مع تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا في صفوف مجموعة من المستخدمين التابعين لمصنع رونو وعائلاتهم بمدن الشمال، ومع إستمرار حالة الفزع والخوف في صفوف ساكنة عمالة تطوان، وعمالة المضيق الفنيدق خاصة بعد تخفيف الحجر الصحي بالمنطقة، وتزايد النقاش حول ماهي الأسباب الحقيقية التي لم تعجل بإيقاف أنشطة مصنع رونو بالرغم من أنه أصبح يشكل بؤرة حقيقية، وفي غياب تام لأي تصريحات رسمية بهذا الخصوص.

وجوابا على ذلك، أعتقد في رأي أن استمرار اشتغال المصنع، بالرغم من الحالة الوبائية التي يعرفها، هو أمر لايمكن فقط تحليله من الناحية الاقتصادية في كون أن الشركة تقوم بتصنيع ما يقارب 400000 سيارة، وانها تشكل قطب أساسي في تحسين صورة المغرب الاستثمارية.

وإنما الأمر كذلك مرتبط بأبعاد أخرى، تتعلق برغبة فرنسا في إعادة توطين شركات صناعة السيارات الموجودة في مختلف مناطق العالم داخل ترابها، وتحفيزها لشركة رونو بقرض عام قيمته 5 مليارات يورو، لمساعدتها على الخروج من الأزمة شرط ترحيل مصانعها الى فرنسا، وهو الأمر الذي يمكن أن تقبله الشركة وأن تحول مسار الإنتاج من المغرب خاصة في ظل عدم القدرة على منح تحفيزات مالية، والنتيجة المحتملة لذلك هو أن المنطقة ستفقد أزيد من 10000 منصب الشغل.

وأيضا، فإن هذا الموضوع لايخرج عن سياق التشنج الذي تعرفه العلاقات المغربية الفرنسية منذ شهور والراجع لعدة أسباب من بينها، أن فرنسا منزعجة من بدء فقدانها لمكانتها التي اكتسبتها لأكثر من ست عقود كشريك تجاري واقتصادي أول للمغرب وذلك لصالح إسبانيا التي فازت مؤخرا بمجموعة من الصفقات الكبرى، والصين التي من الممكن أن يتم التعاقد مع إحدى شركاتها لبناء الخط السككي للقطار الفائق السرعة الذي سيربط بين مدينتي الدار البيضاء ومراكش.

بالإضافة، إلى كواليس مقابلة وزير الخارجية الفرنسي لنظيره الجزائري في المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر الماضي والتداول في قضايا اقتصادية وسياسية من بينها الحالة في ليبيا ومالي، وقضية الصحراء المغربية واستثنائه الاجتماع مع نظيره المغربي.

وكذا، حيثيات التغريدة المستفزة للرئيس الفرنسي في شهر مارس الماضي تجاه المغرب، حينما دعا إلى التحرك في أقرب وقت ممكن والقيام باللازم من أجل إرجاع المواطنين الفرنسيين العالقين في المغرب، وعدم الامتنان الرسمي لفرنسا للجهد الذي بذله المغرب من أجل إرجاع أكثر من 20 ألف فرنسي كان عالق في المغرب بعدما

أغلق حدوده، وتغريدة السفيرة الفرنسية بالمغرب بخصوص استشارتها حول النموذج التنموي التي خلقت مجموعة من الآراء المتضاربة.

كل هذه الأسباب بالفعل جعلت السلطات المختصة تتريث في إتخاذ أي إجراءات لإيقاف أنشطة المصنع قد تكون لها نتائج سلبية سواء اقتصاديا أو اجتماعيا وحتى سياسيا، بالمقابل دعوتها إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لشروط السلامة الصحية والبروتوكول المعمول به.



حمزة الرندي