مِن صُلب قَهْرٍ صادِحٍ بنواقيس ** أفواهُ أشباحٍ بِتيْه بَسابس

وثعالب تَخِمَت وبالَ صِغارها ** بِحُقولِنا، ودَنتْ بِريقِ مَلاحِس

وبِأنْفها شَمَمٌ يَشُمُّ قَذالَنا ** وَهَرِيرُها وذُيولها بِمتارِيس

أقْعَتْ لنا أجْراؤُها كَضَراغِم ** فاحَت لَها أدْرانُنا بِمَناجِس

كَمْ مِن ضِباعٍ مِن رِقاشِ فِرائِها ** حاكَت فُهودا تَزْدَرِي بِفَوارس

مُدّْتْ لها فُرُشُ الحَرير فقهْقهتْ ** وتَبخْترتْ وسَمَتْ بِزَهْوِ طواويس

فَتَبَهْنَسَتْ مِن زَجْرِها بِعرينِها ** أشبالُ أسْدٍ تُعْتلى بِمَكانس

لا يُمْطِرُ الغيمُ الفسادَ وإنَّما ** مِن بَذرِنا يَرْبو بِكلِّ دَسائس

كمْ مِن مَساق للفسادِ بفِكرنا ** تَرْويهِ، إن جَفَّتْ عُروقُ مَغارِس

ألاَّ نُجَفِّفْ نَبعَهُ وحِياضَهُ ** بالنَّفسِ، يَزْهُ شامِخًا بِمَدارِس

في النَّفسِ وَأْدٌ للفساد ومَوْلِدٌ ** ومَزارِعٌ وسلاسِلٌ بِمكابِسٍ

فِي النفْس تُنصَبْ راجِماتُ فسادٍ ** تُرْدِي مُيولاً لِلخَنا وخَسائِس

في النفس يُبني فضلُ كُلِّ خِصالٍ ** وبِها تُفَضُّ قناعَةٌ بِنفائِس

في النفس يَسرِي عِشْقُ كلِّ كَمالٍ ** وبِها تُزَفُّ شَراهةٌ لِمَدانِس

لا تَطلُبوا رَدْعًا لإفْسادٍ بِلا ** طْوْقٍ لِنَفْسٍ لا يَلينُ لِسائِسٍ

إنْ لمْ نُغَيِّر ما بِها لاَ مَنْ يَرَى ** عَرَجًا بِنا، وشَقاءَنا بِهَواجِس

مَن يَرتجِي قَهْرا لأشْباحٍ بِلا ** هَرْسٍ لأطْمَاعٍ بِه بِمَهارِس

كَمَنْ يبتَغِي علما بِلا درس ولاَ ** صَبْرٍ علَى بحث وطول فهارس

 

رمضان مصباح الإدريسي