يواجه رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي المزيد من الضغوط مع إعلان كتلة سائرون النيابية (المدعومة من التيار الصدري)، الاثنين المضي بإجراءات استجوابه في تصعيد جديد للأزمة.

وتضم كتلة سائرون حزب الاستقامة التابع للتيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي وخمس أحزاب أخرى. وتأسست على اثر حركة احتجاج سابقة قادها رجل الدين الشيعي النافذ مقتدى الصدر تنديدا بالفساد، ما أتاح لها اكتساب شعبية منحتها فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية.

وقال المتحدث باسم الكتلة النائب حمد الله الركابي في بيان، إن "الكتلة النيابية لتحالف سائرون تعلن وبكل وضوح المضي بإجراءات استجواب رئيس مجلس الوزراء وفق الأطر الدستورية والقانونية والنظام الداخلي لمجلس النواب"، مضيفا "مواقفنا مبنية على ما يتناسب مع مصالح الشعب ومطالب المتظاهرين المشروعة"، مشيرا أيضا إلى "أننا لا يمكن أن نساوم أبدا على الثوابت الوطنية والإنسانية".

ونهاية الشهر الماضي، طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عبدالمهدي بالحضور إلى البرلمان من أجل الإعلان عن انتخابات مبكرة وبإشراف أممي ومدد قانونية غير طويلة.

وكان الصدر قد دعا زعيم تحالف الفتح هادي العامري قبل أيام للتعاون معه للإطاحة بالحكومة العراقية، إلا أن الأخير لم يستجب للدعوة.

ويدعم الصدر تحالف سائرون الذي حل أولا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (2018) برصيد 54 مقعدا من أصل 329، بينما حل تحالف الفتح ثانيا برصيد 49 مقعدا.

لا مؤشرات على هدوء في الشارع العراقي
لا مؤشرات على هدوء في الشارع العراقي

وكان الطرفان اتفقا على تسمية عبدالمهدي، ما مهد لتشكيل الحكومة القائمة حاليا، لكن منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول، يشهد العراق موجات احتجاجية مناهضة للحكومة هي الثانية من نوعها بعد أخرى سبقتها بنحو أسبوعين وانطلقت في مطلع الشهر ذاته.

وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف واسعة خلفت 319 قتيلا وفق أرقام لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي.

ويصر المتظاهرون على رحيل الحكومة والنخبة السياسية "الفاسدة"، وهو ما يرفضه رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي الذي يطالب بتقديم بديل قبل تقديم استقالته.

كما يندد الكثير من المتظاهرين بنفوذ إيران المتزايد في البلاد ودعمها الفصائل المسلحة والأحزاب النافذة التي تتحكم بمقدرات البلد منذ سنوات طويلة.

وتقول طهران إن جهات أجنبية تسعى لجرّ العراق لمربع الفوضى محذرة مما وصفتها بأنها "مؤامرة" خارجية، فيما سبق لعبدالمهدي أن حذّر من مندسين تسللوا للاحتجاجات السلمية وهي رواية يرفها الحراك الشعبي معتبرا أنها محاولة لتشويه مسيراتهم السلمية وللالتفاف على مطالبهم "المشروعة".

وفي سياق غير بعيد عن هذا المسار، أعلنت القوات المسلحة العراقية اليوم الاثنين، أن "جهات مشبوهة" (لم تسمها) صنعت "ما يشبه المتفجرات"، وسط العاصمة بغداد، حيث يحتشد محتجون مناهضون للحكومة.

وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة عبدالكريم خلف في مؤتمر صحفي، إن بعض الجهات المشبوهة داخل مطعم وسط بغداد، قامت بتصنيع "ما يشبه المتفجرات، ما قد يؤدي في حال انفجارها إلى انهيار المبنى بأثره، كما من شأنها أن تحصد أرواح العديد من المتواجدين في المبنى".

ويقع هذا المبنى قرب ساحة التحرير، حيث يحتشد محتجون منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول للمطالبة برحيل حكومة عادل عبدالمهدي، التي تتولى السلطة منذ أكثر من عام.

ولم يكشف المتحدث العسكري تفاصيل بشأن هوية هذه الجهات ولا الغرض من تصنيع تلك المتفجرات، غير أنه قال إن "القوات المسلحة اعتقلت متظاهرين رشقوا عناصر الأمن بزجاجات حارقة في بغداد".

واتهم خلف جهات دينية وصفها بـ المنحرفة بالقيام بأعمال شغب في البصرة. وقال إنها اصطدمت مع القوات المسلحة ودخلت إلى مبنى الاستخبارات وتوجهت لاحقا إلى قيادة الشرطة.

كما أشار إلى أن "مجموعة أخرى في بغداد شنت أكثر من 50 هجوما على مبنى البنك المركزي بقذائف المولوتوف ووسائل بدائية أخرى".

وأعلن أنه تم اعتقال عدد منهم، مضيفا أن ما حدث "لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالمطالب التي نؤيدها بقوة ونحميها وندعمها لكي تضغط على المؤسسات الأخرى لمساعدة الدولة في الخروج من الأزمة".

وتابع "حزمة الإصلاحات بحاجة إلى وجود المتظاهرين السلميين في ساحات التظاهر لكي تقوم الحكومة بتمرير التشريعات التي يريدها العراقيون جميعا".

ورجحت مصادر طبية عراقية في وقت سابق، استخدام قوات الأمن وفصائل مسلحة موالية لإيران غاز السارين وغازات أخرى سامة لقمع المحتجين.

وقال المتحدث العسكري إن "القوات الأمنية لم تستخدم أي غاز سام وإنما فقط مسيل للدموع، وهو ما تلجأ إليه الولايات المتحدة وبريطانيا"، لكن منظمة العفو الدولية (امنستي) قالت مؤخرا في أحدث تقرير لها إن تحقيقاتها خلصت إلى أن قنابل الغاز المسيلة للدموع والقنابل الدخانية التي استخدمتها التي استخدمتها قوات الأمن العراقية هي في معظمها إيرانية الصنع وصممت خصيصا للأغراض القتالية.

وأكدت أنها فتاكة وقد اخترقت جماجم محتجين واستخدمت للقتل وليس لتفريق المسيرات.

وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات وتأمين فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن يرتفع سقف الاحتجاجات إلى المطالبة برحيل الحكومة.

وبينما يرفض عبدالمهدي الاستقالة ويشترط أن تتوافق القوى السياسية أولا على بديل له، محذرا من أن عدم وجود بديل "سريع" سيترك مصير العراق للمجهول.