قبل افتتاح الدورة الرابعة للبرلمان بساعات قليلة تم تنصيب النسخة المعدلة لحكومة سعد الدين العثماني، بعدما تبين لغالبية الملاحظين أن النسخة الأولى انتهت صلاحيتها، فاشلة، لم تستطع مواَكبة عصرها/عصر العولمة والتكنولوجية والديمقراطية، ولم تحقق البرنامج الذي دخلت به، لأسباب متعددة ومختلفة، بعضها يعود إلى حزبها الأغلبي، وبعضها الآخر يعود إلى طبيعة شخصياتها وتكوينهم وثقافتهم السياسية.

وجدير بالقول إن حكومة العثماني التي تحمل رقم 31 من حكومات عهد الاستقلال لا تختلف عن غالبية الحكومات الفاشلة السابقة، فهي منغلقة على نفسها، بعيدة عن عصرها، وعن تطلعات شعبها، دخلت فارغة وخرجت فارغة.

دخلت هذه الحكومة مكاتبها الفسيحة وهي تواجه تحديات التنمية التي اتخذت على يد الحكومات السابقة بعدا سياسيا لأنها لم تخضع للعلاج الضروري منذ وقت طويل / وهي تواجه تحديات الديمقراطية التي ظلت حبرا على ورق منذ أول دستور إلى آخر دستور/ وتواجه تحديات اقتصادية واجتماعية وثقافية، أصبحت تتجاوز كل الحدود وقدرات البلاد والعباد/ وتواجه تحديات البطالة والهجرة والأمن الغذائي وتحديات التعليم والمساواة بين الجنسين وتحديات التطرف والعنف والجريمة؛ ولكنها لم تنجح في التعامل مع هذه التحديات، بسبب أساسي هو عدم انسجامها / عدم توافقها لا في أدبياتها السياسية ولا بين مكوناتها، وهو ما قادها إلى عدم الاستجابة للمجتمع ولا للتحديات التي جاءت أساسا لموجهتها.

وعلينا أن نقول الحقيقة عارية، لحكومة العثماني، إنها أكثر من سابقاتها لم تواجه التحديات المطروحة بقوة على المغرب الراهن/ لم تستثمر في تنمية الشباب، ولا في تطوير قدراتهم، ولا في توفير وسائل التعليم الصحيحة لأجيالنا الصاعدة / ولم تعمل على مواكبة التعليم بكل مستوياته للتطورات المتسارعة في عالم اليوم، وهو ما يعني بلغة السياسة الإعلام أنها لم تكن قادرة لا على تسيير وتدبير الشأن العام، ولا على مواجهة تحديات العولمة ولا على الإصلاح ومحاربة الفساد.. السؤال الذي تطرحه نسختها الثانية المنقحة والمصلحة، هل تستطيع أن تفعل؟ وماذا تستطيع أن تفعل؟.

المغرب الذي ستديره النسخة المعدلة لحكومة العثماني هو المغرب نفسه الذي فشلت في إدارته الحكومة التي قبلها، مغرب نام، ذو مستوى معيشي منخفض، يعاني من سلسلة أمراض فتاكة في كل المجالات والميادين، يواجه تحديات أكبر من حجمه الطبيعي، وهو ما يعني في نظر العديد من الخبراء المراقبين أن الحجم الفكري والسياسي لهذه الحكومة قد لا يكون في مستوى واقع المغرب الراهن/ قد لا يكون كافيا للتغلب على الأزمات والمشاكل والتحديات والرهانات التي يواجهها مغرب اليوم صباح مساء.

لا نريد أن نكون متشائمين أكثر من اللازم، ولكننا ندرك أن الحكومات لا تنجح بالأحزاب المصنوعة لفترات معينة، ولا برجال المال والأعمال، ولا بالتجار الأذكياء، ولكنها تنجح إذا كان على رأسها وبقطاعاتها المختلفة حكماء مخلصون لأوطانهم، يضعون مصالح الشعب وقيمه وأحلامه وتطلعاته نصب أعينهم، يبحثون كل مطلع شمس عن جديد يحققونه لوطنهم يخططون للمستقبل وينطلقون نحوه بكل عزيمة وثقة وإيمان.

أفلا تنظرون...؟

 

محمد أديب السلاوي