مفاهيم بيداغوجية

في العربية؛ الشرود يعني الخروج عن الجادة، وشرود الذهن Absent-Minded، يعني غيابه، اللاعب في حالة شرود، إذا كان منفلتا وراء دفاع الخصم؛ نقول ولد شرود: خارج عن الطاعة، وشرود ذهن الطفل يعني فقدانه الإحساس بزمان ومكان الحاضر.

في ثقافتنا المغربية؛ شرود الذهن (السرحان؛ الغائب؛ مشاليه الريزو.. سادر..)، ويعني بشكل عام غياب الانتباه والتركيز، وعند الأطفال؛ يعني انشغال عقولهم الباطني بأشياء أخرى ليست بذات صلة بما يجري حولهم.

إشكالية شرود ذهن الطفل

شرود ذهن الأطفال؛ يعتبر من الوجهة البيداغوجية من أبرز الظواهر السلوكية التي تتسم بها المدرسة المغربية، لا سيما في مرحلتي ما قبل التمدرس (الأولي) أو مرحلة التعليم الأساسي (الابتدائي)، ويتميز بجنوح انتباه الطفل عن محيطه من زمكان وأشخاص، فتغدو هذه الأشياء تحتل فقط هامشا من ذاكرته، وبالتالي لا يستطيع استعادة تفاصيلها كما جرت في الواقع وبحضوره الفيزيقي. ولهذه الظاهرة السيكوتربوية أبعادها على التحصيل الدراسي ونشاطه العام، ويمكن رصد تمظهراتها في سلوك الطفل، سواء داخل المنزل أو الصف المدرسي، من خلال المؤشرات التالية:

* لا يستجيب للنداءات المتكررة لشرود ذهنه في لعبة أو حادث ماضوي؛

* هناك انشغالات أحيانا تمتص كامل انتباهه وتصرفه عما يحيط به؛

* هناك أطفال هامش انتباههم ضعيف، حيث لا يمكن أن يتفاعلوا مع عاملين في آن واحد، كأن يستجيب للنداء وهو منشغل بالتفرج على الصور؛

* لا يقدر على استعادة صورة الأستاذ وهو يكتب أو يشرح على السبورة؛

* ارتكابه لأخطاء في إنجاز تمارين وفق قواعد لم تكن لتنال اهتمامه؛

* كثير الحركة والالتفات إلى من حوله أثناء الحصص الدراسية؛

* يشد انتباهه كل حركة خارج الفصل، كسماعه لغوغاء التلاميذ وهم يصطفون أو تقرع أسماعه أصوات صادرة من بعيد؛

* لا يتجاوب إلا قليلا مع إلقاء الأستاذ للحصة؛

* ميال إلى الغش في الاختبارات والامتحانات.

تحليل ظاهرة شرود ذهن التلميذ

كشفت العديد من الدراسات والأبحاث السيكوتربوية (علم النفس التربوي) التي تناولت ظاهرة شرود الأطفال، أو بالأحرى تشتت انتباههم، عن وجود عدة عوامل وراء عدم تركيز الانتباه؛ تعزوها بصفة خاصة إلى تنامي شغف الأطفال المبكر بالألعاب الإلكترونية، وتأثرهم بصورها وحركيتها وسلوكياتها الخاصة، علاوة على أمراض عضوية تصيب الذاكرة وتجعل الانتباه ضعيفا والاستجابة إلى المنبهات القريبة من محيطه بالكاد لا تتجاوز 35%، وجديرا بالملاحظة أن الملف الصحي للتلميذ من الضروري أن يحمل بيانات وكشوفات صحية حول:

- أجهزة حواسه كالسمع والبصر ومستوى الدم ونقص الفيتامينات؛

- التأكد من سلامة البيئة والمحيط العائلي من عامل الضجيج والغوغاء الذي كثيرا ما يعمل على ضعف الانتباه وتشتيته؛

- هناك الملف العائلي الذي يشكل عاملا أساسا في تشتيت الانتباه لدى الطفل؛ كالصراع وحدة العنف الأسروي بين أفراد العائلة الواحدة؛

- اضطرابات النوم؛ إذ أكدت العديد من التجارب السريرية وجود علاقة وطيدة بينها وبين نسبة الانتباه أو شرود الذاكرة؛

ويرى عديد من الإخصائيين في علم النفس المرضي أن حركية عين الطفل (حركة الجفون خاصة) يعد مؤشرا واضحا على شرود ذهن صاحبها، فكلما زاد تطرف العين كلما زادت نسبة شروده عن الواقع المحيط.

علاج ظاهرة شرود الأطفال

* لا بأس من اعتماد بعض الاختبارات في تنمية قدرات الأطفال على الانتباه وتركيزه، كاللجوء إلى البطاقات والألوان وتصنيفها تبعا للحجم أو اللون؛

* داخل الفصل يعمد الأستاذ أو المستشار التربوي إلى تدريب الطفل على استعادة مقاطع الكلمات التي تكررت في شريط فيديو؛

* تقديم رسومات ومجسمات متشابهة ليقارن الطفل ويستخلص الفوارق بينها ؛

* من الضروري للأستاذ أن ينوع أسئلته ويبسطها ويكررها لشد انتباه الجميع؛

* هناك وسائل بيداغوجية ديداكتيكية Didactic (سمعية بصرية)؛ على الأستاذ أن يكون عارفا بحسن استغلالها في جلب انتباه مجموعة الفصل؛

* بعض الأساتذة يلجؤون إلى خبط السبورة للتحايل على جلب انتباههم (الانتباه القسري)، وبدلا من ذلك يمكنهم إشعارهم ببعض الجمل "سأقص عليكم قصة"؛ "انتبهوا لهذه الحكاية"؛ "من له قصة شبيهة بهذه"؛

* الضوضاء بين التلاميذ أو الأجوبة الجماعية؛ كثيرا ما تعتبر عائقا وتشويشا على تفكير الآخرين؛

* الحرص على استتباب الهدوء داخل الحجرة الدراسية، فالضوضاء كثيرا ما يشرد بانتباه بعضهم، خارج الحصة الدراسية؛

* كلما لقيت المادة الدراسية اهتماما من لدن الطفل إلا واستحضر انتباهه وتركيزه فأقبل عليها.

 

عبد اللطيف مجدوب