عندما يبادر البعض لحرف الحقائق عن مسارها وتشويهها بطرق مكشوفة ومفضوحة، ويصر على عدم تقبل الحقيقة كما هي ويعمل كالنعامة في دس رأسه تحت الرمال حتى لا يرى حقيقة وواقع ما يجري، فإن ذلك ليس إلا بمثابة عملية مغالطة للنفس ومكابرة فارغة لا نتيجة لها سوى الخيبة والخذلان، وهذا ما يجري تماما للقادة والمسٶولين في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذين لا يزالون يصرون على النظر والتعامل من الانتفاضتين العراقية واللبنانية من زاوية نظرية المٶامرة وما يتفرع عنها!

عملية مغالطة الحقيقة فيما يتعلق بإنتفاضتي الشعبين االعراقي واللبناني، شرع بها المرشد الاعلى الايراني خامنئي الذي وصفها بمٶامرة أمريكية إسرائيلية وتلاقف هذا الاتهام الواهي والابعد ما يكون عن الحقيقة والواقع القادة والمسٶولون ورجال الدين في النظام لا يزال العمل جاريا به وكأنه إصرار على الوقوف بوجه الحقيقة وعدم تقبلها بل وحتى إنه بعضهم يقوم بإيجاد تصنيفات وأوصاف جديدة لها كما هو الحال مع الملا موحدي كرماني خطيب الجمعة المعين من قبل خامئني في طهران، الذي قال في خطبة صلاة الجمعة اليوم بطهران: "الموضوع الذي أريد أن أذكره هو أن في الاحتجاجات بالعراق هناك بعض المجموعات المنحرفة التي نصفها شيعة الانجليز قد اندسوا في صفوف المتظاهرين وارتكبوا جرائم خاصة في كربلاء والبصرة والعمارة"! ولا ندري من الممكن أن يقوم أحدهم أيضا في يوم آخر بتصنيف الشيعة المنتفضين ضد نفوذ النظام الايراني بشيعة اليهود!

رجل الدين هذا الذي يبدو إنه كجحا الذي صدق كذبته فركض وراء الناس أملا في وليمة مزعومة، استرسل في كذبه المفضوح قائلا: "ما شاهدناه خلال الأيام الأخيرة، وسمعناه لم يكن مجرد احتجاج والمطالبة بالإصلاحات الاقتصادية، أعداء العراق لم يقفوا مكتوفي الإيدي، بل تدخلوا في الأمر وفي بعض المدن خاصة في البصرة والعمارة لجأوا إلى العنف. وقتلوا كثيرين وأصابوا عددا آخر بجروح وحتى مزقوا البعض وأحرقوا آخرين. لنكن منتبهين أن العدو يترصد الفرصة لركوب الموجة ويخلق مثل هذه الأوضاع." ويبدو إن هذا الملا قد إلتبس عليه الامر كثيرا فقد رأى في تمزيق وحرق صور خامنئي وقاسم سليماني على إنهم أفراد عراقيون كما إنه تمادى أكثر في كذبه عندما زعم بأن قناصة الميليشيات وغيرهم من الذين نفذوا أوامر خامنئي وسليماني بإطلاق النار على المنتفضين في العراق على إنهم من المنتفضين أنفسهم، والاكثر سخرية من كل شئ إن هذا الملا يحذر من ركوب موجة الانتفاضة هذه من جانب الاعداء متناسيا بأن العدو الوحيد لشعوب المنطقة بما فيها الشعب الايراني نفسه هو نظام ولاية الفقيه الذي رأى ويرى في الشعب الايراني وشعوب المنطقة أعداء له ويسعى من أجل إبقائهم تحت نير ظلمه ونفوذه وهيمنته السوداء.

منى سالم الجبوري