تعتبر المقاولات الصغرى أساسا للنسيج الاقتصادي . وتساهم بأعدادها الوافرة مساهمة إيجابية في النمو الاقتصادي وتوفير مناصب العمل والتنمية الجهوية والمحلية.

في المغرب, العديد من أصحاب المقاولات الصغرى يعملون في صمت ويناضلون لوحدهم على قدر المستطاع لأنهم فخورون بالنهج الذي اختاروه.. وأصحاب وكالات كراء السيارات نموذج من المقاولات الصغرى الصامدة رغم الأزمات والإكراهات التي تحيط بها .

فهم لا يطالبون بالدعم المادي أو ما يشبه ذلك ,بل الذي ينتظرونه هو الاعتراف بدور هذه المقاولات الصغرى السوسيو اقتصادي ودعمها من أجل الحصول علي حقوقها المشروعة. فبفضل إرادتها القوية والمثابرة استطاعت هذه المقاولات الصغرى الاستمرار . لذا فهي تستحق أكثر من الاهتمام والتقدير لأنه يصعب عليها تخطي جميع التحديات والتغلب على المنافسة الداخلية والخارجية المهيكلة لها ...

إذ كيف يمكن لهذه الشركات الصغيرة أن تنمو وتتطور إذا كان لديها زبناء يتأخرون في تسديد ما عليهم من واجب الخدمة ... منافسة غير مشروعة في الأثمان والخدمات... الكل يلغي بلغاه في أعمال البيع والشراء وتقديم الخدمات.. فمثلا نجد في مجال كراء السيارات فراغ قانوني مهول وأساليب ما أنزل الله بها من سلطان من مثل (عندي سيارة أكتريها )ENDI TOMOBIL KANKRIHA.LOUER MOI.. . وأصبح القطاع مهنة لمن لا مهنة له بحيث البقال والنجار والخضار والموظف والمستخدم كلهم يمارسون القطاع بدون موجب حق وبعيدين كل البعد عن دفتر التحملات الذي ينظم المهنة وكذلك القوانين التي تؤطرها...

 أضف إلى ذلك مشاكل البنك والمناقصات وطلبات العروض التي تمرر خلف الستار بدون رقيب ولا حسيب..  الفساد المتفشي في نظام طلبات العروض والصفقات العمومية هو الذي يجعل المقاولات تفشل وتتدهور ولا منقذ لها زد على دلك مشكل الاحتكار الذي أصبح ظاهرا في الآونة الأخيرة من طرف بعض الهيات والجمعيات والشركات خدمة لمصالح البعض دون الآخر .

كل هده الأساليب وأساليب أخرى في التعامل مع المقاولات الصغرى في المغرب جعل الوضع مقلل بل وخطير يهدد بقاء المقاولات الصغرى على قيد الحياة ويعجل بموت مفاجئ لها...
على عكس دلك في الدول المتقدمة للمقاولات الصغرى نظام خاص يعمل على تشجيعها وبقائها صامدة حتى في زمن الأزمات إذ توفر تلك الدول  أجهزة وطنية خاصة لدعم المقاولات الصغرى ومساعدتها من أجل مصالح مشتركة ومن الأمثلة على ذلك المملكة المتحدة وأوروبا وأمريكا الجنوبية..

 ففي الولايات المتحدة الأمريكية التي لديها معهد «إدارة المقاولات الصغيرة» هاته المبادرة التي سمحت للمقاولات الصغرى بلعب دور رئيسي في الاقتصاد الأمريكي حيث إن 22 مليون مقاولة صغرى توظف 53 في المائة من اليد العاملة وتساهم ب50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني...

من خلال ماسبق ذكره ,نطالب الحكومة والإرادة السياسية والوزارة الوصية خاصة بالتطبيق الفوري للقوانين والمواثيق المصادق عليها وتفعيل آليات المراقبة واحترام دفتر التحملات وإنشاء هيئة مثل الهيئات المتواجدة في أمريكا لتواكب عملية تطوير وتنمية المقاولات الصغرى كما نطالب الشركات الكبرى بمنح معاملة تفضيلية للمقاولات الصغرى فيما يخص تأدية الواجبات  وتخصيص نسبة مئوية للطلبيات والعقود ونطالب المجتمع المدني بتشجيع الاستهلاك الوطني.  يجب علينا أن نعمل جميعا لخلق بيئة اجتماعية واقتصادية تعزز الابتكار والتنمية وإنشاء المؤسسات لأن مستقبل بلادنا يعتمد على هذا الجيل الجديد من رجال الأعمال المشبع بثقافة مقاولاتية متفائلة ومثابرة. التغيير أمر ملح اليوم، قبل فوات الأوان، لأن كل شخص لديه مسؤولية اجتماعية وواجب تجاه بلده، فالأكثر إلحاحا الآن هو مزيد من الاهتمام لهذه الأغلبية العددية للمقاولات الصغرى التي توفر فرصا متنوعة لمناصب الشغل فهي خزان لا ينضب من الثروة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية  فالبلدان المتقدمة والناشئة فهمت ذلك منذ وقت طويل فلماذا نحن لا نفهم مثلهم هل طلبنا مستحيل لهدا الحد ؟؟؟؟؟

يوسف منكيط