- مما لا شك فيه، بأن لكل واحد منا أجندته اليومية التي يعيشها ويمارسها كسلوكيات وعلاقات مجتمعية في الزمان والمكان، وتبقى تبعا لعدة معطيات خاصة. منها ما هو شخصي أو وظيفي أو ثقافي وغيره . لكنه في حالة الاستثناء يتغير كل شيء.. وكما يقال:" الاستثناء لا حكم له " لأن هناك أشياء كثيرة قد تطرأ فجأة وتتغير العادة والعبادة..!! ووضعنا الراهن لا يخرج عن هذا الاستثناء عبر العالم بأسره ، والمشترك فيما بين شعوبه هو هذا " الحجر الصحي كسلوك مجتمعي جديد" الاحترازي والوقائي حتى لا يستفحل انتشار هذا الوباء الفتاك "كورونا " ولعل كل واحد منا يقضي يومه تبعا لأجندته الخاصة، ما دام لا يخرج للشارع العام إلا من أجل التبضع أو الشغل أو لحالات أخرى طارئة...

- فهؤلاء الباقون في منازلهم، فكيف يا ترى؛ يقضون يومهم، ليله ونهاره فيما يفيد أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم وهم داخل بيوتهم..؟؟؟

فاليوم؛ وفي ظل الثورة الرقمية الجارفة في مجال الإعلام، تكون قد سهلت التواصل عن بعد للبشرية جمعاء، ومعها قضاء كذا أغراض ومشاغل أخرى ضرورية في حياتنا اليومية، بما فيها دفع الفواتير والمتمدرس والتبضع.. و بما فيها أيضا المشاركة والتقاسم للأخبار والأحداث والمعلومات على اختلافها بين الأصدقاء والأقارب والأحباب بالعالم الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي..

- ولابأس ها هنا؛ أن نشارك بعض قرائنا مناصفة أجندة يوميات ، والتي نراها تناسب وضعنا الحالي ككاتب في زمن الحجر...!!

فالكاتب؛ لا ولن يتوقف عن الانخراط في عوالم القراءة أبدا، لأنها تلك هي حياته الخاصة الأخرى بشتى طقوسها، والتي عادة ما تكون تناسب توجهاته الفكرية والمعرفة والثقافية..لأنها بالنسبة له تعتبر الوسيلة الأولى التي تجعله يجدد أفكاره وأسلوبه ومعارفه وحتى نظرته للحياة ككل ..!! و صاحب جائزة نوبل في الأدب العالمي "غابرييل غارسيا ماركيز " سبق له أن قال :

" لا أشرع في كتابة ما، قبل أن أكون قد اطلعت على أمَّهات الكتب "

ولاغرو؛ أن نقول فخير كتاب نبدأ بقراءته في كل يوم جديد من هذا الحجر الصحي، هو كتابنا المقدس كمسلمين "القرآن الكريم " والذي يظل أكبر معجزة ترافق تاريخ الإنسانية، ما دام أن باقي المعجزات الربانية الأخرى التي أعطاها ربنا عز وجل لرسله، عليهم الصلاة والسلام قد اختفت نهائيا كالعصى والناقة وغيرها، وذلك مع موت هؤلاء المبعوثين لأقوامهم وأممهم الذين سبقونا. ولنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام عدة أحاديث شريفة يذكرنا من خلالها بفضائل القرآن الكريم نذكر بعضها في هذا السياق :

- عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها "

- وعنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللَّه عنهما قال: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "إنَّ الَّذي لَيس في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرآنِ كالبيتِ الخَرِبِ" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

- لذلك لا بد لكل مسلم أومسلمة من أن يجتهد في ظل هذه الظروف الاستثنائية، وأن يعتكف على حفظ شيء من هذا القرآن الذي كان فيمن سبقونا يحفظونه عن ظهر قلب ، وقال عن ذلك ابن خلدون في مقدمته:

" اعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار من شعائر الدين، أخذ به أهل الملة، ودرجوا عليهم في جميع أمصارهم، كما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعض متون الأحاديث، وصار القرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل بعد من اَلْمَلَكَاتِ"

- وحتى لا نشعر ولا نحس بشىء من الملل و الضيق والرتابة في حياة لم نألفها قبل - ونحن جلوس في بيوتنا - لا بد لنا من أن نُشْغِلَ أنفسنا وأفراد أسرنا بكل ماهو جديد، ما دام أن الجلوس المباشر لوقت طويل أمام شاشات حواسبنا وهواتفنا ، وإعطاء كل وقتنا للمستجدات الخاصة بالفيروس العالمي" كورونا " سَيُتْعِبُنَا لا محالة ، وسيؤثر ذلك سلبيا على نمط وسلوكيات حياتنا في البيوت، لهذا ننصح بأنه لا بد من إحياء سلوك القراءة للكتاب الورقي الذي هجر بيوتنا للأسف الشديد، وما له من منافع جمة.. والقيام بكذا عبادات ، مع شيء من الاجتهاد طبعا ، لنجدد إيماننا بالخالق سبحانه وتعالى. ونهتم أيضا في ظل هذه الظروف الاستثنائية بتعليم وتربية أبنائنا من خلال وضع استعمال زمان معين، يراعي ويضمن لهم حقوقهم الخاصة، شريطة أن لا نتركهم بعيدين عن أعيننا دون مراقبة، هذا بالإضافة لتنظيم محكم في ذهابنا للفراش والاستيقاظ وتناول الوجبات..!!

وبالله المعين .



عبد الرحيم هريوى