الأمل هو ذاك الاعتقاد الراسخ في أذهاننا و الذي يجعلنا ننظر للحياة بشكل افضل و ننتظر غدا اجمل يذيب كل احزاننا و يجعل من سواد ايامنا نورا يسطع في افق تتجلى فيه مكونات السعادة و الفرح  .فدونه يمكن ان نصير احياء بلا ارواح او ربما اشباحا تهيم على الارض دون هدف او معنى.

يقول الصحفي و الكاتب الامريكي نورمان كازنس : " الامل ليس حلماً ، بل طريقة لجعل الحلم حقيقة"، و هو بذلك يترجم مفهوم الأمل ليتحول الى حلم نسعى بكل جهدنا  ان نجعله حقيقة لها قيمة في حياتنا ندرك معناها.

لكن هذا الامل لا يمكن ان يقترن دون وعي بضرورة  الحياة و ادراك الهدف او الغرض من وجوده ، فان يدرك الانسان  مفهوم الانسان الحقيقي  اولا هي اولى الخطوات نحو بناء مواطن منتج و فاعل و قادر على العطاء و يتقن فن البقاء.فالوعي لا يسقط من الخارج لكنه حصيلة ممارسة يومية تقوم بالتدقيق في جميع جوانب الامور و تسعى الى معرفة الاشكالية  فنستخلص النتائج و الاسباب لننتهي الى حل عقلاني يعالج  الاشكالية

و نحن هنا امام امران متلازمان مقرونان ببعضهما لا يمكن ان يفترقا ، و هما الامل و الوعي ، فالوعي هو محرك الامل بل و وقوده نحو ان يصل و  يصبح حقيقة بعد ان مر في طريقه عبر محطة الحلم.

 لكن بناء الوعي ليس بالامر السهل و الهين فهو يحتاج الى عمل و جهد و تضحية في سبيل انشائه  و بناء صرحه الشاهق وسط بُحيرة  قذرة  تستوطن  فيها جميع الامراض و الاوبئة من جهل و تخلف و انانية  و عدم الاحساس بالمسؤولية . لان كل هذه القذارة هي من صنع من يعشقون الظلام و يتنفسون الشر ، فهو افضل وقت لهم ليمارسوا جشعهم اللامحدود  . و الوعي هو ذاك النور الساطع الذي يضيئ المكان فتنقشع سحب الظلام لتظهر سوءة  الطامعين و الجشعين و محبوا البحيرات القذرة .

فاي محاولة لبناء الوعي سيكون مصيرها المقاومة طبعا ، و لن ينتصر هذا الوعي  او تقوم له قائمة دون ادراك حقيقي باهمية بناء الوعي لدى الفرد ثم الجماعة.فهنا يجب ان نعزز قدراتنا في معركة بناء الوعي و نتسلح بالامل  و عدم اليأس ،فاننا قد نتحمل الالم لساعات، لكن لا نرضى باليأس لحظة واحدة ، فاليأس يقتل كل شيء،  و هو موت بلا بعث. .

 فاذا كما نلاحظ ان الوعي و الامل دائما مقرونان في كل معركة يخوضانها معا ، و لا يمكن ان يكتمل واحد دون الاخر، كما انه لا يمكن ان يكتمل الوعي الجماعي دون الوعي الفردي.

فاذا ما تحقق الوعي و اقترن بالامل تحقق حلمنا و وصلنا الى ما نطمح له ، فالطموح هو الغاية الاخيرة و الكبرى  التي تجعلنا نكابد كل هذه الصعاب و نجابه الالم .من اجلنا و من اجل ابنائنا و من اجيال كل الاجيال القادمة ، من اجل ان نرى وطنا عظيما قويا رائدا في جميع مجالاته . من اجل كرامتنا كمواطنين و كبشر اولا .

فعندما يصل الإنسان إلى أعلى مرحلة الوعي و الادراك فيتسلح بالامل و الطموح , لن يكون إنسانا جديد ولن يكسب شيء جديدا ولكنه سيخسر الكثير , نعم سيخسر القيود والأغلال والبؤس والقلق.



يونس حسنائي