هدف مدونة الأسرة الأسمى هو الحفاظ على الأسرة أساس كل مجتمع معاف قادر على رفع كل التحديات. فهل يمكن لكل عقل سليم معارضة هذا الأمر؟ لا طبعا وبالمطلق.

لقد سكت الرجال طويلا عن حقوق الأسرة فاسحين المجال لبعض النساء المحترفات وحدهن للخوض في هذا الموضوع، بتأطير جمعوي نسائي محلي مدعم بقوة رهيبة من لدن لوبيات خارجية، ذات أهداف مشكوك في غايتها الحقيقية تجاه المجتمع المغربي الأصيل المعتدل المنفتح الذى لا ينفي الحداثة ولا يعارضها، ويأمل في التقدم والازدهار والتطور في إطار الاستقرار..

لقد ترعرعت أجيال وأجيال في المغرب الحبيب في إطار تدين سليم منفتح سلمي لا يعادي أحدا من العالمين، بل يحترم ويرحب بعادات وطقوس الأجانب ولكن دون اعتناقها، لأن هذا شعب يعتمد التدين المعتدل الوسطي ويتشبث بأصوله منبع قوته وعنفوانه وكرامته، وأساس استقرار مجتمعه في تناغم تام مع تاريخه ونشأة وطنه.

إذا كان هناك من يقر بانتصار "نضالات الحركة النسوية"، فهل توجد إحصائيات حول القياديات في بعض "الجمعيات النسوية" التي تطالب دائما بمزيد من "الحريات لصالح المرأة المتزوجة" بلا سقف وبلا نهاية، فهل هن من المطلقات أو من المستفيدات من مسطرة التطليق، أو من النساء اللائي لم يسعفهن الحظ في الحصول على زوج سواء كن أرامل أو عازبات، أم أنهن من المتزوجات الصالحات، غير الأنانيات، السعيدات بأسرهن؟ معذرة، ولكن هذا سؤال جوهري يا ما اجتنب الرجال المهذبون مع النساء بصفة عامة طرحه علانية وبصراحة...

ولكن الأمر جلل؛ فلقد أصبحت محاكم الأسرة مكتظة بنساء عازمات على تطليق أزواجهن، بدون سبب بتاتا وبلا أسباب وجيهة تماما؛ ومرد ذلك هو تأثير رهيب ل "واعظات" جديدات أو "كوتشات" غريبات، عبر مواقع "اليوتوب" وغيرها، وسيطرتها على عقول أعداد متصاعدة من المتزوجات المطمئنات.

سيداتي سادتي، إذا كان المجتمع قد تفوق في مواجهة تطرف تقليدي ضار مضر بالمجتمع والوطن، وذلك بخوضه معركة ناجحة إن على جبهة الإعلام أو التشريع أو القضاء، فلا يجب له أن ينهار أمام موجة تطرف جديد يهدف إلى تشتيت الأسرة المغربية أساس التماسك الاجتماعي والاستقرار الذي لولاه لما كان من الممكن تشييد مستقبل أفضل.

سيداتي سادتي، إن قوة المغرب تكمن في تماسك مجتمعه، ولا تماسك للمجتمع بلا تماسك الأسرة، كما لا أمل في التقدم مع استمرار عملية تفكيك الأسرة المغربية الجميلة.

ومن جانب آخر وبكل وضوح، لا يجب أن يصبح الزواج بالنسبة لبعضهن من النساء، مثلا، مجرد مشروع ماكر قوامه استعمال الغدر للاستيلاء على أموال أزواجهم ثم تطليقهم بعد كسب ثقتهم. فإذا كانت المساواة مطلوبة، وإذا كان الزواج عقد بين ذكر وأنثى، فإن مقتضيات القانون المتعلقة بالحصول على أموال عن طريق الغدر يجب أن تطبق بصرامة في كذا حالة، مثلا، إن وجدت.

سيداتي سادتي، إن الأسرة المتماسكة من شأنها أن تجلب المال والثروة والرخاء للمجتمع بأسره، وتفكيكها لن يتسبب سوى في إحباط عزيمة المجتهدين، وجلب الفقر والضياع والهوان والتعاسة للوطن برمته.

وبتعبير آخر، إن الأسرة المتماسكة التي تأكل في وعاء الطاجين المغربي الأصيل الذي فيه البركة، وليس من أطباق متفرقة مكلفة، هي التي باستطاعتها الادخار والتوفير ثم المساهمة في ازدهار الاقتصاد الوطني، وبالتالي الانخراط في كل مسلسل تنموي جدي واعد...

وإذا كانت جميع المكونات البشرية مدعوة فعلا للمشاركة في تنمية الوطن في إطار المساواة، فعلى بعض النساء أن يبتعدن عن الأوهام و أن يعين تمام الوعي بأن الزواج ليس وسيلة للحصول على المال بعد حين.. يعني بعد تطليق أزواجهن، كما لا يجب أن يتحول الزواج إلى رعب و إرهاب و ترويع للأزواج من طرف زوجاتهم المتأثرات بـ"كوتشات اليوتوب الغريبة الجديدة"، وبـ"جمعيات نسائية مشبوهة متطرفة"، وما عزوف الشباب على الزواج والتصاعد الصاروخي في أعداد العوانس ببعيد...

سيداتي سادتي، إن مفهوم ومقتضيات مدونة الأسرة شيء وما يتم ترويجه من طرف بعض الجمعيات النسوية وبعض "الكوتشات" أو بعض "الواعظات" الغريبات الجديدات شيء آخر تماما، يهدف إلى تخريب الأسر بالتأثير على المتزوجات المطمئنات وحثهن بأساليب ممنهجة إلى تطليق أزواجهن لسلبهن سعادتهن، وتوهيمهن بأن ذلك سيمكنهن من الحصول على حقوق خيالية لا منطق لها ولا سند شرعي قانوني.

لقد حان الأوان لتحديد مجال اختصاص بعض "الجمعيات النسوية" بما فيه خير للمغربيات، وللمغاربة، وللمجتمع والوطن، لوقف نزيف الطلاق في الأسر المغربية لضمان التوازن السيكولوجي للأطفال الذين على آبائهم وأمهاتهم واجب رعايتهم في إطار الأسرة السليمة غير المشتتة المفككة، حتى نضمن مستقبلا مشرقا للأجيال المقبلة.

 

يونس فنيش