إذا كنت من الأشخاص الذين ينتظرون دائما الشكر من الآخرين فإني أدعوك إلى عدم قراءة هذا المقال..

هاهاها.. إني أمزح معك.. بلى، اقرأ هذا المقال من ألفه إلى يائه...

لقد أنجزت عملا رائعا؛ أنا أشكرك، أنا فخور بك؛ أنت مجتهد في عملك وتستحق علاوة بل ترقية؛ نحن نحتاج في إدارتنا إلى رجال ونساء من الطينة نفسها؛ أنت تفيض عطاء واستقامة وجدية فيا ليت كل المهنيين مثلك!

مهلا، مهلا.. هل أنت متعود على سماع هذه العبارات الإيجابية، الرنانة، الطافحة بالعرفان في محيط عملك؟

أكيد.. لا !

إني لا أحتاج إلى قيادة دراسات إحصائية حول هذا الموضوع، لكن أكثر من 97 في المائة من الأشخاص الذين قابلتهم في السنوات الخمس الأخيرة قالوا لي حرفيا: (حينما أنجز أعمالا رائعة فإنه لا أحد بتاتا يشكرني أو يعترف على الأقل بمجهوداتي.. لا المدير.. ولا الزملاء.. حتى زوجتي وأبنائي لا يفعلون ذلك!)

كفى من الأوهام!

اسمعني جيدا.. أنت لا تحتاج الاعتراف بمجهوداتك حتى يكون عطاؤك في العمل كبيرا وحتى يصبح حماسك له في المستقبل مشتعلا.. لا تنتظر أن يشكرك أحد، لا تنتظر أن يشجعك أحد، لا تنتظر أن يثني على تضحياتك الجبارة في العمل أحد.

أحيانا، تنتظر الشكر في مكان عملك سنة أو سنتين أو 3 أو 5 أو 20 سنة، ولا يأتي الشكر من أحد.

أنت تفهمني جيدا، اشكر ذاتك! كافئ نفسك مقابل كل إنجاز حقيقي لك، سواء في ميدان العمل أو في حياتك الخاصة. إن هذا الشكر جزء لا يتجزأ من محبتك لذاتك كما هي وليس كما يريد أن يراها الآخرون.

أن تحب ذاتك هو ما تحتاج إليه حتى ترفع من مستوى حماسك وتصل إلى المنسوب الأقصى للطاقة. اشكر نفسك على العمل الجاد، على العمل المثمر، أكثر من ذلك، احتفل بنجاحك، بعيدا عن الحاسدين والشامتين والناقمين والغربان من البشر. أنت إنسان فريد من نوعه. أنت نسخة كونية فريدة أيضا من هذا الإنسان الذي لا يشبه إطلاقا الآخرين..

والآن، أنجز معي التمرين التالي:

اصعد إلى سطح البيت، فجرا، أو في الثلث الأول من الليل، أو مساء إن شئت. لك واسع الحرية والاختيار. أغمض عينيك، تنفس بعمق، تخيل أن الكون كله تلاشى وحل محله قلب محب، كبير، معطاء.. قلب كله خير وعاطفة ونور.. بلا حدود. ضع نفسك في أعماق هذا القلب. ردد بعباراتك الخاصة كلاما ينحو في هذا الاتجاه: (إلهي، خالقي، ربي.. أحبك ! شكرا لك أولا لأنك وهبت لي أجمل وأعظم نعم الحياة: السمع والبصر والفؤاد والصحة والمسؤولية وحرية الفعل والاختيار. هل أنتظر بعد ذلك الشكر من أحد؟ حبيبي.. سأشكرك وأشكر نفسي على كل نجاح وامتياز وتألق. سأعشقك دائما وأبدا دون قيد أو شرط، و سأقبل وأحب أيضا ذاتي..)

مهدي عامري