لاغرابة ان نصادف قانونا يقيد الحريات ،ويمنع المواطن المغربي من التعبير عن آرائه ومواقفه السياسية ،وهذا راجع بطبيعة الحال الى الاحتجاجات الالكترونية التي عرفها المغرب مؤخرا ،والمتمثلة تحديدا في حملة مقاطعة لبعض المنتوجات الاستهلاكية ،ناهيك عن حملة "شدونا كاملين" التي جاءت كردة فعل بسبب اعتقال الزفزافي... لكن المتغير المثير في كل هذا هو الاقبال الواسع من قبل مختلف الشرائح الاجتماعية ،التي اصبحت تعبر عن آرائها بطرق جديدة ،وذلك من خلال الاستعانة بالهواتف الذكية والمشاركة في الحملات الفيسبوكية عن طريق نشر مقاطع مصورة أو التعليق على بعض التصريحات أو السخرية منها بطريقة كوميدية، كما لا ننسى كذلك ان هذا القانون تم طرحه في سياق حالة الطوارئ التي يعرفها المغرب بسبب تفشي وباء كورونا المستجد حتى يسهل عليهم تمريره بطريقة سهلة ،ومن هنا يتبن لنا بان العملية كانت مقصودة الهدف منها تقييد حرية المواطن بأساليب ميكيافيلية مبينة على استغلال الازمات من أجل تمرير العديد من القوانين الماضوية ،التي تعيد بنا الى الوراء في الوقت الذي قلنا فيه بان زمن التكميم الافهاه انتهى ،وان المغرب دخل الى مرحلة جديدة بدءا من دستور 2011 الذي جاء بالعديد من القوانين التي تنص على الحرية التعبير للمواطنين... وها نحن اليوم امام عهد جديد للسلطة السياسية التي ارادت ان تحاسبك عن تعليق او التقاط الصورة ....في الوقت الذي كان عليها ان تفكر في النمودج التنموي الجديد ،الذي يمكن ان يساهم في اصلاح ما يمكن اصلاحه، بعدما تبين بالملموس بان المغرب يعاني من هشاشة اجتماعية كبيرة جدا ،التي جعلت المغرب يتخبط في العديد من الاصلاحات الترقيعية في تدبير هذه الجائحة ،التي حرمت العديد من المواطنين من مزازلة مهامهم الاعتيادية التي كانت تمكنهم من توفير لقمة العيش للابنائهم ،كما لا ننسى كذلك غياب التام للضمان الاجتماعي لهؤلاء الفئات الذين يشتغلون في القطاع الغير مهيكل ،الذي لولا الحس التضامني الذي يميز المغاربة لكان الوضع اكثر سوءا مما هو عليه اللآن ،هذه من بين الامور التي ينبغي للحكومة ان تناقشها بالاضافة الى ضمان تغطية صحية شاملة للكافة افراد المجتمع ،وهذا الامر يتطلب جرأة سياسية التي تضع قيمة المواطن في المرتبة الاولى ،الشيئ الذي من شانه ان يساهم في تحقيق تلك الثقة الغائبة بين المواطن والمؤسسات السياسية ،لكن امام هذا الوضع العشوائي الذي اصبحنا نعيشه كل يوم نتيجة تصريحات غير مسؤولة وقرارات ارتجالية لاتراعي مصلحة المواطن ،الذي اصبح يعيش حياة سيزيفية ومع ذلك اختارت الحكومة منحنى آخر وهوالتفكير في الهاجس الامني الذي يقيد من حرية المواطنين في التعبير عن آرائهم وموافقهم السياسية التي ينبغي ان نتعامل معها على اساس انها معطى ايجابي نظرا لقيمته في تحريك النقاش السياسي الذي ظل راكضا لفترة طويلة من الزمن بسبب هيمنة برامج التفاهة المضللة التي تساهم في انتاج جيل من الضباع على حد تعبير محمد جسوس لذلك فعلى الحكومة ان تكون حكيمة في طرحها لان الزمن التي نعيش فيه لن يعد يسمح بمثل هذه القرارات في الوقت الذي اصبحت فيه المقاربة التشاركية هي آلية الديمقراطية التي تجعل المواطن يشعر بقيمته الوجودية داخل المجتمع .

 زهير العوري