لا يمكن لأي عاقل، أن يتقبل أو يصدق، الأخبار التي تروج، والمتعلقة بمطالبة الجمعيات المتكتلة المدافعة عن مصالح مدارس ومعاهد التعليم الخاص، ورغبتها في الحصول على الدعم، من الصندوق الذي اقترحه عاهل البلاد، لمواجهة جائحة لا ترحم أحدا، هذا الصندوق حددت مهمته أساسا في التخفيف من الآثار السلبية، للنتائج المترتبة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والتي قد تكون كارثية لعشرات الآلاف من الأسر إن لم نقل الملايين.

فإن صح هذا القول، فهذه كارثة بكل المقاييس! كيف لا والوطن والدولة تجاهد، في سبيل تطويق الخطر الناجم عن تفشي الفيروس القاتل الذي يجتاح العالم، بإسره، وما ينجم عنه من خسارة في الوظائف للآلاف.

فعوض أن تتجهه جمعيات القطاع الخاص، إلى تقييم الأمور، و معرفة مدى تأثير توقيف الدراسة على الناشئة، بالانخراط في الفعل التضامني، من خلال التخفيف عن الأسر، عن طريق الاعفاء النسبي أو الجزئي للواجبات الشهرية، في هذه الأوقات التي يجمع الكل على أنها حرجة، وتوظف تلك المؤسسات الأرباح التي جنتها عبر فرض رسوم تسجيلية، أو زيادات مبررة وغير مبررة، في الحفاظ على مناصب الشغل، وعدم التحايل على قانون الشغل، من خلال التصريح بكامل الأجراء، والابتعاد عن منهجية استبدال الأجراء أو العمال كل ستة أشه

فمطالبة الدولة بدعم التعليم الخصوصي في هذه المرحلة، مجانب تماما للصواب، لأن الأزمة لم تصله بعد، وموارده قارة مع الأسر المغربية التي تعد زبونة وفية لها ، تلك الأسر المغلوبة على أمرها، مجبرة في بعض الأحيان على الاتجاه نحو هذا النمط من التعليم المكلف.

الوطنية الصادقة تقتضي ضخ بعض الأرباح، خصوصا من قبل المداس الخاصة، التي لها صيت على مستوى الأرباح في الصندوق الخاص لتداعيات وباء كورونا، وليس النظر إلى الصندوق ككعكة، وجب الفوز بها بدعوى حماية الأجراء، في المقابل هناك مؤسسات وأشخاص ذاتيين ومعنويين يضخون الملايير في تعبير وحس وطني وجداني منقطع النظير.

طلب الدعم بهذه الطريقة، والسرعة والكيفية يطرح أكثر من علامة استفهام، بل يعري على الجميع، لتظهر المرآة عورة بعض القطاعات، ومدى حبها وتضحيتها في سبيل هذا الوطن المقدس، الذي سهر ويسهر جلالة الملك حفظه الله، على سلامة مواطنيه، والدليل القاطع الذي لا يقبل المزايدات، الإجراءات التاريخية والشجاعة التي اتخذتها الدولة المغربية، في تحدي واضح لإرغامات الوضعيات الاقتصادية الصعبة للبلاد، كغلق الحدود وتوقيف الحركة، لهدف واحد هو ضمان سلامة المواطنين والمواطنات.

أمام هذا الوضع اللامسؤول، والذي يعد وصمة عار في جبين من هندسوا لهذا الطلب، في هذا الوقت الذي يتضامن فيه الجميع، وتستمر الدولة المغربية بجميع مؤسساتها في تدبير الأزمة، ببصيرة منقطعة النظير، يسقط الفكر المبني على الجشع لوحده، ولنا مستقبلا بحول الله مقال آخر، للتعرية الطبيعية للجشع الذي لا يراعي الظروف الحساسة والصعبة التي يمر بها الجميع بما فيها البشرية على هذا الكوكب المشترك.

الصندوق الذي هندسه قائد البلاد، ليس كعكة كما يتخيل للبعض، وإنما هو تاريخ معبر عت تضامن فعلي، ونكران للذات، وتدعيم لللقطاع الصحي، بغية مواجهة خطر رهيب، هذا الخطر لا يرى بالعين المجردة لكن يقتل وقاتل. أما الجشع والأنانية يراها الجميع، ففضيحة الطلب في هذا الوقت الحرج مصيبة بكل المقاييس. 



منير الحردول