بإطلالة  سريعة  على  بعض  المواقع  الالكترونية  الرصينة  التي  تتناول  أبحاثا  أو  تحاليل  تدور  حول  موضوعٍ  أصبح  يفرضُ  نفسَه  وهو ( العالم  ما  بعد  كورونا ) نجد  أغلبية  هذه  المواضيع   تَـتَـنَـبَّأُ  بأن ( ما  بعد  كورونا )  سينحصر  في  الصراع  على  زعامة  العالم  ،  وأن  أكثر  التنبؤات  تحصر  الصراع  حول  زعامة  العالم  بأنه  سيكون  بين  الصين  والولايات  المتحدة  الأمريكية ، وأن  أوروبا  ستكون  أكبر  المتضررين  بل  ستخسر  نقطا  كثيرة  جدا  في  سلم  التقدم  الاقتصادي  بسبب  احتمال  انهيار منظومتها  الاقتصادية  لأنها  أخطأت  في  تقدير  خطورة   جائحة  كورونا  صحيا   على  شعوبها  ، وكذلك  أخطأت  تقدير  تأثيرها   على  اقتصادها  واتخدت  قرارات  خاطئة  بسبب  الذعر  الذي  أصاب  حكام   كل  الدول  الأوروبية  تقريبا ،  لكنها  انتبهت   متأخرة  لأخطائها  سواءا  في  مواجهة  وباء  كورونا  بالحزم  اللازم  أو  قراراتها  الاقتصادية  المتسرعة ...هذه  هي  حالة أوروبا  التي  خرجت  من  الصراع  على  الزعامة ... 

لكن بعض  الملاحظين  انتبهوا  لشيء  آخر لا علاقة  له  بالصراع  على زعامة العالم  أو الانفراد  بقيادته،إنه  خطر انهيار المنظومة  الغذائية  التي  كانت  تسود  العالم  قبل  جائحة  كورونا ، لذلك  سيكون  الصراع (ما بعد  كورونا ) على  امتلاك  سلاسل  الإمداد  الغذائي .     

أولا :  الصراع  ما  بعد  كورونا   سيكون  على  امتلاك  سلاسل  الإمداد  الغذائي !!!!

الذين  يحصرون  قضية ( ما بعد  كورونا )  في  الصراع  على  زعامة  العالم  يخطئون  في  تحليل  معطيات  ضرورية  لاستشراف   المستقبل ، وخاصة  خطأ  القفز  على  معطيات  ضمان  الغذاء  أو  التموين  الغذائي  في  العالم  أثناء  تحليلاتهم  الاستشرافية  لما  بعد  كورونا  ،  وهذا  دليل  على  اضطراب  الرؤيا  الاستشرافية  للذين  لا  يزالون  في  تحليلاتهم  يحافظون  على  النظرة  الكلاسيكية  للعالم  ونِزَاعَاتِهِ  التقليدية ،  وقليل  منهم  الذين  قفزوا  نحو  المستقبل  يُسَائِلُونَه  على  مدى  قدرة  العالم ( ما  بعد  كورونا  )   لاستمرار ضمان  امتلاك  سلاسل  الإمداد  الغذائي  لبعض  الدول  لنفسها  قبل  غيرها ،  فقد أصدر مدراء منظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بيانا مشتركا حذروا فيه من احتمال أن تتسبب الاضطرابات في التجارة الدولية وسلاسل الإمداد الغذائي الناجمة عن تفشي فيروس كورونا "كوفيد-19" بنقص في المواد الغذائية في السوق العالمية. [....]  وقال نص البيان المشترك الذي صدر يوم  الإثنين 30 مارس 2020  إنه بالنسبة إلى المنظمات الثلاث التي تُعْنَى بشؤون الصحة والتغذية والتجارة الدولية، "  أنه من المهم  تأمين المبادلات التجارية  بهدف تفادي حصول نقص في المواد الغذائية على وجه خاص ..وأعربت المنظمات الثلاث عن  تخوفها  خصوصا  من  "تباطؤ حركة العاملين في قطاعي الزراعة والغذاء"، ما ستتسبب  فيه  عرقلة الكثير من الزراعات  في أوروبا  الغربية ،  وكذا  بحصول "تأخر على الحدود لحاويات" البضائع، مما سيؤدي إلى "هدر المنتجات القابلة للتلف وزيادة التبذير الغذائي"....

إذن  يمكن  اختصار هذا  البيان  الذي  يتنبأ  للحالة  الغذائية  في  العالم   فيما  يلي  :

1) الخوف من تباطؤ  حركة  العاملين في  قطاعي الزراعة  والغذاء  عامة بسبب  جائحة  كورونا  التي  اجتاحت  العالم  و أجبرت  البشر  في  العالم  على  التوقف  والتزام  الحجر  الصحي .

2) العرقلة  التي تسببت  فيها  هذه  الجائحة  العالمية  لكثير  من  الأنشطة  الفلاحية  والزراعية  في  الغرب  المعروف  بإنتاجه  الكثير  للمواد  الغذائية  المُعَـدَّة  للتصدير  أساساً ..

3) التأخر  عند  الحدود  والجمارك  سيصيب  البضائع  الفلاحية  أو الزراعية  التي  تحملها  الحاويات ،  سيصيبها  التلف  لأننا  نعلم  أن  كثيرا  من  البضائع  وخاصة  الخضر والفواكه  تصاب  بالتلف  بسرعة  وتصبح  غير  قابلة  للاستهلاك ، وسينتج  عن  ذلك  التلف  هدر لهذه  المنتجات  مما  سيزيد  من  خطر التبذير الغذائي  ، لأن  المفروض  أن  العالم  ما  بعد  كورونا  سيكون  في  حاجة  للتدبير  الجيد  لحاجياته  الغذائية  أكثر  مما  مضى .

هل  استوعبتم  أيها  الجزائريون  الخطر  الذي  سيصيب  سلسلة  تنقل  مواد  التموين  الغذائي  عبر  الدول  والقارات  والطرق  البحرية  والأرضية ،  خاصة  وأن  الدول  التي  كانت  تنتج  هذه  المواد  الغذائية ، كانت  قد  خططت  لكثير  منها   أنها  ستكون  للتصدير  طبعا  بعد  أن  تبدأ  بضمان  حاجياتها  منها  قبل  كل شيء . في  حين أننا  نعرف  جيدا  مقدراتنا  الحقيقية  في  ميدان  الاكتفاء  الذاتي  للمواد  الغذائية  الذي  يقترب من  الصفر أو  هو  فعلا  صفر  لأننا  نستورد  كل  ما   نأكل  من  الخبز  الجاف  حتى  بطاطا  الخنازير !!!!

ثانيا : فما رأي مافيا الجنرالات التي  حكمت الجزائر 58 سنة إذا تعطلت عن الجزائر سلسلة الإمداد الغذائي؟

إذا  كان  الشعب  الجزائري   قبل  جائحة   كورونا  معروف  ومشهور  بل  أشهر  من  نار  على  علم  في  مشكلة  تسمى (  شكارة  حليب +  حبة  بطاطا )  ، قلنا  إذا  كان  الشعب  الجزائري  معروف عنه أن  الفرد  الجزائري  يعاني  من  مشكلة  الغذاء  البسيط  والذي  يمكن  اختصاره   في  القوت  اليومي  الذي  يضمن  له  أن  يبقى  على  قيد  الحياة  - فقط -  وتعتبر  هذه  الحالة  هي أدنى  صفة  لا  يُـعْـرَفُ  بها   سوى  الحشرات  من الهوام   والهاموش  أي  صفة  :  الصراع  من أجل البقاء  على قيد الحياة  فقط   ،  إذا  كان  هذا  هو  وضعنا  الحقيقي  في  الجزائر  قبل  جائحة  كورونا  فماذا  سيكون  أمر  غذائنا  ومعيشتنا  عامة  ( ما  بعد  كورونا ) إذا  تأملنا  فيما  جاء  في  بيان مدراء منظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة   في  علاقة  ذلك  البيان  بحالنا  نحن  في  الجزائر  مع  مافيا  الجنرالات  وكراكيز  تبون  حاشاكم   الذين   كانوا  قبل  كورونا   يسيطرون  على  قوتنا   اليومي   على  هزالته  ؟ 

من  المعلوم  أن  مافيا  الجنرالات  الحاكمة  في  الجزائر  هي  المسيطرة  على  قوتنا  اليومي  دائما  وأبدا  ولا تزال  ، وتمتص  دماءنا  طيلة  58  سنة  ،  وفضائح  المافيات  الصغيرة  لجنرالات  الجزائر  الذين  وزعوا  فيما  بينهم  التحكم  في  قوتنا  اليومي   ،  فهناك  مافيا  السميد  ومافيا  السكر  ومافيا  الزيت  ومافيا  الرز  ومافيا  الدقيق  ومافيا  الخضر  والفواكه  ومافيا  البنزين  والمازوت  الخ  الخ  الخ ...  إلى  أن  تطور  الأمر  إلى  مافيا  جنرالات  الحشيش  و مافيا الكوكايين  والهرويين  ومافيا  جنرالات  تخصصوا  في  تجارة  البشر  والسلاح   وصناعة  الإرهابيين  الذين  يَقُضُّونَ  مَضْجَعَ  الشعب  الجزائري (  فحسب  آخر  إحصائيات  الأعمال  الإرهابية  داخل  الجزائر   ما بين 2016  و 2019  بلغ  حوالي  2000  عملية  إرهابية  أي  بمعدل  500  عملية  إرهابة  في  السنة  )  ويشك  الملاحظون  في  كون  هذه  العمليات  أنها   من  إنتاج  المخابرات  الجزائرية  التي  تدخل  في  إطار  إرهاب  الدولة   الذي  يستهدف  ترهيب   الشعب  حتى  يقتنع  بحكم   العسكر  الذي  يحميه  من  الإرهابيين  وأعداء  الخارج  ) ...

 ثالثا :  بومدين  مؤسس  مافيات  الجنرالات  التي  تسيطر على قوتنا  اليومي هو سبب مصير قوتنا  في المستقبل 

بعد  أن  تأكدنا  من  جذور  تأسيس  مافيا  الجنرالات  التي  تحكم  الجزائر  اليوم  وغدا  وإلى  يوم  القيامة  وعرفنا  - بما  لا يدع  مجالا  للشك – أنها  من  صنع  المقبور  هواري  بومدين  وذلك  بتمسكه  بكابرانات  فرنسا  الذين  أصبحوا  اليوم  جنرالات  يحكموننا   ،  وبعد  أن  تأكدنا  أنه  أصبح  من  البديهي  أن  القوت  اليومي  للشعب  كان  ولايزال  بيد  هذه  المافيا  الطاغية  تتلاعب  به  كما  شاءت  في  زمن  ما  قبل  كورونا  ،  فكيف  سيكون  حالنا  ( ما  بعد  كورونا )  إذا  سُدَّتْ  كل  السبل  في  وجه  هذه  المافيات  المتحكمة  في  قوتنا  اليومي   الذي  تستورده  من  الخارج  ؟

كثيرا  ما  نجد  بعض  المُتَنَطِّعِينَ  الذين  لا يزالون  يُقَدِّسُونَ  المقبور  بومدين  سواءا  في  الداخل  أو  ما يسمى   بمعارضة  الخارج  ، ويَحِنُّونَ  لزمنه  لأنهم  سقطوا  في  فخ  تصديق ( البروباغندا  البومديانية )  الخبيثة  التي  كانت  تطبق  حرفيا  المبادئ  الأساسية  لأحد  أكبر  صناع  البروباغندا   الذين  عرفهم  التاريخ  وهو   جوزيف  غوبلز  وزير  الدعاية  السياسية  للدكتاتور  أدولف  هتلر ،  كان  غوبلز  يكره  المثقفين  والكل  في  الجزائر  يعلم  جيدا  أن  بومدين  كان  يكره  المثقفين (  أريد  من  أحد  المتنطعين  الذين  يقدسون  بومدين  أن  يبرهن  لنا  على  العكس  في  قضية  كراهية  بومدين  للمثقفين ، أينكم  يا  أعداء  الشعب  ردوا  على  هذه  النقطة ؟)  كان  بومدين  يكره  الثقافة  والمثقفين  لأن  غوبلز كان  يقول : "  بالثقافة  تستطيع  أن  تعرف  وتحدد  بالضبط  من  هو  المسؤول  عن  مُعَانَاتِكَ " ... ولذلك  فإن  المقبور  بومدين  كان  يكره  الثقافة   والمثقفين  عملا  بأحد مبادئ  غوبلز...  وكان  بومدين  يعمل  بمبدإ  آخر  لغوبلز  الذي يقول  فيه : "  كلما  سمعتُ  كلمة  ثقافة  تحسستُ  مسدسي " ،  كذلك  المقبور  بومدين  كان  يكره  رائحة  الثقافة  والمثقفين لأنه  يعلم  جيدا  أنهم  سيكشفون  عنه  بأنه  هو  سبب  معاناة  الشعب  الجزائري ..

رابعا :  بعد  موت  بومدين   تعرت  عورة  الجزائر  وظهرت  أكذوبة  الجزائر  القوية  والغنية  : 

كان  المقبور  هواري  بومدين  يعمل  بإخلاص  على  تطبيق  نظريات  غوبلز  في  تعامله  مع  الشعب  الجزائري  حيث  نجح  نجاحا  باهرا  في  مجال  البروباغندا  والدعايات  الكاذبة  والتي  ظلت  الجزائر  تعيش  بها  حتى   بعد  إقبار  بومدين  ...

سأذكر  شيئا   ربما  لم  يذكره  أحدٌ  قبلي  وهو  السؤال  عن  شخص  أصبح  في  حكم   المجهولين  و لايذكره  المعارضون  في  الداخل  أو في  الخارج  ،  رغم  أنه  كان  أحد  كبار  زبانية  بومدين  ألا  وهو  المدعو محمد  الصديق  بن  يحيى  الرجل  اللغز  في  حياته  و في  طريقة  موته !!!  تبدأ  قصة  محمد  الصديق  بن  يحيى  هذا  مع  انقلاب  بومدين  على  بنبلة  في  19 يونيو 1965  حيث  شكل  بومدين  ما يسمى ( بمجلس  الثورة )  وكان  هو  رئيس  هذا  المجلس ،  وفور  إمساك  السلطة  وجد  بومدين  نفسه  جاهلا  بتدبير  شؤون  دولة  فتية  لأنه  كان  طيلة  حياته  مجرد ( كابران )  في  الجيش  أي  ( حلوف )  لا يفقه  في  السياسة  شيئا  لكنه  كان  من  كبار  القتلة  المجرمين ،  فكر  بومدين  في  شخص  يجمع  له  هذه  الفوضى  التي  وجد  نفسه  فيها  بعد  انقلابه  على  بنبلة  ،  فكر:  أولا : في كيفية  إقناع  الشعب  بالوافد  الجديد  على  رأس  السلطة  أي  بومدين  . ثانيا :  في البحث عن حلول  للمعيشية  اليومية  للشعب مهما  كانت  بسيطة . ثالثا :  وضع  خطة  لاقتصاد  فلاحي  وصناعي  تعتمد  عليه  الدولة  في  مداخيلها   المستمرة  بالإضافة  لمداخيل  الغاز  والنفط .... ولتدبير  هذه  الأولويات  في  نظر  بومدين  فكر  في  رجل  يستطيع  أن  يضع  مخططا   لهذه  الأولويات  ولم  يجد  سوى  محمد  الصديق  بن  يحيى  الذي  كان إذاك  سفيرا  في  موسكو فاستدعاه  على  عجل وعُقِد اجتماعٌ عاجلٌ بين الرجلين،  وقال له  بومدين : إنّ القيادة الثورية تريدك أن تُشكِّل فريق عمل و تقديم برنامج نهضة للدولة الجزائرية في مختلف القطاعات ، كان بومدين يثق بالرجل ثقةً كبيرةً ... قَبِلَ بن يحيى المهمة، وفي زمن قياسي اتصل هذا  الأخير  بعدد من رفاقه للمشاركة وللمشورة  وتشكيل ( فريق عمل ). وكان من أول أعمال فريق العمل هذا،  وضع  مخطط ثلاثي ( 1967/1969 )  بُنِيَ على ثلاث ركائز: توسيع نطاق التعليم العلمي والتكنولوجي، وبناء قاعدة صناعية، وإصلاح زراعي....سيتساءل  القارئ  عن  الفترة ما بين  1965 و 1967  أين  كان  هذا  الرجل  وخاصة  أن سيرة حياته  العملية  تشير أنه  كان  سفيرا  للجزائر  في  موسكو  في  تلك  الفترة   ؟  الجواب  هو  أن  منصبه   كسفير  في  موسكو  في  هذه  الفترة  (  1965 و 1967)  كان  تغطية  لعمله  في  الفريق  المذكور  لأن  سيرته  العملية  الجادة  ستظهر  في  الفترة  المهمة  جدا  وهي  فترة  ( 1967 -  1970 )  أي  فترة  تعيينه  من  طرف بومدن   كوزير  للإعلام  والثقافة  ، خاصة  وأن  المخطط  الثلاثي  سيبدأ  تطبيقه  عام  1967 ،  وتكليفه   في  هذه  الفترة  بوزارة  الإعلام  والثقافة  وهي  أخطر  مهمة  فيما  يتعلق  بالمخطط   الثلاثي (1967/1969 )   برمته  الذي  وضعه  محمد  الصديق  بن  يحيى وهو  الذي  سيقوم  بمهمة  البروباغندا  الخطيرة  للدعاية  لهذا  المخطط  الثلاثي  البئيس  بصفته  وزيرا  للإعلام  والثقافة  ، لكن  أي  ثقافة ؟ ،  فهو  الذي  وضع  المخطط  ويجب  عليه   أن  يقوم  بمهمة   الهيمنة  على  عقول   الشعب  وتخديرهم  بالتخاريف  حتى  يؤمنوا   بهذا  المخطط  أي  بمعجزة  الجزائر  الفلاحية  والصناعية  حسب   ذلك  المخطط   المعلن  عنه  للشعب  باعتباره   مخططا  سيجعل  من  الجزائر  يابان  إفريقيا  ،  لذلك  كلفه  بومدين  بمهمة  البروباغندا  والدعاية  الكاذبة   وعينه  وزيرا  للإعلام  والثقافة  في  عام  1967  ،  فقام  بها  أحسن  قيام  ، لأنه  سَـوَّقَ  لصورة  المخطط  الثلاثي  الفاشل مسبقا  عبر  وسائل  الإعلام  المتوفرة  إذاك  وقد  نجح  في ذلك  بفضل  تنفيذ  مبادئ  غوبلز   في  البروباغاندا   والدعيات  الكاذبة  التي  يمكن  اختصارها  في  أربع  نقط  هي   :

1)   اعطني  إعلاما  بلا  ضمير  أعطيك  شعبا   بلا  وعي .

2)   اكذب  اكذب  حتى  يصدقك  الناس .

3)   الكذبة  إذا  قيلت  مرة  واحدة  تبقى  كذبة وإذا  أعيدت  ألف  مرة  تصبح  حقيقة .

4)   لا شيء  يمكنه  التأثير  على  عقول  الشعب  أكثر  من  التلقين  اليومي المباشر ، باختراع  الكذبة  وترديدها  لسبع  أو ثماني  سنوات  حتى  يَنْشَأَ  جَيْلٌ  جديدٌ  وسط  انتشار  تلك  الكذبة  فيصدقها  هذا  الجيل   دون  المطالبة  بالدليل .   

طَبَّقَ  محمد  الصديق بن  يحيى  هذه  المبادئ   بصفته  وزيرا  للإعلام  والثقافة  في  فترة  ( 1967 -  1970 )  فنشأ  جيل  صدق  أكذوبة  الجزائر  ذات  المشاريع  الفلاحية  والصناعية  الضخمة  في  عهد  المقبور بومدين  دون  أن  يبحث  عن  الدليل ....وعلى  رأس  الذين  صدقوا  هذه  الأكاذيب   المُغَـفَّـلُونَ  من  معارضة  الداخل  والخارج  التي  تقدس  المقبور  هواري  بومدين  وتجعله  (  مرجعا  )  لأكذوبة   ازدهار  الجزائر  في  عهد  بومدين...صدقتْ  هذه  الفئة  أكذوبة  جزائر  بومدين  دون  أن  تبحث  عن  دليل  يؤكد  أنها  مجرد  أكذوبة !!!!

نحن  لدينا  الدليل :  أين  هي  تلك  المشاريع  الفلاحية  الضخمة  التي   تبخرت  فور  موت  بومدين ؟  ومع  ذلك  لا يزال  المُغَـفَّلُونَ  من  الذين  يقدسون  المقبور  بومدين   يحلو   لهم  تمجيد  ذلك  الوهم  وتلك  الأكذوبة  الفاقعة  و يسمونها  بالثورة  الفلاحية  والثورة  الصناعية   في  عهد  بومدين  ويرددون  ذلك  كالببغاوات  دون  أن  يبحثوا  عن  الدلائل !!! 

الحقيقة   التاريخية  هي  أن   كل  الذين  حملوهم  في  الشاحنات  العسكرية  ووضعوهم   قَسْراً  في  قرى  سموها  ( المدن  الفلاحية  أو  البلدات  الفلاحية )   كلهم   فَـرُّوا  إلى  المدن  لأنهم  كانوا  لا  يعرفون  شيئا  عن  حرفة  الفلاحة  ...  أين  التعاونيات  الجماعية  التي  وضعها  المخطط  الفلاحي  ؟  كلها  تبخرت  وأصبحت  مسميات  على  الورق ، لأن  مشروع  ( الثورة الزراعية  )  وُلِدَ  مَـيِّـتاً  وحسب  المحللين  الاقتصاديين   المتخصصين  فإن  ذلك   المشوع   كان  أكبر بكثير من  مستوى المجتمع الجزائري ،  فالنظام التعاوني صعب للغاية ويحتاج إلى مستويات أخرى من الإدراك  العقلي  ومن التعايش والقدرة على العمل الجماعي  بل  إن  كثيرا  من  كبار  كراكيز دولة  بومدين  هم  أنفسهم  لم يفهموا المشروع  بدليل أنّه تبخّر مباشرة بعد موت  المقبور  بومدين  وإلا  فإن  كراكيزه  استمروا  في  تنفيذ  ذلك  المشروع  الفلاحي   على  الأقل  (  أجد  حرجا  شديدا  في  الحديث  عن المشروع  الصناعي  أو  ما  يسمى  الثورة  الصناعية  لأنها  كانت  فضيحة  عالمية   بكل   المقاييس ،  لذلك  ركزتُ  على  أكذوبة المشروع  الفلاحي  لأن  له  علاقة  بموضوع  الطعام وضمان  الاكتفاء  الذاتي  للقوت  اليومي  و لايحتاج  إلى  عبقرية  في  التنفيذ  لأنه  يعتمد  على  الأرض  وهي  موجودة  وقد  طَوَّعَهَا   المستعمر  الفرنسي  ولا  تحتاج   إلا  لمجهودات  عضلية  للذين  سيخدمون  تلك  الأراضي  ،  لكن  ما  بُنِيَ  على  الخديعة  والمكر  لا  يباركه   رب  العالمين  )  ....

نحن  في  2020  وبفضل  سياسة  نشر  القحط   السياسي  والفكري  الذي  أسس  له  المقبور  بومدين  وركزته  مافيا  الجنرالات  الحاكمة  في  الجزائر  ،  قلتُ  نحن  في  2020  و  المجتمع   الجزائري  لم  يصل  بعد  إلى  مستوى  الإدراك   العقلي  والقدرة  على  العمل  الجماعي   ولا  حتى  العمل  الفردي  لأن  مافيا  الجنرالات  التي  أسسها  بومدين  تعتمد  على  سرقة  أموال  الشعب  الجزائري  وفي  نفس  الوقت  صنعت  منه  شعبا  يكره  العمل  اليدوي  ويعتبره  إهانة  فأصبح  المجتمع  الجزائري  مجتمعا  خاملا  بفضل  سياسة  التجهيل  ومجانية  التعليم  والصحة   والمساعدات  الاجتماعية  ورشوة  الشياتين ،  وكل  تلك المساعدات صنعت من الجزائريين أجيالا اتكالية  تكره  العمل  اليدوي ...

كنت  في  بداية  حديثي  ذكرتُ  المدعو  محمد  الصديق  بن يحيى  وقلتُ  عنه  : محمد  الصديق  بن  يحيى  الرجل  اللغز  في  حياته  وطريقة  موته !!!  عرفنا  مهمته  كسفير  للجزائر  في  موسكو  وكرئيس  لفريق  العمل  الذي  وضع  المخطط  الثلاثي  (1967/1969 )  وكوزير  للإعلام  والثقافة  من  أجل  ترسيخ  أكذوبة  الجزائر  المعجزة  فلاحيا  وصناعيا  وذلك  بنشر  الأكاذيب  تلو  الأكاذيب  والخزعبلات  تلو  الخزعبلات  ونجح  في  ذلك  لأننا  نجد  حتى  الساعة  بعض  الذكور  الكبار  في  السن  اليوم  لكنهم  كانوا  في  زمن  بومدين  صبيانا  وشبابا  مراهقين  فكريا  هم  الجيل  الذي  بلع  تلك  الأكاذيب  وتَشَرَّبَ  تلك  الخزعبلات ،  نجدهم  اليوم  لا  يخجلون  من  أنفسهم  وهم  قد  عاشوا  فشل  أكذوبة  الجزائر  يابان  إفريقيا  والقوة  العظمى  في  المنطقة  المغاربية  ، لأن  مَشْرُوعَيْ  الفلاحة  والصناعة  الثقيلة  والخفيفة  هي  مجرد  أكاذيب  وخرافات  نفخ  فيها  محمد  الصديق بن  يحيى  وطبق  من  أجل  أن  يصدقها  (  المغفلون )  مبادئ  غوبلز  في  البروباغاندا  التي  ذكرناها  آنفا  ... بعد  ثلاث  سنوات  تأكد  فيها   بومدين  أن الشعب  قد  بلع  تلك  الأكاذيب   كافأه  حيث  عينه وزيرا  للتعليم  العالي والبحث العلمي  ( 1970/ 1977 )  ثم  وزيرا  للمالية  (  1977/ 1979)  ولما  مات  بومدين عينه  الشاذلي  بنجديد  وزيرا  للخارجية  في  مكان  عبد العزيز  بوتفليقة  في  مارس  1979 ،  ومن  هنا  تبدأ  غرائب  وعجائب  اغتيال  هذا  المحتال ،  فقد  نجا من محاولة اغتيال أولى  في حادث طائرة في 30 مايو 1981 في باماكو   مالي ،  لكنه  لم  ينجو  ومات  في  حادثة   تفجير طائرة  أخرى  على بعد 50 كلم من الحدود الفاصلة بين العراق وتركيا  في 3 ماي  1982... أليست  حياة  هذا  الشخص  ومماته  لغزا  من  ألغاز  الجزائر التي  لا تحصى  ....  يبقى  سؤالي أنا  هو : لماذا  لايذكره  أحد  سواءا  من  شياتة  السلطة  أو  المعارضة  في  الداخل  والخارج  وخاصة  أولئك  الذين  يثق  الشعب  المخدوع   في  وطنيتهم  وإخلاصهم  للدفاع  عن  الشعب  للتخلص  من  ربقة  مافيا   الجنرالات ،  لماذا ؟  لعل  الحديث  عنه  سيعري  هذه  المعارضة  ويعري  تمسكها  بتقديس  بومدين  لأن محمد الصديق  بن  يحيى كان  محتالا  و ومخادعا  وكذابا  وبوقا  للمقبور  بومدين ،  وكل  تعرية  لهذا  الشخص  هي  تعرية  لعورة  المقبور  بومدين  وتسفيها  للذين  يقدسونه ... وليس  من  العبقرية  في  شيئ  أن نستنتج  أن  اغتياله  كان  ضروريا  وإلا  كانت  السلطة   ستضطرب   في  يد  مافيا  الجنرالات  وهم  في  طور  تركيز  سلطتهم  فلم  يمر  على  موت  المقبور  بومدين  سوى  ثلاث  سنوات  وبضعة  شهور  وهو  الذي  يحمل  معه  سر  فشل  المخطط  الثلاثي  ومافيا  الجنرالات  لا  تزال  حديثة   عهد  بالسلطة  وليس  لها  قدرة  على  مواجهة  أسرار  قد  تدمر مستقبلهم  فتخلصوا  منه  وبإصرار  في  محاولتين  اثنتين  متتابعتين  وفي  طائرتين  حتى  أردوه  قتيلا  وتخلصوا  من  كوابيسه  عليهم ...

خامسا : الطعام  ثم  الطعام  في الجزائر : مستقبل  الأمن الغذائي  ينذر بمأساة  كارثية في الجزائر :

بعد أن حطمنا أسطورة  الثورة  الفلاحية  للمقبور  بومدين  التي  يتغنى  المُغَـفُّـلُونَ  الذين  يقدسونه ، وَوَقَـفنا  عرايا  أمام المرآة  ورأينا  حقيقة  الفلاحة  البئيسة  في  الجزائر  التي  هي  لو  كانت  حقيقية  لكانت هي التي  يمكن أن  تنقذ  مستقبلنا  أمام  الكارثة التي ستحدث  (  بعد  جائحة  كورونا )  من  جراء الخطر  الذي  سيصيب  سلسلة  تنقل  مواد  التموين  الغذائي  عبر  الدول  والقارات  والطرق  البحرية  والأرضية ،  خاصة  وأن  الدول  التي  كانت  تنتج  هذه  المواد  الغذائية ، كانت  قد  خططت  لكثير منها أنها ستكون  للتصدير  طبعا  بعد  أن  تبدأ  بضمان  حاجياتها  هي  منها  قبل  كل شيء ...فالدول بعد جائحة  كورونا  التي  تنتج  الخضر  والفواكه  ستبدأ  بنفسها  أولا  وقبل  كل  شيء  وإذا  فاض  عندها  إنتاج  أي  شيء  ستلجأ  لبيعه  في  السوق  الدولية  ونحن  أحسن  زبون  عند  مثل  هذه  الدول  لأن  مافيا  جنرالاتنا  سيتسابقون  لشراء  ذلك  الفائض   ليحتكروه  لأنفسهم   ويُذِلُّونَنَا  بما  لديهم ، لكن  لن  يسير  الأمر  بهذه  السهولة  بعد  جائحة  كورونا  كما  تخوفت  المنظمات  المذكورة  في  بيانها  المتشائم  حول عراقيل  سلسلة  الإمداد  الغذائي  في  العالم .

لسنا  اليوم  بلدا  فلاحيا  ولم  يفكر  الذين  خنقوا  ثورة  فاتح  نوفمبر  1954  بعد  مهزلة  ما  يسمى  بالاستفتاء  على  الاستقلال في  جويلية  1962  ، لم  يفكروا  طيلة  58  سنة  في  التخطيط  الحقيقي  لمشروع  فلاحي  زراعي  نعتمد  به  على  أنفسنا  في  حالة  اختناق  سبل  النقل  بين  الدول  كما  حذر مدراء منظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة  في  بيانهم  المشترك  وخاصة  احتمال أن تتسبب الاضطرابات في التجارة الدولية وسلاسل الإمداد الغذائي الناجمة عن تفشي فيروس كورونا بنقص في المواد الغذائية في السوق العالمية والعراقيل التي ستقف أمام  تبادل تجارة  المواد  الغذائية ...

سادسا : أكبر عراقيل  تزويد الجزائر بمواد التموين من  الخارج هو  ضعف التجهيز والنقل واللوجستيك :   

سبق أن  كتبتُ  مقالا  حول  الضَّعْفِ  الكبير  الذي  تعاني  منه  الجزائر  فيما  يتعلق  بالبنيات  التحتية ،  كان  ذلك  حينما  رأى  الجزائريون  أن  ملايير  من  الدولارات  في  زمن  البحبوحة  المالية   تُحَصِّنُ  بها  مافيا  الجنرالات  نفسها  باقتناء  الخردة  الروسية  من  الأسلحة  القديمة ،  وما  يبقى  من أموال  الشعب  يذهب  القسط  الأكبر  منه  إلى  حسابات  مافيا  الجنرالات  في  الخارج  أما  الفتات  الذي  يبقى  فيذهب  أكثره  للبوليساريو  وما  بقي من  فتات  الفتات  يصرف  على  صيانة البنية  التحية  المهترئة  من  بقايا  الاستعمار  الفرنسي ،  لذلك  أثار  انتباهي  بعض  المعضلات  في  البنية  التحية  وأذكر منها  ما  عَلِقَ  في  ذهني  مثلا:

1) الموانئ  وأبرز  مثال  ميناء  الجزائر  العاصمة  البالي  والمهترئ  ويجب  إغلاقه  تماما  ،  فهل  يعقل  أنه  بعد  58  سنة  ومافيا  الجنرالات  تسرق  أموال  الشعب  الجزائري  بآلاف  الملايير من  الدولارات  ويبقى  في  الجزائر  على ساحلها  المتوسطي  الذي  يبلغ  طوله أكثر من  1600  كلم  عبر 14  ولاية  إلا  ميناء  العاصمة  الجزائر ، هذا  ميناء لا تستطيع  الشاحنات  الحاملة  للحاويات  أن  تخرج  من  الميناء  إلى  خارج  المدينة  إلا  وسط  زحام  فظيع  من  السيارات  والراجلين  وأزقة  ضيقة  ، أين  النظرة  اللوجيستيكية ؟ كان  من المفروض أن يكون  للجزائر أكبر ميناء على  المتوسط  حتى  ولو  كان  على  جانب  شاطئ   مهجور ،  انتهى  ميناء  الجزائر  العاصمة  وأصبح  جزءا  من  التاريخ  ويجب  أن يبقى  مزارا   للشيوخ  الفرنسيين  من الْمُعَمِّرِينَ  الذين  وحدهم  يزورون  الجزائر  ليتذكروا  أحلى  أيامهم  في  هذا  الميناء  التاريخي . ألم  نقل  لكم  ونعيد  أن  حكام  الجزائر  (  عسكر  ومدنيين )  هم  أعداء  الشعب  الجزائري ، فكيف  سيحل  هؤلاء  الحكام  المجرمين  معضلة  وصول  البواخر  إلى  البلاد  ( ما بعد  كورونا )  وقد  اعترف  المجرم   أويحيى  في  زمنه  أن  هذا  الميناء  تُقدرخسائره بـ250  مليون دولار  في  السنة  بسبب التأخر في تفريغ الحاويات ... ويعلم  الله  كم  ستكون  خسائره ( ما  بعد  كورونا )  لأنه  حتى  إذا  تجاوزت  هذه  البواخر  كل  العراقيل  التي  تسبب  فيها  كورونا  ووصلت  إلى ميناء  الجزائر  فستبقى  في  خارج  الميناء  لتنتظر  دورها  في  التفريغ  ،  وقد  ترفض  شركات  النقل  البحري  التعامل  مع  الجزائر  لأن  ميناء  الجزائر  العاصمة  مكروه  في  أوساط  شركات  النقل  البحري  اللهم  إلا  إذا  تم  تعويض  التفريغ  في  ميناء  وهران  أو  عنابة  أو  سكيكدة  أو غيرها  ،أما  مشروع  ميناء  شرشال  فهو  مثل  مسجد  بوتفليقة  الذي  يجهل  مصيره  مع  هذه  الجائحة  ،  أينكم  يا عصابة  المجرمين  القدامى  من  عبد المالك سلال ورمطان لعمامرة  وأحمد أو يحيى و الزنديق  الفاجر عبد  القادر مساهل  وزير تحرير شعوب العالم  المضطهدة  أما  الشعب  الجزائري  فليذهب  إلى الجحيم ..

2) الطرق  المهترئة  والقناطر  الآيلة  للانهيار  وهي  تلك  التي  تركها  الاستعمار  الفرنسي ، أما  مهزلة  الطريق  السيار  شرق  غرب  فقد  أصبحنا  بسببها  أضحوكة  العالم  في  التخطيط  والتنفيذ ، وقد  دخلت  في  القاموس  العالمي  الذي  يقول :( هذا  إنتاج  صيني )  في إشارة  إلى  سمعته السيئة ... طريق  سيار  كله  حفر وجوانب  خطيرة  تهدد  السواق  بالحوادث  المفاجئة ..

3) رأيت  أحد  الرياضيين  الجزائريين  في إحدى  القنوات  وهو  يبكي  على الحالة   الكارثية  لملاعب  كرة  القدم  في  الجزائر  وكأنها  من  فلذات  أكباده  ،  لكنني  كنت  أرى  غير  رأيه  فقد  كان  عليه  أن  يبكي  لحالة  40  مليون  جزائري  الذين  قدر الله عليهم أن يعيشوا  معيشة  الهوام  والهاموش.

4) مساكن  الشعب ،  لا زلت  أتذكر  أن  بوتفليقة  في  أول  أيامه  كان  يفتخر  بالسكنات  التي  أنجزها  للمحتاجين ،  وبعد  سنوات  قال  عنها  بأنها  لا تليق  لحياة  الإنسان الكريمة ، مع  العلم  أنه  هو الذي  أمر  بتنفيذ  تلك  المشاريع  السكنية  والتي  وصفها  فيما بعد  بأنها  (  مجرد  دورتوارات des dortoirs) ، لقد  كان  تلميذ  المقبور  بومدين  يضحك  على  الشعب ،  يفتخر بتلك  السكنيات ثم  يعود  ليستهزئ  بها  وهو  الذي  أنجزها  لفقراء  الشعب  ثم  يسخر  منهم  علانية  ...

5) المطارات :  ليس  في  الجزائر  سوى  مطار  العاصمة  ،  فهل  يستطيع  أسطول  الطائرات  الروسية  المهترئة  أن  يلبي  حاجيات  جزائر  ما بعد كورونا  التي  ستكون  السماء  إحدى   حلول  الإمداد  بالطعام  للشعب  الجزائري  المغبون ؟

لو  بقيت  طيلة  أسابيع  وأنا  أتتبع  مآسي  البنيات  التحتية  المنعدمة  في  الجزائر  فإنني  لن  أستطيع  إتمامها  كاملة  ، لأن  موضوع   انعدام  البنيات  التحتية  للدولة  هو  أحد  أهم  عناصر  تفقير  الشعب  الجزاائري  وخاصة  من  حيث  تزويده  بمواد  التموين  الغذائية  ، ولا  شك  أن  مافيا  الجنرالات  كانت  تنفذ  مخطط  الاستعمار  الفرنسي  لتجميد  تطوير  الدولة  الجزائرية  بعد  1962  وكان  ذلك  يدخل  في  إطار  مؤامرة  دوغول/ بومدين  لخنق  ثورة  نوفمبر 1954 ،  وقد  كانت  مافيا  الجنرالات  وفية  لتنفيذ  المؤامرة  بدقة  ، ونحن  نعيش  اليوم  رهائن  في  يد  مافيا  جنرالات  فرنسا ،  لكن إلى متى ؟

عود على بدء :

 لقد  كان  موضوعنا  حول  مستقبل  الطعام  في  الجزائر ( ما بعد كورونا )  وقد  عرجنا  على أسطورة  المخطط  الفلاحي  الذي  وضعه  المقبور  بومدين  وتبين  لنا  أنه  كان  أكذوبة  حتى نَـسُدَّ أفواه  الذين  يقدسون  بومدين  إلى  الآن ،  وقد  جاءت  المناسبة  التي  سأطرح  فيها  سؤالا  مهما  :  وهو  لماذا  تم  الإصرار  على  اغتيال  محمد  الصديق بن  يحيى  ؟ لقد  نجا  من  محاولة  الاغتيال الأولى  في  الطائرة  لكنه  لم  ينجو  من  الثانية  فتمت  بنجاح  بانفجار  طائرته  بين  العراق  وتركيا  في 03 ماي  1982  وكان  إذاك  وزيرا  للخارجية ...لماذا لا  يتحدث  المتشدقون  والمتنطعون  الذين  يقدسون  المقبور  بومدين  لماذا لا يتحدثون عن  هذا  الشخص المسؤول عن المخطط  الثلاثي ( 1967/1969 ) الذي  بُنِيَ على ثلاث ركائز: توسيع نطاق التعليم العلمي والتكنولوجي، وبناء قاعدة صناعية، وإصلاح زراعي ، وكذا  تعيينه  وزيرا  للإعلام  حتى  يواكب  الدعاية  لمشروعه  عن  كثب  بالوقوف  بنفسه  على  أسلوب  البروباغندا  والدعاية  الكاذبة  لهذا  المشروع  الخرافي ،  لقد  تم  اغتياله  حتى  لا  يبوح  بسر  المشروع  الثلاثي  الخرافي  وكذلك  بسر  البروباغندا  التي  واكبته  والتي  أشرف  عليها  بنفسه ، أي  تكلف  بالمشروع  وبالدعاية  له  كما  اتفق  على  ذلك  مع  المقبور  بومدين . إن ما  يفضح  غباء  المغفلين  الذين  لا يزالون  يقدسون  بومدين  هو  أنهم  سكتوا  عن  هذا  الرجل  وعن  أساسيات  بنائه  على  الرمال ، فعشاق  بومدين  جبناء  لا يستطيعون  مواجهة  هذا  الأمر لأنه  سيقضي  على  خرافة  ( الثورة  الفلاحية )  التي  قام  بها  بومدين ، وسَتُعَرِّيهِمْ  حقائق  هذا  الموضوع  وسيصبحون  أمام  الناس لا  معارضين  ولا  هم  يحزنون،  فهم  مجرد  ببغاوات  يذكرون  من  الناس  ما يريدون  لكنهم  لا  يقتربون  من  قدسية  المقبور  بومدين ، بل  نجد  بعضهم  يتناقض  مع  نفسه  فيقول :  صحيح  إن لبومدين  بعض الأخطاء لكنه  هو الذي  بنى  الجزائر  الحديثة  ونتمنى أن  يبعث  الله  فينا  ( بومدين  آخر)  لكنهم  لن  يستطيعوا  أبدا  أن  يذكروا  أن  بومدين  هو  خانق  ثورة  نوفمبر 1954 وأنه  هو الخائن  الذي  باع  الجزائر بأرضها  وشعبها  لفرنسا ، وهو الذي  صنع  مافيا  جنرالات  فرنسا  التي  تحكم  الجزائر الآن  وإلى الأبد وأنه  هو الذي وافق  على  صيغة  الاستقلال  المشبوه  الذي  نعيشه  اليوم  وهو سبب  كل  مصائب  الجزائر في  الماضي  وما  سيأتيها  في  المستقبل ... لن  يستطيعوا  ذلك لأنهم  بنوا  لأنفسهم  صورة  المواطنين  الشرفاء  على  ظهر  تقديس ، لكن  ما  بُنِي  على  باطل  فهو  باطل ، ليسوا  بوطنيين  شرفاء  طالما  لم  يقولوا  كلمة  حق  حول  التاريخ  الخرافي  للمقبور  بومدين ومنه  خرافة  (الثورة  الفلاحية )  التي  لو  كانت  فعلا  لما  أصابنا  الهلع  مما  سيأتي  (  بعد  كورونا )  من  قحط  غذائي  مؤكد بعدما  عشنا  ونعيش  هلع  كورونا  لحد  الساعة  ولم  تترك  لنا  كل  العصابات  التي  جاءت بعد  بومدين  مستشفيات  تستوعب  مئات  المصابين  بوباء  كورونا  اليوم ....

فإذا  سُـدَّتْ  علينا  منافذ  البحر  من  خلال  موانئنا  المهترئة  وسدت  السماء  بسبب  خردة  أسطول  الطائرات  الروسية  الصدئة ، ماذا  سيبقى  لنا  ؟

لن  يبقى  لنا  إلا  أن  نتسول  في  طرقات  موريتانيا  التي  تدخل  إليها  يوميا  عشرات  الشاحنات  المغربية  المتوجهة  إلى  العمق  الإفريقي  رغم  جائحة  كورونا ،  شاحنات  تحمل   بضائع  التموين  الغذائية  وغيرها  وتدخل  إلى  موريتانيا  عن  طريق  معبر  الكركرات  نحو  نواكشوط ،  لماذا ؟  لأن  المغرب  بنى  سياسته  على  السدود  والفلاحة ،  ومن  يكذبني  فما  عليه  إلا  أن  يكتب  مقالا  يقارن  فيه  ملايين  الهكتارات  المستصلحة  والمسقية  بأحدث  الوسائل  العصرية  مع  هكتاراتنا  البئيسة  التي  لا  تنتج  سوى  الحلفاء ...فليقارن  بين سدودنا  التي  يطمح  لصوص  حكام  الجزائر أن  يبلغ  عددها   44   سدا  في أفق  2021  بطاقة  استعابية  من  الماء  تقدر بـ 09  مليار متر مكعب  في أفق 2021  موت  يا حمار وقد  تتوقف  هذه  المشاريع  بسبب  انهيار أسعار الغاز والنفط  من  جهة  وبسبب  مخلفات  كورونا ، أما  اليوم  فعدد  السدود  34  سدا  بطاقة  استيعابية  لا  تتجاوز 03  مليار متر مكعب  فقط ، أما  المغرب  فقد  بنى  لحد  الساعة  148  سدا  بطاقة  استيعابة  ما  بين  17  و  19  مليار  متر  مكعب  من  الماء  !!!!    

ليس  على  تبون  حاشكم  ومافيا  الجنرالات  إلا  أن  يبحثوا  عن  محمد  الصديق  بن  يحيى آخر  لأن  أمثاله  في  الجزائر  بالآلاف  ، محمد  الصديق  بن  يحيى  جديد   ليبني  لهم  مخططات  خرافية  أخرى  ويواكبها  بالبروباغندا  كعادة  المجرمين  الحاكمين  في  الجزائر  (  عسكر  ومدنيين )  طيلة  58  سنة لأننا  في  الجزائر  لنا  تجربة   عالمية  في  العيش  بالأكاذيب  والدعايات  والتخاريف  وأحلام  العقول  المريضة  وتمر  علينا  السنون  ونحن  ننحني  أكثر  فأكثر ، إن  40  مليون  جزائري  ينحنون  أكثر  ليلحسوا  أحذية   العسكر  فهم  لا  يبوسونها  بل  يلحسونها  من أجل  أن  تحميهم  عصابة  المافيا  الحاكمة  وترمي  لهم  فتات  بعض  الطعام ...

فماذا  سيفعل   الشعب  فيما  بعد  كورونا  لحل  مشكلة  الطعام   ؟  هل  سيستمر  في   الخروج  إلى   الشارع  أم   أنه  سينشغل  بالبحث  عن  قوت  الهوام  والهاموش ؟؟؟

فهل  سنشرب  النفط   وسنتنفس  الغاز  التي  هوت  أسعارهما  بعد  جائحة  كورونا  وقد  كانت  في  الحضيض  قبل  جائحة  كورونا  ؟....

وإذا  قرر   الشعب  استئناف   حراك  22  فبراير  2019   ( ما بعد  كورونا )   فعلى  هذا   الحراك  أن  يكون  جائحةً   مُدَمِّرَةً  لكل  عناصر  السلطة   غير  الشرعية  التي  تحكم  الجزائر اليوم ،  وأن  تحرق  الأخضر  واليابس  من  كراكيز هذه  السلطة  ومافيا  الجنرالات  المجرمين  حتى  لن  تقوم  لهم   قائمة  أبدا ...

سمير كرم خاص للجزائر تايمز