لا يوجد ظلم اكبر واكثر ضررا واشد تدميرا على المجتمع من استعمال"الدين"الاسلامي كغطاء لتحقيق المآرب القومية او الطائفية او الشخصية ، لست انا من يقرر ذلك بل الله سبحانه اذ يقول (ومن اظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى الى الاسلام) فكل من يكذب على الله من المسلمين سواء كان شيوخا او عرافا او رئيس دولة او زعيم تنظيمارهابي او رئيس حزب اسلامي سياسي او طائفي او رئيس دولة اسلامية ويستعمل آيات الله واحكامه لاستغفال الناس وخداعهم ليحقق اغراضه الدنيوية فان الاية تشمله ويعتبر مناظلم الناس!

وقد ادرك سبحانه بعلمه الغيبي ان يوما سيأتي على الامة الاسلامية يتصدر فيه الدجالون من الدعاة المزيفون وزعماء دجالون المشهد السياسي والاجتماعي ، يسرقون وينهبون ويغزون البلدان الآمنة ويهلكون الزرع والضرع باسم الدين والطائفة وتحت عناوين قرآنية عشرات من الاحزاب والتنظيمات والهيئات "الاسلامية" تنتشر في العالم الاسلامي وكل واحدة تدعي انها على الحق المبين وان غيرها على الباطل وبعضها تجتزء بعض الايات عن سياقاتها لتكفر المجتمع وتجيز ذبحه "كتنظيم القاعدة" و"داعش" وبعضها يستغل عقد التاريخ واحداثه المؤلمة ورموزه لخداع البسطاء والتحكم بمصائرهم كالاحزاب الطائفية التي تولت الحكم في العراق بمباركة الشيوخ والمراجع الشيعية ، حيث تطورت العلاقة بين الجانبين الاحزاب السياسية والمؤسسات الشيعية المتمثلة بالمراجع والعتبات الحسينية والعباسية وتوطدت مصالحهما بشكل هارموني متداخل بحيث تعذر على الطرفين الاستغناء عن بعضهما البعض ، رغم الفساد الكبيرالمستشري الذي تحول الى ظاهرة اجتماعية ومؤسساتية ، فان هذه الهيئات الدينية العليا وغير العليا لم تتحرك بشكل جاد لمواجهة هذا الفساد وفضح الفاسدين ورفع الدعم والحماية عنها ، والاحزاب السياسية بدورها لم تشأ ان تثير حفيظة هذه المؤسسات وتركتها لتمارس عملها المالي"السري" بحرية تامة بعيدا عن رقابة الدولة وحفظت لها قدسيتها امام الناس رغم معرفتها التامة بفسادها وفساد رموزها اسوة بباقي مؤسسات الدولة.

هذه الحالة المزرية غير المسبوقة التي وصل اليها العراق دفعت بالشعب الى الانتفاضة والعصيان من اجل اعادة صياغة تركيبة المجتمع والدولة على اسس صحيحة وصالحة للحياة وطرد المفسدين ادعياء الدين خارج دائرة المسؤولية والحكم.

والمشكلة لاتتوقف عند حد الفساد والفقر والبطالة واهدار اموال الدولة وتشويه الوجه الحقيقي للاسلام ، بل تتعداها الى مسألة تمس الوطن والسيادة وكرامة العراقيين ، فعندما ترهن الارادة الوطنية بيد دولة اجنبية فان الوضع لا يمكن السكوت عليه ، كل شيء يهون غير الخيانة والارتهان الى الاجنبي وتنفيذ اجنداته.

نحن امام ثورة ربيع العراقي الجديد على ادعياء الدين والطائفة المزيفين ، وقد تؤثر في حال نجاحها على المعادلة السياسية في المنطقة برمتها وتعيد للعراق مكانته السابقة المؤثرة..

وقد ادرك الطائفيون في بغداد ومن يقف خلفهم هذه الحقيقة لهذا نراهم يواجهون المحتجين الاحرار العزل برصاصات حية وبنادق قناص لعرقلة عملية تصحيح المساروتنظيف البلد من ادعياء السياسة والدين وانقاذه من الانهيار والتلاشي ولكن لن يستطيعوا فعل شيء امام طوفان الغضب الشعبي والارادة التي لاتلين!