يجد المتأمل نفسه أمام مجوعة من التناقضات التي تحيل على الواقع المعاش، تناقضات أكثر ما يمكن القول عنها أنها وليدة الجهل الضارب في القدم، أم أنه جهل أريد له ذلك إنه زمن يصعب فيه فهم بعض الأمور إلا إذا ربطناها بخصوصيات المجال وما يتخبط فيه من فقر كرس معه نوعا من الطبقية المجتمعية، تعيد للمهتم والمؤرخ خصوصا ما كان سائدا في أوروبا ’’أي العصور الوسطى’’ إنه زمن جديد زمن عادت معه الأوبئة إلى الواجهة إنه زمن ’’كورونا’’ أو ما يعرف بالفيروسات التاجية التي حولت شوارع المدن والقرى إلى مجالات للأشباح والكلاب الضالة والحيوانات البرية التي أنهكها التدخل السلبي للإنسان والتأثير على البيئة خدمة للمصلحة الخاصة دون أي اهتمام بالوسط.

إن المتتبع للشأن المحلي أعنى المثقف في قرى الجنوب الشرقي قد يقسم فهم المجتمع للوباء الذي ظهر مؤخرا بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية على أنه وباء وأعلنت عنه الجهات الرسمية إلى ثلاث مستويات تختلف عن بعضها البعض، في جو من التعايش الممزوج أحيانا بالسخرية و وسوء الفهم للجائحة الغير الملموسة ، الذي تسبب فيه هذا المخلوق المجهري من تابعات همت كل القطاعات الاقتصادية، وتعدتها إلى المجتمع باعتباره رحى كل الأحداث، وما يتميز به من خصوصيات تعكس قسوة الطبيعة وشظف العيش، وانخفاض المستوى التعليمي والتأطير الطبي والفهم الخاطئ للواقع.

شكل حدث إعلان وزارة التربية الوطنية عن توقيف الدراسة يوم 16 مارس 2020 ، والاغلاق التام للمرافق العمومية، منها المدارس والجامعات تلاها إغلاق المساجد، وما أحدث هذا الأخير من استياء لدى الرأي العام والطبقة المتصدرة للفهم السطحي معتبرة أنه لا يمكن إغلاق المساجد وترى أن الموت بيد الله(اللي بغاها الله مرحبا ، الموت الى جات جات ) ضاربة الفهم الصحيح للعقيدة عرض الحائط. متناسية الأخذ بالأسباب وتهيئ الظروف لموا جهة الوباء الذي لا يفرق بين الغني والفقير، الصغير والكبير. بل اعتبرت توقيف الدراسة عطلة والكل ذهب الى حال سبيله وانشغل الصغير والكبير بالأشغال الفلاحية في ضرب سافر للحجر الصحي بل أصبح التهكم ورواية الطرائف حول موضوع كورونا أمرا مفروضا إنه الفهم السيء للحجر الصحي وصعوبة إقناع ساكني هذه الأصقاع بلزوم البيت ولو كلفه ذلك حياته.

المستوى الأول: عامة الناس والعناصر الغير مثقفة خاصة النساء وفلاحي المنطقة يصعب حقيقة إقناع هذه الفئة بلزوم المنزل. لذلك تجد النساء على الخصوص بين غاد ورائح لحضور مختلف المناسبات من عقيقة أو عقد قران وما إلى ذلك...كأن شيئا لم يحدث . الشيء الذى يجعل المتتبع لا وضاع العالم يتساءل أنه لهذا الحد يتساهل هؤلاء في حياتهم ولا يهمهم غيرهم من الكهول والمسنين إنه الجهل المدقع والانقطاع عن عالم الرقمنة والتطور التكنولوجي . إنه جيل ألف البساطة في العيش والارتباط بالأعراف والطقوس المحلية ظنا منهم أنه قد تنجيهم من شر الوباء وخير دليل على ذلك خروج النساء في جماعات وترديد بعض الكلمات التي قد تبعد كورونا عن سكان القرية في حين أن هناك جهود مضنية في المختبرات ومراكز البحث العلمي لا يجاد لقاح فعال عله يخفف ما ألم بالمجتمع الدولي من رعب وانتكاسة لم يشهد لها مثيل .

ما يحز في النفس هو ردة فعل هذه الفئات إن انت أردت النصح والارشاد وفهمهم العقيم واللامبالاة لما يحدث في من حولهم الذي قد يحول الفرح إلى أقراح بل قد يتعدى بهم الأمر الى نعتك بأوصاف تصل

إلى حد التكفير والتشبه بأهل الكتاب . إنه عالم الواحات وما يكتنفها من ظلم وسوء الفهم والارتباط الوثيق بالموروث الثقافي وصعوبة إلغائه لحد أن بعض الأمور أصبحت مقدسة ولايمكن الجثو عنها أو طمسها، هاذا حال الشعوب البدائية رغم أنه القرن العشرين .من الطرائف ايضا قدوم الطلبة من مختلف الجامعات المغربية ونظرا لوعيهم بخطورة الأمر اتخذ بعضهم عدم موقفا رافضا من السلام باليد على أفراد الأسرة حماية لهم من انتقال العدوى، لكن اعتبر هذا التصرف تصرف غير لائق وأن الدراسة جعلت من الشخص المعروف والمحبوب شخصا أخر وبالتالي فالشاب يجد نفسه منبوذا وغير مرحب به.

المستوى الثاني: الطبقة التي تتفهم الأمر وتستطيع التوفيق بين المستويين، وتتكون من عموم القراء والطلبة و تعاملت بحذر مع الطبقة الغير مثقفة باعتبار هذا النوع من الناس لين الطباع وعايش الأحداث ومختلف مكونات المجتمع.

المستوى الثالث: العناصر المثقفة وعلى رأسها رجال التعليم والطبقة الواعية عموما، تحاول جاهدة تطبيق الحجر الصحي وقد تجد نفسها مكرهة ببعض التصرفات المجتمعية، من مثل الانخراط في صندوق تدبير جائحة كورونا بهدف الاستفادة من الحصص المخصصة ، وبالتالي يصبح الحجر الصحي في خبر كان، حتى إن رفض الشخص أو امتنع يتم نعته بأقبح الاوصاف والتنقيص منه وتجنبه، وتصبح وصمة عار على جبينه لا يمحوها الدهر، بل تصبح من المتداول اليومي وتصنف في خانة المترفعين أو المتكبرين أو أصحاب الحائط (الشباك البنكي)الذي لا يهمه أحد سوى مصلحته الخاصة واستغلال الاخريين من نظرتهم الضيقة .

هذا حال معظم المناطق النائية والواحات المغربية على وجه الخصوص ، الفقر أحيانا قد يؤدي إلى الكفر قد يؤدي إلى تصرفات قد تجرد الانسان من طبيعته البشرية، ويظهر الوجه الحقيقي جراء ما تلقى من كدمات جعلته ينفر من كل شيء.

القلموني عبد السميع