تناط بالمؤسسة العسكرية (القوات المسلحة) بكل صنوفها البرية والبحرية والجوية واستخباراتها العسكرية بمهام الحفاظ على سيادة الدولة من أي اعتداء خارجي يمس سيادتها من خرق يمس حدودها البرية او مياهها الإقليمية او اجواءها والفضاء الخارجي لحدودها، وبذلك هي تمارس حقها في الدفاع عن وجودها ومكانتها الدولية في النظام الدولي.
وتعتبر المؤسسة العسكرية العمود الفقري للدولة ومركز قوتها وهيبتها فتكون ميزانية الدفاع من اهم الميزانيات التي تخصصها الدولة ضمن موازناتها السنوية، والتي ترتكز على التدريب والتسليح وتطوير منظومتها العسكرية بكافة صنوفها المختلفة.

وبقدر ما تؤكل للمؤسسة العسكرية المهام القتالية وقت الحروب فأنها لها أدوار مهمة اثناء أوقات السلم حيث تساههم في الحفاظ على الامن الداخلي اثناء الازمات والطوارئ التي تواجهها الدولة بسبب الكوارث الطبيعية كالزلال والبراكين والاعاصير والفيضانات والحرائق والاوبئة.

وهي الحلقة الأقوى في فريق خلية الازمة فعليها يتم نزول الجيش الى الشوارع لحماية الممتلكات وتطبيق الحظر بكل صرامة لحماية المواطنين وأرواحهم.
وتمارس أدوارها من خلال بسط الامن والحفاظ على الاستقرار الداخلي وحماية امن المواطن وامن الدولة على حد سواء وتختلف أدوارها حسب طبيعة الازمة فالأزمة الحالية التي تواجهها دول العالم المتمثلة بانتشار فيروس كورونا الذي استطاع ان يبين هشاشة قوة الدولة حتى للدول الكبرى اقتصاديا وديمغرافيا مثل الصين وإيران وفرنسا واسبانيا وبريطانيا وها هي إيطاليا تعلن خروج الوضع عن سيطرة الدولة.

لقد بدأ الفيروس من مدينة وهان الصينية حيث اكتشف المرض في ديسمبر 2019 في هذه مدينة وسط الصين. وكونه معدي عن طريق اللمس او الجهاز التنفسي، تأكد وجود ما يقرب من 75,775 حالة، بما في ذلك كامل مقاطعات الصين. حدثت أول حالة وفاة مؤكدة من الإصابة بالفيروس يوم 9 يناير ومنذ ذلك الحين تأكدت وفاة 3,015 شخصًا وبدت ارقام الوفيات بالارتفاع الصاروخي بين الدول التي وصل اليها.

وتضاربت الآراء في كيفية نشأة هذا الفيروس فمنهم من يصف انتقاله عن طريق الحيوانات البرية واخرون ذهبوا الى خطأ تعاون مختبري بين فرنسا والصين في منطقة وهان وذهب فريق اخر الى نظرية المؤامرة وانه يستهدف اقتصاد الصين المتصاعد، ومنهم من يتهم شركات الادوية بانها وراء نشر وتفشي الفيروس، وفريق اعتبره عقاب ألهى.

وتتسارع الأحداث حول تفشي فيروس كورونا في كل أنحاء دول العالم تتراوح الدول التي أصابها الفيروس أكثر من 170 دولة والعدد في تزايد حسب تقارير منظمة الصحة العالمية، وبدأ يهدد وجودها وان دول قد وصل اليها وانتشر دون ان تعترف به كما هي إيران التي اخفت انتشار الفيروس بين مواطنيها للأسباب دينية.

وانتشر في دول الخليج في الكويت والبحرين وسلطنة عمان والعراق ولبنان وسوريا عن طريق انتقال مواطنين كانوا في زيارة الى إيران، ومنها الى دول الشرق الأوسط التي تردح تحت الحروب والنزاعات المسلحة التي أضعفت البنى التحتية الصحية في العديد من بلدان تلك الدول في اليمن والعراق وسوريا وليبيا وغيرها لظروف اقتصادية....

ومع تزايد مخاطر الفيروس بدأت الدول بتطبيق تعليق الرحلات الجوية والحظر على السفر، والحجر الصحي، وأشكال أخرى من الاحتياطات الصحية العامة، ووصل بعضها الى اعلان حالة الطوارئ ونزول الجيش الى الشوارع لحفظ امن الصحة العامة، وتم خلالها تطويق وغلق مدن أصابها الفايروس أي أصبحت تحت الحجر الصحي او بالمعنى (تحت الإقامة الجبرية) تحسبا لتفشي الفيروس في ارجاء الدولة وبالتالي عدم السيطرة عليه وما لهو من عواقب وخيمة وعلى وجودها.
وهنا لعبت المؤسسة العسكرية دورها الإنساني في حفظ الصحة العامة من خلال حفظ امن المواطن والامن الوطني الداخلي للدولة بالإضافة الى واجباتها في الحفاظ على امنها القومي.

حيث تقوم إدارة الأزمات على اعتماد مجموعة من الإجراءات والتدابير والمبادرات السلمية والعقلانية التي تجمع بين السرعة والنجاعة، على طريق السيطرة على الأزمة القائمة ومنعها من الخروج عن نطاق التحكم(لكريني،2014).

وفي الدول التي تعيش أزمات مستمرة مثل العراق وما الت اليه أوضاعه بعد الاحتلال الأمريكي له عام 2003، وما جاءت به النخبة الحاكمة الفاسدة من غرس مفاهيم التخلف الأيديولوجية والمذهبية التي عمقت الفجوة بين المجتمع المتحضر المتمدن الى حالة مجتمع الجهل بغطاء ديني وهي الحالة التي يعيشها العراق الان، متزامنا مع مظاهر الزيارات الدينية التي ترافق معها قرارات الحكومة بفرض قانون حظر التجوال في مدن العراق جراء تفشي المرض فيروس كورونا ورغم ان الحكومة قد تباطئت باتخاذ إجراءات حازمة من خلال عدم غلق الحدود مع ايران التي بسببها وصل الفيروس الى العراق ودول الخليج على الرغم من تحذيرات محافظي كربلاء والنجف من ذلك. الا ان إجراءات الحكومة غفلت عن تلك النداءات الا بعد ان تفشى المرض وتجاوز العدد المائة شخص، وباعتراف وزير الصحة العراقي د جعفر علاوي من عدم السيطرة عليه بسبب رداءة الإمكانيات الصحية العراقية بسبب تفشي الفساد في المؤسسات العراقية.

ففي إيران ألغى مرشد الثورة الإسلامية في إيران، علي خامنئي، خطابه بمناسبة رأس السنة الإيرانية الجديدة، الذي كان مُقررًا أن يلقيه في مدينة مشهد في 21 مارس، لمنع انتشار فيروس كورونا، اما في العراق فيسمح لهم بإقامة التجمعات بسبب الزيارة الدينية.

وعندما نزل الجيش الى الشوارع لحفظ الامن للأسف لم تلتزم التجمعات بسبب الزيارات الدينية الى تعليمات الدولة وقادة المؤسسة العسكرية ومع تصاعد أصحاب المنابر الطائفية في تسقيط أي من يقف في مواجهة هكذا تصرفات غير محسوبة العواقب على المواطنين وربما تحصل كارثة تقضي على حياة الكثير من المواطنين البسطاء الذين سيقعون ضحية فيروس كورونا الذي سيفتك بحياتهم وحياة اسرهم.

في الدول المتقدمة مارست المؤسسة العسكرية أدوارها بكل مهنية وتقبل المواطنين ذلك حرصا على سلامتهم وسلامة امن المواطن والدولة وانصاع المواطنين الى تعليمات الحكومات بالحظر المفروض وقانون الطوارئ والمكوث في منازلهم فترة أسبوعين وبعد الدول فرضته شهر واختلفت قوانين الحظر تبعا لخطورة انتشار الفيروس في تلك الدول وقدمت حكومات بعض الدول حزمة من الإجراءات الاقتصادية التي تخفف العبء على المواطنين.

محصلة وباء الفيروس اظهر حقائق كثيرة ان الدول لا تستطيع فرادا ان تعالج الموقف لوحدها فلابد من التعاون، دول أظهرت أنانيتها في مواجهة الموقف كبريطانيا من خلال خطاب رئيس وزراءها جونسون مخاطبا المواطنين بعابرة (ودعوا احباءكم)، ودول اظهرت هشاشتها الصحية في مواجهة الفيروس وانه يهدد حياة كبار السن بسبب ضعف المناعة لديهم واغلب ضحايا الفيروس من الذين تتقارب أعمارهم ال 60 الى 80 عاما... والقادم ينبئ بالأخطر في حال عدم الالتزام بالحظر وقوانين التي تفرضها الدولة تحسبا لمواجهة الفيروس، واهمية الترابط الاسري والمجتمعي اثناء المحن، بروز دور العلماء والأطباء والممرضين وجنود الخفاء في مواجهة الازمات.

ويتساءل البعض عمن يتحمل المسؤولية الدولية في مواجهة فيروس كورونا وما هو دور الأمم المتحدة ومجلس امنها في ذلك، حيث يذهب البعض على انها حرب بيولوجية بين الصين وامريكا للهيمنة وهل للمؤسسة العسكرية دور في تلك التجارب كسباق تسلح افرزته الاحداث المتسارعة.
واثناء ازمة فيروس كورونا كان لا بد للمؤسسة العسكرية من دور يناط بها في فريق إدارات الازمات الدولية وتطبيق إجراءات الحكومات في مواجهة افة الفيروس.
لذا تلعب الازمات دورا في بروز فعالية المؤسسة العسكرية ومكانتها داخل الدولة وبين المواطنين وتشعرهم بالاطمئنان لحين انتهاء ومرور الازمة بأقل الخسائر الممكنة.