ما لا يفهمه حزب الله أن حرب العصابات لا تنفع في اخراج لبنان من أزمة مديونيته التي تهدده بالانهيار الشامل.

ولأن ذلك الحزب قد سطا بطرق مختلفة على أموال المودعين في المصارف اللبنانية في أوقات سابقة فإنه لا يرغب في أن تفتح الملفات التي تدينه.

شبكة الحزب المالية متشعبة ومعقدة تمتد من جنوب شرق آسيا لتصل إلى أميركا اللاتينية مرورا بأفريقيا.

عملاء وسماسرة ومهربون ووسطاء غامضون يديرون أنشطة الحزب التي لا تخضع لقانون، بالرغم من أن هناك شكا في أن تكون مصارف لبنانية متورطة في التغطية على تلك الأنشطة.

وإذا ما كان الحزب لا يملك في مواجهة الأزمة ما يقدمه ليكون حلا ولو جزئيا للأزمة فإنه يعارض وبشكل مطلق اللجوء إلى خبراء المؤسسات المالية العالمية رافعا شعارات ثورية زائفة تخاطب عاطفة بائدة سحقها الواقع الاقتصادي المزري الذي يعيشه لبنان منذ أن أعلن البنك المركزي عن نقص خطير في احتياطاته بما يسبب عجزه عن تسديد الديون المستحقة اضافة إلى فوائدها.

حتى هذه اللحظة فإن لبنان إذا مد يده فإنها ستذهب إلى الفراغ.

ليست هناك جهة في العالم يمكنها أن تمد له يد العون ما لم يضع خطة واضحة للخروج من الأزمة. وهو ما يبدو مستعصيا في ظل هيمنة حزب الله على القرار السياسي.

وهنا ينبغي أن نميز بين الموقف من حزب الله والموقف من الأزمة المالية. فالأزمة المالية لم تنتج بسبب مقاطعة لبنان بسبب هيمنة حزب الله عليه سياسيا. ما كان لتلك الأزمة أن تنشأ لولا أن حزب الله وجد له موطئ قدم في النظام المصرفي اللبناني الذي تم اختراقه ليكون غطاء لأنشطة غير قانونية.

حدث ذلك أيضا لمطار رفيق الحريري في بيروت. ذلك المطار كان ولا يزال بوابة رسمية لتهريب مواد ممنوعة ولاستقبال مطلوبين من قبل العدالة الدولية وارهابيين ولصوص ومرتزقة.

كان قاسم سليماني يمر بذلك المطار مثل شبح من غير أن يكون للحكومة اللبنانية علم بذلك.

لذلك يمكن القول أن أموال اللبنانيين المودعة في المصارف قد تم تسريبها إلى الخارج لتكون في خدمة المقاومين من أتباع حسن نصرالله المنتشرين بين أصقاع الأرض. وهو ما لم يكن اللبنانيون في حاجة لمأساة للتعرف عليه. فسيد المقاومة ما هو في حقيقته إلا لص كبير. وهو إذ يرفع شعار الدفاع عن القضية شعارا فإنه يجبر اللبنانيين على السقوط في الهاوية فدى لتلك القضية التي تبين الآن أنها مجرد عملية سطو حقيرة قام بها من أجل أن تقوى أذرع حزبه في الخارج بحيث تكون الطائفة مستعدة لانقاذه في اللحظة الحاسمة.

خرب حزب الله الاقتصاد اللبناني وجلس على التلة مصوبا بندقيته إلى كل مَن يسعى إلى أن يفتح الملفات التي تقود إلى الحقيقة.

الفساد الذي مارسه حزب الله ما كان يمكن أن يمر لولا وجود خيمة فساد الطبقة السياسية اللبنانية. لم يكن هناك أبرياء. كل أفراد الطبقة السياسية الحاكمة كانوا قد ساهموا في الفساد الذي توجه حزب الله بانتشاره العالمي.

أصدقاء لبنان ينظرون إليه اليوم بأسى. ذلك لأن انقاذه يعني المساهمة في طمس الجريمة التي تشير تداعياتها بأصابع الإتهام إلى إيران.

وما لم يفك لبنان ارتباطه بالسياسة الإيرانية فإن مصيره الغرق.

فليس متوقعا أن تقدم دول مساعدات للبنان من أجل تقوية النفوذ الإيراني فيه. تقول كل الأطراف وآخرها الأوروبيون "لتنقذ إيران لبنان فهي الأولى بالقيام بتلك المهمة".

ذلك اقتراح فيه الكثير من الفكاهة السوداء.

إيران تأخذ ولا تعطي. لا لشيء إلا لأنها لا تملك ما تعطيه سوى الموت.

تلك مسألة مصيرية اصطدم اللبنانيون بحاجزها وصار عليهم الخروج منها بحل عبقري يعيد إليهم أموالهم المنهوبة وينهي مهزلة هيمنة الدويلة على الدولة.

فاروق يوسف