنستي برزت أيضا، وفق المسؤول الحكومي، بعدما حاول وفد دولي عنها ولوج التراب الوطني في أكتوبر 2014 دون اتفاق مسبق مع السلطات المعنية، بالإضافة إلى إصدارها لتقرير موضوعاتي حول وضعية المهاجرين بالمغرب واعتمادها لمقاربة غير واقعية.

ووفق معطيات الحكومة المغربية على لسان الرميد، فقد أصدرت منظمة العفو الدولية منذ سنة 2015 ما يناهز 100 بلاغ وتقرير، قال الوزير إنها تضم العديد من "الادعاءات ولا تعكس نتائج الإصلاحات في المغرب، في تجاوز لقواعد الحياد والموضوعية".

وأبرز الرميد أن تقارير "أمنسي" تستند إلى مصادر أحادية الجانب مختارة من طرف المنظمة دون الاعتماد على مصادر متنوعة تعكس تمثيلية وتعدد مصادر حقوق الإنسان، مشيرا إلى تقاريرها السنوية التي قال إنها "تستقي معلوماتها من مصدر واحد، مع التركيز على وضعية حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية استنادا إلى معلومات مستقاة من خصوم الوحدة الترابية، بالإضافة إلى إصدارتها لتوصيات ذات طبيعة سياسية، من قبيل توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء".

في مقابل ذلك، أكد الرميد أن هذه التقارير السنوية التي تركز على حقوق الإنسان بالصحراء، "تتغاضى عن انتهاكات حقوقية في مخيمات تندوف أو تمر عليها مرور الكرام ولا تقوم بتوصيفها التوصيف الذي تخصصه للصحراء المغربية، علما أن انتهاكات حقوق الإنسان في تندوف مرصودة من قبل آليات أممية ودولية أخرى".

وزير الدولة لحقوق الإنسان أكد أن المغرب "ظل وسيظل منفتحا بالحوار والتفاعل البناء مع كافة المنظمات التي تعمل بكل حرية، بما فيها منظمة العفو الدولية التي تتوفر على فرع بالمغرب".

وشدد على أن الرباط تُرحب بأي مساهمات للمنظمات الدولية المبنية على مقومات النقد الإيجابي التي تستهدف تطوير وتعزيز مكتسبات حقوق الإنسان، وتابع الرميد أن "المملكة ترحب بالتعاون المشترك مع كافة المنظمات الدولية، وضمنها أمنستي، شريطة احترام القوانين الداخلية والالتزام بالضوابط الأساسية لعمل المنظمات غير الوطنية المتعارف عليها دوليا، وأساسا الحياد والموضوعية".