دفعت جائحة كورونا حكومة سعد الدين العثماني، إلى التفكير في تقنين العمل عن بُعد بإدارات الدولة، لضمان استمرار إنجاز المهام وتقديم الخدمات في مختلف الظروف.

وفي هذا الصدد، أعدت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، مشروع مرسوم سيُعرض على المجلس الحكومي قريبًا، يوضح مفهوم هذا النظام وأنواعه وشروطه وضوابطه، إضافة إلى الحقوق والواجبات المرتبطة به.

وجاء في مقدمة هذا المرسوم أن العمل عن بُعد يعتبر أحد العناصر المرتبطة بمفهوم الإدارة الحديثة، إذ يندرج ضمن تطوير وتنويع أساليب العمل، باعتباره شكلًا من أشكال تنظيم هذا العمل، ويمكن بواسطته إنجاز المهام خارج مقرات العمل الرسمية التابعة للإدارة، باستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال.

وترى الحكومة أن العمل عن بُعد سيمكن من تحقيق التوازن بين حاجيات الإدارة من جهة، المتمثلة أساسًا في ضرورة استمرارية الخدمات بالنجاعة والفعالية اللازمتين، وبين الظروف الخاصة للموظفين من جهة ثانية، بما يوفره من مرونة في ساعات العمل، مع الحفاظ على المعدل اليومي لساعات العمل الرسمية.

وبموجب مقتضيات هذا المرسوم، فإن كل عمل يؤدى خارج مقرات العمل الرسمية التابعة للإدارة، إما بشكل دائم أو مؤقت، كلي أو جزئي، بتكليف من الإدارة، يكون فيه الاتصال بين الموظف والإدارة عبر استعمال الأنظمة المعلوماتية وأدوات الاتصال الحديثة، يُعتبر عملًا عن بُعد.

ويتم العمل عن بُعد في مقر سكنى الموظف المعني، أو عند الاقتضاء في مقرات أخرى تحددها الإدارة غير مقرات العمل الرسمية التابعة لها، لكن لا يخول العمل عن بعد، أينما تم إنجازه، الحق في الحصول على أي تعويض عن الإقامة أو عن التنقل، أو أي تعويض آخر خارج المقتضيات والشروط الجاري بها العمل.

وتشير مضامين المرسوم إلى أنه يتم بمقتضى قرار للسلطة الحكومية المعنية، تؤشر عليه السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية، تحديد الوظائف والأنشطة المؤهلة للقيام بها عن طريق العمل عن بُعد، ولائحة الأماكن الموضوعة رهن إشارة الإدارة للقيام بالعمل عن بعد، إذا كان سيتم خارج مقر سكنى الموظف المعني بالأمر.

كما يحدد المرسوم، أيضًا، القواعد الواجب احترامها فيما يتعلق بأمن أنظمة المعلومات وحماية البيانات، ووقت العمل عن بُعد واحتساب مدته وفق شروط.

ويمكن أن يتم تحديد مدة تجريبية أقصاها ثلاثة أشهر، لتقييم مدى قدرة الموظف المعني على العمل عن بعد، وتقدير انعكاساته على سير المرفق العمومي.

ويُمكن للإدارة أن ترخص للموظف لمدة أقصاها سنة بمزاولة العمل عن بُعد، بناءً على طلب مكتوب منه يحدد فيه مبررات ودواعي الطلب لمزاولته، وتقوم الإدارة بتقييم مدى توافق الطلب مع طبيعة المهام والواجبات والأنشطة الممارسة من طرف الموظف المعني ومع مصلحة الإدارة.

وتتيح مقتضيات المرسوم تجديد الترخيص السالف الذكر لمدة لا تتجاوز سنة بناءً على طلب مكتوب يوجهه الموظف إلى الإدارة 60 يوما قبل انقضاء مدة الترخيص السابق، على أن يتم تقييم عمل الموظف عن بعد ومدى تحقيقه للنتائج المحددة عند انتهاء مدة كل ترخيص.

وتنص مواد المرسوم على أن الإدارة تتحمل التكاليف المتعلقة بشكل مباشر بمزاولة العمل عن بُعد، لاسيما تكلفة الأجهزة والبرمجيات والاشتراكات والاتصالات وأدوات العمل ذات الصلة.

ويجب على الموظف العامل عن بُعد الالتزام بقواعد أمن نظم المعلومات، وبتطبيق معايير الأمن السيبراني عند استخدام مختلف الوسائل التقنية في تطبيق نظام العمل عن بعد.

كما يتعين على الموظف عن بعد الحفاظ على التجهيزات الموضوعة رهن إشارته وعدم استعمالها لأهداف خاصة، ويعتبر كل استعمال أو استغلال لها لأغراض شخصية وخارج الإطار المعمول به، خطأ مهنيا يعرض مرتكبه لمتابعة تأديبية.

ويقر المرسوم أن الموظفين العاملين عن بعد يستفيدون من نفس الحقوق المخولة للموظفين الذين يزاولون عملهم في مقرات عملهم، لاسيما رخصة المرض وحوادث الشغل والأمراض المهنية.

كما يخضع الموظفون العاملون عن بعد لنفس الواجبات والالتزامات المنصوص عليها في المقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

ولتقييم وتتبع نظام العمل عن بعد، ستُحدث لجنة وطنية تقوم بهذه المهام، إضافة إلى إعداد البرامج التكوينية ذات الصلة. كما ستُعد تقريرا سنويا يرفع إلى رئاسة الحكومة.

وتضم اللجنة المذكورة إضافة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية، كلا من المالية والأمانة العامة للحكومة وممثلي الوكالة الوطنية للتنمية الرقمية.