الأسبوع الماضي أصدر تنظيم جبهة البوليساريو بيانا تنديديا بتصريحات جوزيف بوريل، مفوض الأمن والسياسات الخارجية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، متهمتا إياه بمحاباة المغرب ودعمه لسياسة طرد الأجانب من الأقاليم الجنوبية الصحراوية، وتشجيعا للمغرب في سياسته "الاستعمارية" بهذه الأقاليم، وغيرها من الاتهامات التي توجهها البوليساريو لأي مسؤول أوروبي عبر عن موقف منسجم مع القانون والشرعية الدوليتين.

مناسبة هذا البيان هو التصريحات التي أدلى بها جوزيف بوريل حول ما يتصل بتدبير الأقاليم الجنوبية الصحراوية على المستوى الإداري والترابي من طرف المغرب، خاصة ما يقوم به من طرده لبعض الأجانب ممن يقومون بزيارات للمنطقة و كأنها أرض دون إدارة، حيث يتعمدون خرق القوانين الجاري بها العمل سواء منها ما يتعلق بدخول الأجانب للمغرب أو ما يتعلق بطبيعة الأنشطة التي سيتم القيام به في الأقاليم الجنوبية حيث لا يتم سلوك المسطرة الإدارية مع الأجهزة والإدارة الترابية بهذه الأقاليم مما يضطر المغرب إلى إرجاعهم لبلدانهم بسبب الخروقات التي يقومون بها السياسية والإدارية في محاولة منهم لإظهار المغرب بصورة البلد المستعمر لهذه الأقاليم، وفي محاولة كذلك لخلق مشاكل سياسية مع بلدانهم الأصل التي أصبحت تتفهم الموقف المغربي وترفض التورط في لعبة سياسية مدفوعة الأجر مسبقا من الجهات التي تحركهم وتدفعهم للقيام بهذه الرحلات، وهي التصريحات التي أعلن فيها جوزيف بوريل عن موقفه الواضح، المنسجم مع القانون الدولي في رد كتابي على سؤال برلماني أوروبي موجه للجنة الأوربية حيث جاء في جوابه "دخول وشروط الدخول لإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي كالصحراء الغربية تحدده السلطات الادارية للإقليم" وهو الرد الذي يأتي منسجما أولا مع طبيعة الإقليم كما وضعتها الأمم المتحدة أي كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي مما يجعل من جل الأعمال السياسية والإدارية التي تقوم بها الإدارة لهذه الأقاليم أو إقليم الصحراء الغربية المغربي ملائمة للقانون الدولي وتضفي عليها وعلى وجودها وكل أعمالها طابعا شرعيا، يستمد شرعيته من هذه الوضعية التي تعطي للدول والادارات التي تدير إقليما غير متمتعا بالحكم الذاتي الحق في تدبيره سياسيا و إداريا ثم اقتصاديا، وعلى ذكر التدبير الاقتصادي فهذا الموقف القانوني الذي عبر عنه جوزيف بوريل ينسجم مع الاستشارة القانونية أو الرأي القانوني الذي قدمه كوريل للأمين العام للأمم المتحدة منذ سنوات حول الاتفاقيات الاقتصادية التي يبرمها المغرب مع مختلف الدول تهم الأنشطة الاقتصادية في الأقاليم الصحراوية الجنوبية، حيث كان رأيه نفس هذا الرأي أي أن المغرب من حقه تدبير ثروات المنطقة وإبرام الاتفاقيات باسم الساكنة مادام أن هذه الأخيرة تستفيد من عائداتها، مستندا على نفس القاعدة التي برر بها جوزيف بوريل أنشطة المغرب الإدارية والسيادية التي كانت موضوع جواب من طرفه، هو أن الإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي وخاضع للإدارة السياسية والإدارية والترابية للمغرب بالتالي له كامل الحق في ممارسة كامل سيادته عليه دون نقصان، منها تنظيم حركة دخول وخروج الاجانب بالإقليم، لأنه غير مستباح ولأنه خاضع للسيادة المغربية ولأن هناك سلطة إدارية وسياسية تديره وتدبره.

موقف جوزيف بوريل، هو موقف منسجم مع القانون الدولي ويعزز بل يضفي جل الشرعية على التواجد المغربي بهذه الأقاليم من منظور القانون الدولي، حيث إذا كان هذا التواجد غير ذي موضوع نقاش من طرف المغاربة وأصدقائهم، فإنه أحيانا تكون وضعية الأقاليم علاقة بالقانون الدولي ومدى قانونية التواجد المغربي فيه كإدارة سياسية واقتصادية له، موضوع أسئلة من طرف بعض الدول والمنظمات الدولية ممن لا يعرف تاريخ المنطقة جيدا، أو تكون تحت تأثير تضليل خصوم المغرب وتحت تأثير دعايتهم السياسية، لذلك فالراي القانوني" كورل" ورد مفوض الأمن والسياسات الخارجية الأوروبي، كلها ردود وآراء مستندة على القانون الدولي ومنسجمة معه ومع وضعية الإقليم وفقا للوائح الأمم المتحدة مما يعطي مادة قانونية دسمة للترافع المغربي في المحافل الدولية بشكل عام، وأمام القضاء الأوروبي بشكل خاص كلما أرادت البوليساريو التسلل إليه للطعن في الاتفاقيات التي يبرمها المغرب مع الاتحاد الأوروبي ودوله، وهي مادة قانونية تستند على مبدأ المشروعية، مشروعية التواجد المغربي كإدارة بالأقاليم ومشروعية ما يقوم به من أنشطة سيادية و اقتصادية وسياسية، ومبدأ ملائمة الأنشطة التي يتم القيام بها من طرف الدول التي تدير الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي كإقليم الصحراء الغربية المغربي مع القانون الدولي.

 

نوفل البعمري