الأموال المتوفرة لإنجاح النموذج التنموي.

لدينا مثال بسيط مدعم بأرقام متداولة في بعض المنابر الصحفية، يشير إلى مورد مالي يمكن تخصيصه لإنجاح النموذج التنموي الجديد:

"52.000 سيارة مخصصة للموظفين العموميين في الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية تكلف المغرب 46 مليار سنتيم لتجديد الأسطول سنويا، و54 مليار سنتيم تكلفة استهلاك الوقود سنويا، و30 مليار سنتيم تخصص لإصلاح سيارات المصلحة سنويا، و9 مليار سنتيم كتكلفة لتأمين سيارات المصلحة".

المجموع 139 مليار سنتيم. 139 مليار سنتيم مبلغ يستخرج سنويا من ميزانية الدولة، يعني أنه مبلغ مالي متوفر على الدوام ولكنه ينفق بشكل غير صائب لأن من الإمكان الاستغناء، حسب بعض الآراء الملحة، عن 80./. من سيارات المصلحة الموزعة على الموظفين العموميين دون أن يتأثر الأداء الإداري، بل من شأن ذلك رفع المعنويات العامة وتكريس روح الجدية والعمل لصالح الوطن.

(ملحوظة: الأرقام تقريبية تحتاج ربما إلى تدقيق)

وهناك بالطبع نفقات أخرى نحن في غنى عنها كتلك التي تخصص، حسب بعض المصادر الصحفية، لتغيير الأثاث، مثلا، في منازل الدولة المخصصة لبعض الموظفين العموميين، على سبيل المثال، وأيضا الميزانيات التي تخصصها بعض الجماعات المحلية للسفريات وفواتير الفنادق والمطاعم لإرضاء بعض الموظفين، و الميزانيات التي تصرف في كراء عمارات وفلات لاستغلالها كمقرات للعمل أو للسكن الوظيفي، والميزانية المخصصة لتقاعد الوزراء و البرلمانيين، وأيضا المبالغ المالية المخصصة لشراء الحلويات والشوكولاتة والورود، مثلا، لفائدة دواوين مؤسسات عمومية، إلى آخره...؛ و لا ننس طبعا الأرباح التي لا تجنيها الدولة في ما يتعلق ببيع بعض عقاراتها و بقعها لبعض المحظوظين بأثمنه جد منخفضة وفقا للقانون، وهو قانون يمكن، طبعا، تغييره بسرعة.

كلها مبالغ مالية مهمة، وغيرها، يمكن الاستفادة من القسط الأوفر منها لإعطاء انطلاقة موفقة للنموذج التنموي الجديد. ويبقى على المثقفين الأجلاء استخراج رقم المبلغ المالي الواقعي الحقيقي النهائي الذي يمكن استخلاصه، بعد القيام بالعمليات الحسابية والمحاسباتية الدقيقة الضرورية، قبل الشروع في بسط الفكرة المحورية التي ستحرك التنمية والتي من شأنها إنجاح النموذج التنموي الجديد.

سيداتي سادتي، لا بد من تجاوز تلك الفكرة القديمة التي تقول بأن فرض ضرائب جديدة ومتزايدة على الناس المجتهدين، بالإضافة إلى فرض ضرائب غير مباشرة جديدة على المنتوجات الاستهلاكية، هي السبيل الوحيد الذي يمكن من توفير المال للدولة.

فالضرائب المتزايدة تعيق التنمية لأنها أضحت تثقل كاهل المواطنين، خاصة مع دخول الخوصصة بقوة على الخط في مجال الصحة وأيضا في مجال التعليم.

كما يجب، أيضا وبين قوسين، تجاوز تلك الطريقة في العمل التي تقتضي، ربما، تحويل الميزانيات المخصصة لشيء ما إلى شيء آخر، أو لمشروع ما إلى مشروع آخر، لأن ذلك يفتح المجال للعشوائية في النهج التدبيري ويمنع من بلوغ الأهداف المرسومة، ويصيب المعنويات العامة في مقتل، ويجعل كل دراسة مستقبلية موضوعية مستحيلة، فيحدث التخلف.

سيداتي سادتي، العبقرية لا تكمن في إيجاد أحسن طريقة لاستخراج المال من جيوب الناس بسلاسة، لأنه تفكير ساذج ينعكس في آخر المطاف على الاقتصاد الوطني ويصيبه بالتشنج، ولكن العبقرية تكمن في إيجاد سبل تمويل النموذج التنموي المأمول دون المس بمصالح كافة الشرائح الاجتماعية.

طيب.

فبعد تقييم حجم الأموال المتوفرة دونما إضافة أية أعباء إضافية على كاهل المواطنين بجميع شرائحهم، يمكن المرور إلى الخطوة التالية التي تكمن في شرح وتوضيح الخطة المقترحة لإنجاح النموذج التنموي الجديد، مباشرة بعد تحديد هدفه أو أهدافه.

يتبع...

 

يونس فنيش