أبدى حزب تحيا تونس المشارك في الائتلاف الحكومي، والذي يرأسه يوسف الشاهد رئيس الحكومة السابق، تأييده للفصل الـ70 من الدستور الذي طالب به رئيس الحكومة الحالي إلياس الفخفاخ بهدف منحه صلاحيات دستورية استثنائية لمواجهة أزمة وباء كورونا المستجد، في خطوة رآها متابعون دعما من الشاهد للفخفاخ واصطفافا معه في مواجهة حركة النهضة التي تعارض طلبه، توجسا من خسارتها زمام المبادرة في أروقة البرلمان واستحواذ الحكومة عليها.

وما يزال الغموض يحيط بمواقف الأحزاب ذات الكتل الوازنة في البرلمان من مسألة تفويض الفخفاخ على غرار ما أعربت عنه أحزاب معارضة أو مشاركة بالائتلاف الحكومي مثل النهضة برفضها لهذا المقترح خشية استغلال الفخفاخ له وبسط نفوذه كرئيس حكومة على البرلمان، لكن حزب تحيا تونس يتحرك لإقناع بعض الأحزاب للقبول بالتفويض.

وعبّر حزب تحيا تونس الثلاثاء عن مساندته دعوة رئيس الحكومة مجلسَ نواب الشعب (البرلمان) إلى تفعيل الفقرة الثانية من الفصل الـ70 من الدستور. لافتا إلى أن مجالات إنفاذ هذا الفصل تتعلّق حصريا بالحرب التي تخوضها تونس على فايروس كورونا.

ودعا الحزب في بيان نشره بصفحته الرسمية على فيسبوك كافة الفاعلين السياسيين والكتل البرلمانية إلى “دعم هذه المبادرة حرصا على توفير أفضل الظروف للسلطة التنفيذية حتى تتمكن من إدارة الأزمة بأكثر نجاعة”.

وأكد مصطفى بن أحمد القيادي بحركة تحيا تونس أن “حزبه لا يعارض تفويض الفخفاخ وفق الفصل الـ70 من الدستور بهدف مواجهة أزمة كورونا”.

وطالب الفخفاخ في كلمة توجّه بها إلى الشعب التونسي عبر القناة التلفزيونية الرسمية، السبت، من البرلمان تمكين الحكومة من إصدار مراسيم لاتخاذ التدابير المستعجلة حسب مقتضيات الفصل الـ70 من الدستور.

وينص هذا الفصل في فقرته الثانية على أنه “يمكن لمجلس نواب الشعب بثلاثة أخماس أعضائه أن يفوّض بقانون لمدة محدودة لا تتجاوز الشهرين ولغرض معيّن إلى رئيس الحكومة إصدار مراسيم تدخل في مجال القانون تُعرض حال انقضاء المدة المذكورة على مصادقة المجلس. ويُستثنى النظام الانتخابي من مجال المراسيم”.

وأشار بن أحمد في تصريح لـ”العرب” أن ”اجتماعا جمع الكتل النيابية الثلاثاء لتدارس مسألة التفويض".

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الاجتماع حضرته أحزاب من المعارضة والائتلاف الحكومي مثل نبيل القروي رئيس حزب “قلب تونس” وسيف الدين المخلوف عن “ائتلاف الكرامة” في حين غابت عنه عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر أو أيّ ممثل لحزبها.

وعلى الرغم من الجدل الذي أثاره الفصل الـ70 والتباين بين الأحزاب إلا أن بن أحمد أشار إلى أن هناك إجماعا على ضرورة تمكين الحكومة من الأدوات اللازمة لتطويق تداعيات وباء كورونا على الأوضاع الصحية والاجتماعية والاقتصادية. ولفت إلى أن “الفخفاخ يحتاج لقانون استثنائي و131 صوتا لمنحه التفويض.”

بدوره يرى خالد شوكات القيادي في نداء تونس أن التفويض ضروري. قائلا إنه إذا لم يتم الآن التفويض للحكومة فمتى يكون.

واعتبر شوكات في تصريح لـ”العرب” أن البلاد في ظل هذه الأزمة بحاجة إلى تعبئة الموارد والإمكانيات بشكل يمكّن القيادة السياسية من التصرف الجيد.”

وكشفت أزمة كورونا عن نزاع بين السلطات الثلاث في تونس حول الصلاحيات، زادت حدته مع رغبة النهضة في الانفراد بإدارة الأزمة والتشكيك في جهود الحكومة، وإرباك موقف الرئيس قيس سعيّد أمام الرأي العام.

ويعتقد شوكات أنه “في ظل غياب المحكمة الدستورية فإن جميع السلطات مطالبة بالتضامن فيما بينها وأن تمنح الأولوية لما هو إيجابي”، وتابع “حاليا لا مجال للصراع بين السلطات".

ويشير متابعون إلى أنه في حال قبول الأحزاب التفويض للفخفاخ، فإنها ستكون صلاحيات محدودة بفترة زمنية محددة.

ويعتقد المحلل السياسي التونسي خالد عبيد أن “مثل هذا التفويض إلى رئيس الحكومة سيكون تفويضا بمثابة صك على بياض. باعتبار أن هناك بعض الأطراف التي لا تريد أن تخرج زمام المبادرة من أروقة البرلمان وتعتقد أن قلب الحكم يجب أن يكون في البرلمان وليس في القصبة أو قرطاج.”

 وأوضح عبيد في تصريح لـ”العرب” في “هذا الإطار يمكن أن نفهم كيفية منح هذا التفويض وفي حال القبول به سيكون محددا في الزمن ومحدودا في الصلاحيات وسيكون مقتصرا فقط على التعامل فيما يخص أزمة كورونا.”

ويرى متابعون أن موقف حزب تحيا تونس المساند للفخفاخ يأتي ردا على مواقف النهضة السابقة حيال يوسف الشاهد زعيم تحيا تونس ورئيس الحكومة السابق، فقد تخلت عنه النهضة أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة ورفضت ترشيحه واختارت مرشحا من داخلها.

وكان الشاهد يعوّل على النهضة لدعمه في السباق الرئاسي، استنادا لدعمه لها في معركة الحكومة التي رفضت الحركة الإطاحة بها على الرغم من الانتقادات الحادة التي تعرضت لها حكومة الشاهد في إدارة الأزمة الاقتصادية.

ووجد الشاهد، الذي اختار الاصطفاف في خط الأحزاب الثورية في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية، الفرصة سانحة عبر قانون التفويض لتأكيد فض التحالف السابق مع النهضة، ومضيّه في بناء تحالفات جديدة.

ويرى عبيد أن مساندة الشاهد للفخفاخ هي بمثابة مناورة سياسية من خلال تقديم نفسه الحليف الوفي كليا لرئيس الجمهورية ورئيس حكومته، وأنها “محاولة استباقية ليسجل تحيا تونس نقاطا لفائدته على حساب أحزاب أخرى في مقدمتها حركة النهضة.”

آمنة جبران