استخدام قوات الأمن العراقية الرصاص الحي ضد المتظاهرين على جسر الشهداء ومقتل أربعة منهم في بغداد يوم الخميس السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2019، يُمثل تطوراً جديداً في العراق بعد ان كانت عمليات القتل تجري عن طريق القناصين والقوات غير المعروفة او الاشخاص الملثمين حسب ادعاء الحكومة العراقية سابقاً، خاصة بعد صدور أوامر من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي لقوات الأمن بـ"فرض القانون" واعتقال من سماهم بـ"المخربين" الذين يقطعون الطرق. وما أعلنه الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، وهو منصب جديد تم استحداثه في زمن الاصلاحات العراقية، يظهر وكأن العراق قد دخل حرباً ويتطلب الامر لوي الحقائق وترديد العبارات التي لا يصدقها احد، مثل ان القوات الامنية غير مزودة باسلحة ومهمتها حماية المتظاهرين، وان الاوامر واضحة وحازمة بعدم اطلاق النار على اي متظاهر.

قلوب وأجساد الضحايا الاربع استقر بها رصاص حي انطلق من قوات او اشخاص معلومين او مجهولين وهم شباب لا يملكون شيئأ في هذه الدنيا غير حبهم الكبير للعراق والذي يدفعهم الى بذل "النفس من أجل النفيس" روحهم واجسادهم وحياتهم يضحون بها، وهم مشروع قتل واضح ومتحرك امام القناصين والملثمين الذين عجزت الحكومة العراقية (حسب زعمها) سابقاً من تشخيصهم ومعرفتهم رغم ان القتل ثابت وان الحقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار وامام الجميع.

ضمير ميت هذا الذي يحرك القتلة والمأجورين والملثمين والقناصين واي قوات امنية رسمية او غيرها ممن يعتدون ويضربون بكل قسوة ووحشية على الشباب الذين بدا عليهم التعب والضعف والنحول وهم يفقدون كل يوم صديقاً أو زميلا سواء بالقنص والقتل اليومي او عندما يعود البعض منهم ليلاً الى بيته فيتم اختطافهم من قبل جهات مجهولة.

سوف يكتب التاريخ انتفاضة تشرين 2019 في العراق بلد الرصاص الحي الذي يتم اطلاقه بضمير ميت على صدور وقلوب المتظاهرين من الشباب والكهول والاطفال ومن مختلف الاعمار والمهن والمستويات والذين توحدوا بعد ان هجروا وهاجروا من اغلال وامراض الطائفية والمناطقية واسوار القومية وانطلقوا الى آفاق الوطنية العراقية التي جمعتهم وكانهم عائلة واحدة في ساحة التحرير وكل اماكن التظاهر والاعتصامات، وأن على الحكومة العراقية وكل من يتحكم بالسلطة في هذا البلد المنكوب ان يعلم انه عندما يُقتل متظاهر واحد فانه يُحفر قبرين في آن واحد، واحد منهم للشهيد الحي في الضمائر والقلوب، وآخر للقاتل الظالم الميت ولو بعد حين.

عبدالستار رمضان