خلال متابعتي لما يكتب في الجرائد الورقية أوالالكترونية من مقالات يعبر من خلالها أصحابها عن مواقفهم تجاه مجموعة من القضايا المجتمعية و إزاء بعض الظواهر الاجتماعية أو الاحدات السياسية،وقفت على جملة من الملاحظات أريد ان أشاركها مع قرائنا الكرام.

في البداية لابد من التنبيه بأن المقصود،ليس ما يعبر عنه اي شخص من مشاعر وخواطر واراء تجاه قضية ما أو حدث طارئ أو ظاهرة معينةوفي أي مجال عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ،وهذا من حقه لكن في حدود ما يقتضيه الواجب الأخلاقي ويفرضه القانون ، وانما المقصود،ما يكتبه البعض،وليس الكل المنتمي إلى النخبة المثقفة والمتعلمة،التي تحتل مكانة رمزية بما تملكه من ثقافة ومعرفة تؤهلها لأن تلعب دورها في توجيه وتأطير افراد المجتمع والعمل على تغيير ماهو سلبي ومنحط،الى ماهو ايجابي وراقي.

لكي نكون موضوعيين وجب القول ان الساحة الثقافية والفكرية الوطنية عرفت عبر التاريخ لازالت تعرف كتابات راقية،شكلا ومضمونا، تحترم القارئ وتقدم له لوحات تعبيرية في غاية من الابداع.

ان الدستور يضمن لكل مواطنة ولكل مواطن حق التعبير وإبداء الرأي.ورد في الفصل 25 " حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكاله" كما ان " حرية الإبداع والنشر مضمونة " وهذا ما ينسجم مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي نص في المادة19 "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعيير لكن الحق يقابله الواجب و أن "حرية الفرد تنتهي حينما تبدأ حرية الأخر مقولة حفظناها عن ظهر قلب منذ ان حصلنا على الشهادة الابتدائية ولكن الكثير منا لايعمل بها لعدة أسباب ،منها ما يتعلق بالأنانية والرغبة في السيطرة على الاخرين او بدافع الغريزة والبحث عن اللذة على حساب الغير كما يفسر ذلك التحليل النفسي أو بسبب الحقد الاجتماعي الذي قد يتحول الى الكراهية والعنف الجسدي او المعنوي أوهما معا كما يرى علماء الاجتماع وعلماء النفس_الاجتماعي. وهذا ما نبه اليه الدستور المغربي في الفصل 22 بالقول "لايجوز المس بالسلامة الجسدية او المعنوية لأي شخص،في اي ظرف،ومن قبل أي جهة ،كانت خاصة أو عامة ." اما الفصل 23 فإنه ينص بشكل صريح وبدون اي غموض على مايلي " يحظر كل تحريض على العنصرية او الكراهية أو العنف. "

لقد سقت هذه النصوص القانونية الوطنية والكونية وبعض الاسباب التي يفسر بها علماء النفس والاجتماع السلوك البشري تجاه الآخر بالقول بأن مظاهر التحضر والتمدن لاتنحصر فقط في نمط و أسلوب العيش المادية وانما ايضا في الافكار والأخلاق وفي أساليب التعبير عنها او مايمكن تسميته بالأناقة الفكرية واللغوية. فحينما نقرأ بعض المقالات التي تنشر هنا وهناك بأقلام من المفروض فيها أن تحارب كل أشكال التعصب والكراهية وما يمكن أن اسميه " القذف اللغوي " بالكلمات الغير اللائقة والمأخوذة من القاموس المرفوض أخلاقيا وإنسانيا وقانونيا ،فان ذلك ما يبعث عن الحيرة والأسف في نفس الوقت فمن حق اي شخص ان يعبر عن أفكاره وآرائه ومن حقه ان يمارس النقد والاختلاف مع

الاخرين في افكارهم وأرائهم ولكن بأسلوب متحضر "وبلغة نظيفة "كما يقول المفكر الفرنسي ريمون ارون( 1905 -1983)

اننا نعيش في القرن 21 م و15ه وبلغة السنين 2020 سنة على ميلاد المسيح عليه السلام و1441 عام على هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.وإذا ما أضفنا ما عاشته البشرية من قرون وسنين قبل ميلاد المسيح وهجرة الرسول وما أنتجته من حضارة من خلال صراعها مع قوى الشر والتضحيات التي قدمتها من اجل بناء عالم متقدم ومتحضر يجد فيه كل شخص مهما كان،مكانه الامن،فإننا من خلال هذه المرحلة من تاريخ الانسان يجب على كل مثقف ان يجعل من فكره ومعرفته وعلمه،ادوات لنشر ثقافة الحوار والاختلاف والتسامح والتعايش وان يساهم من موقعه في خدمة بلاده بروح من المواطنة المسئولة والتحلي " بأخلاق الفضيلة كما نادى بها الفيلسوف اليوناني أرسطو قبل حوالي 1400 سنة،رغم محاولات التشويش التي تبذلها " أخلاق المصلحة او المنفعة " كما صاغها الفيلسوف الامريكي وليام جيمس (1842- 1920)

لايجب ان نسمح بانتقال الخطاب الشعبوي كظاهرة عالمية الى المجال الثقافي والمعرفي والتربوي الذي نريده جميعا ان يكون خطابا انسانيا.

ان الرشد والنضج لا يقتصران على التقدم في السن وفي المراكز الاجتماعية وانما يعني ايضا الرأي السديد والنضج الفكري والحوار الديمقراطي المتحضر والقدرة على التعايش أوالعيش مع المختلفين عنا معنا في كل شيء لان ذلك من حق الجميع وينبغي كذالك ان يكون من الواجب على الجميع



محمد بنوي