قال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، السيد أحمد عبادي، اليوم الأربعاء بالرباط، إن التجربة المغربية في مكافحة الإرهاب، تجربة رائدة أحدثت نقلة فعلية من مجرد الوقاية إلى التمنيع.


وأوضح السيد العبادي، في محاضرة ألقاها بالمركز الثقافي الصيني بدعوة من سفير الصين بالمملكة، تحت عنوان “في تحقيق الطفرة من الوقاية إلى التمنيع في مجال مكافحة الإرهاب.. قراءة في التجربة المغربية”، أن المقاربة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب متعددة الأبعاد وتتسم بالفرادة بفعل تكامليتها.


وتتجلى هذه الفرادة، يضيف السيد العبادي، في كونها مقاربة تنموية شاملة تتجسد في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كنموذج مغربي مشهود له بالتفرد والنجاعة والفاعلية، كما أنها مقاربة أمنية شديدة اليقظة، إلى جانب كونها مقاربة دينية متكاملة تشمل الأبعاد المتصلة بالعمل المسجدي والإنتاج العلمي والتأطير الشبابي وتأطير الطفولة.


وتابع أن المملكة المغربية انطلقت منذ وقت مبكر، في تفكيك خطاب التطرف والوقوف على مفاصله وإنتاج الردود على مقولاته بشكل شاف، وذلك من خلال مقاربة تستند على فهم السياق الاجتماعي والاقتصادي والحقوقي، وتحديد الظروف التي تجعل الشخص معرضا للاستهداف من طرف المتطرفين، وبالتالي بلورة برنامج مصالحات مع النفس ومع النص الديني والقوانين والتشريعات في بعدها الحقوقي ومع البيئة الاستثمارية في بعدها الاقتصادي.


وأبرز السيد العبادي، أن نجاعة هذه المقاربة أثبتت فعليتها في مجال المصالحة في السجون ومصالحة المعتقلين بسبب أعمال إرهابية والدعوة إلى التطرف، حيث حظوا بنوع من المواكبة بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والرابطة المحمدية للعلماء وشركاء آخرين، مشيرا إلى أن ذلك أثمر عن تحولات ضمن هؤلاء المعتقلين والمعتقلات في النسخة الخامسة للمصالحة، وأن بعض الذين أفرج عنهم بعفو ملكي سام يشتغلون اليوم في إطار مؤسسي ويمارسون ما يسمى بالتثقيف بالنظير.


وحول قضية التمنيع، أوضح الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن ذلك يتطلب منهجية تقوم على استراتيجيات تتمثل بالخصوص في بناء التفكير النقدي من خلال التلعيب (gamification) بدلا من المحاضرات، والتثقيف بالنظير، وتمكين المدربين.


كما أحدثت المقاربة المغربية، يؤكد السيد العبادي، طفرة في النظر للبرامج التربوية باعتبارها نوعا من الغرس المبكر، حيث قامت وزارتي التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية بتكليف من جلالة الملك بإعادة النظر في البرامج التربوية أسفر عن إنتاج حوالي 29 كتابا مدرسيا يتضمن مفاهيم تجمع بين الأصالة والاستشراف لمعانقة مقتضيات المصفوفة الراهنة.


وأضاف أن هذه الخطوة مكنت التجربة المغربية من إحداث نقلة من مجرد الوقاية إلى التمنيع؛ أي إنشاء مناعة تمكن الطفولة والشباب من المقاومة عبر المضادات الحيوية المعرفية والأخلاقية وهو ما تم تجسيده في برنامج تنمية السلوك الوطني ومكافحة السلوكات اللاوطنية في الوسط المدرسي الذي أطلقته وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.


ومن جانبه، قال سفير الصين بالمملكة السيد لي لي،  إن لقاء اليوم يشكل أول محاضرة ضمن سلسلة من المحاضرات التي سينظمها المركز الثقافي الصيني من أجل تعزيز التبادل الفكري والثقافي بين المغرب والصين، وفرصة للاستفادة من تجربة ورؤية المملكة المغربية في مجال مكافحة التطرف والإرهاب التي وصفها ب”المتقدمة”، معتبرا مثل هذه اللقاءات خطوة بناءة في اتجاه تمتين العلاقات بين المجتمعين.


واعتبر السيد لي لي أن محاضرة اليوم هي بمثابة حوار وتبادل أفكار حول قضايا تتسم بالراهنية، وتحظى باهتمام المجتمع الدولي لما لها من تداعيات على استقرار المجتمعات وأمنها، مشيرا إلى أن الحكومة الصينية اتخذت بدورها إجراءات متعددة لمواجهة التطرف والإرهاب بالبلاد مكنتها من التحكم بالوضع، وبلورة تجربة خاصة في هذا المجال، مما فسح المجال أمام تحقيق التطور الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة.