تواجه جماعات ترابية بعدد من جهات المغرب ، المساءلة القانونية بعد أن لجأ عدد منها الى إبرام صفقات تفاوضية لاقتناء مواد غذائية لمواجهة أزمة كورونا، مما يطرح علامة إستفهام حول هذا الإجراء، والذي مس مبدأ المنافسة المنصوص عليه في قانون الصفقات العمومية.

ورغم أن المرسوم رقم 2.12.349 المتعلق بالصفقات العمومية قد وضح كيفية إجراء الصفقات التفاوضية، وكذا حالات اللجوء اليها كما هو مبين في المادة 86 من نفس المرسوم، إلا أن رؤساء جماعات، ولأسباب مجهولة، قاموا بإبرام صفقات تفاوضية بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة.
وتنص المادة 86 من نفس المرسوم على أنه “لا يجوز إبرام صفقات تفاوضية إلا في الحالات المحددة في البندين أولهما :  يمكن أن تكون موضوع صفقات تفاوضية بعد إشهار مسبق وإجراء منافسة .
الأعمال موضوع مسطرة طلب عروض تم إعلانها عديمة الجدوى وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 42 و61 أعلاه .
 وفي هذه الحالة، يجب ألا يطرأ أي تغيير على الشروط الأصلية للصفقة وألا تزيد المدة الفاصلة بين تاريخ التصريح بعدم جدوى المسطرة وتاريخ نشر الإعلان عن الصفقة التفاوضية عن واحد وعشرين يوما .
في جانب ثاني الأعمال التي يعهد صاحب المشروع بتنفيذها إلى الغير حسب الشروط الواردة في الصفقة الأصلية على إثر تقصير من صاحب الصفقة.
ثانيا : يمكن أن تكون موضوع صفقات تفاوضية بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة أولا :  الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بإنجازها إلا صاحب أعمال معين اعتبارا لضرورات تقنية أو لصبغتها المعقدة التي تستلزم خبرة خاصة .
من جانب ثاني الأعمال التي تقتضي ضرورات الدفاع الوطني أو الأمن العام الحفاظ على سريتها. ويجب أن تكون هذه الصفقات موضوع ترخيص مسبق من رئيس الحكومة بالنسبة لكل حالة على حدة بناء على تقرير خاص من السلطة المختصة المعنية .
ثالثهما : الأشياء التي يختص بصنعها حصريا حاملو براءات الاختراع .
رابعا :  الأعمال التي يجب إنجازها في حالة الاستعجال القصوى والناجمة عن ظروف غير متوقعة بالنسبة لصاحب المشروع وغير ناتجة عن عمل منه والتي لا تتلاءم مع الآجال التي ستلزمها إشهار وإجراء منافسة مسبقين. ويكون موضوع هذه الأعمال على الخصوص مواجهة خصاص أو حدث فاجع مثل زلزال أو فيضانات أو مد بحري أو جفاف أو وباء أو جائحة أو وباء حيواني أو أمراض نباتية مدمرة أو اجتياح الجراد أو حرائق أو بنايات أو منشآت مهددة بالانهيار أو حدث يهدد صحة المستهلك أو الثروة الحيوانية أو الطبيعية. ويجب أن تقتصر الصفقات المطابقة لهذه الأعمال حصريا على الحاجات الضرورية لمواجهة حالة الاستعجال،
كما نصت المادة 86 في فقرتها 6 الأعمال المتعلقة بتنظيم الحفلات أو الزيارات الرسمية التي تكتسي صبغة استعجالية وغير متوقعة، وغير متلائمة مع الآجال اللازمة للإشهار وإجراء المنافسة المسبقين”.
مصادر مختصة أكدت ل ” هبة بريس” أن لجوء رؤساء الجماعات إلى عقد صفقات تفاوضية بالنسبة للمواد الغذائية ومواد التعقيم هو أمر يستوجب المساءلة القانونية، ويمس روح قانون الصفقات. خاصة وأن الجماعات التي لجأت إلى هذه الصيغة لها الوقت الكافي لاجراء صفقة عمومية عادية، حيث إن الأمر لا يتطلب إلا 20 يوما كفترة لاشهار الصفقة، وتساءل عن السر في عقد صفقة تفاوضية لاقتناء مواد غذائية بداية شهر ماي أي بعد مرور 40 يوما من إعلان حالة الطوارئ الصحية.
كما أن المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية بالنسبة للجماعات الترابية نص في المادة 135 “اللجوء إلى الصفقات التفاوضية يخضع إبرام الصفقات التفاوضية طبقا لمقتضيات الفقرة 6 من المادة 86 أعلاه للترخيص المسبق لوزير الداخلية أو المفوض من لدنه. ويجب أن تقتصر هذه الصفقات حصرا على الحاجات الضرورية لمواجهة هذا الاستثناء، وتحدد بقرار لوزير الداخلية لائحة الأعمال المتعلقة بهذا الاستثناء”.
وتدل هذه المادة على ان لجوء رؤساء الجماعات الترابية بجهات المغرب إلى الصفقات التفاوضية مخالف للقانون، وفيه شبهة فساد، خاصة وأن قرار وزير الداخلية حصر الاعمال المتعلقة بالاستثناء فيما يتعلق بالاعياد والزيارات الرسمية.

ع اللطيف بركة