بعد إذنكم وخصوصا مَن لا تروقهم الكتابة بالعاميّة، اخترتُ ان أشارككم لحظة من لحظات انتعاش الذّاكرة، نَجم عنها ما أعتقد أنه يصلح ليكون دليلا بريئا على أنّ المغاربة شعب لا يُقهر! بفضل ما حبانا الله به من تقاليد وعادات وخبرات متنوّعة باختلاف هويّاتنا المتناغمة، أثّرَتْ إيجابا على تراثنا المشترك، سواء منه المادّي أو اللامادّي، بعيدا عن النّعرات القبليّة والقوميّة التي ما فتئت تهدّد طبيعة التّماسك والتّعايش في محميّة البشريّة!! إلَيكُم القصّة.

  واحد العام في أواخر التّسعينات، كان الرّبيع زاهر في تمازيرت، ودبّرت على 25 أكجّيم من داكشّي الرّفيع، ومن مختلف الألوان، جبتها معايا للرّباط. وحيث ولاد الحومة عارفين هاذ الحيوان، كاين فيهُم حتّى للي كلاه معانا، وقتمّا طيّباتو لينا الوالدة في المرقة! بحُكم العشرة الوطيدة للي كاتجمع بِناتنا، علاحقّاش تزدنا وكبرنا جميع في حيّ يعقوب المنصور، وتبادلنا العادات والتّقاليد حتّى رجعنا بّاناشي!  

  ذاك العام تانتذكّر، كان واحد السّيّد تايبيع العشوب، كان تايدور في الدّروبة، تايدبّر على راسو، والعشران جابوه لييّا على أساس أنّه تايدّعي أنّ هاذ الحيوان تايصلاح لشي أمراض مستعصيّة، بحال الضّيقة مثلا والتّزيزين، وأنّه يكفي تتخطّاه، باش تتحرّر من كل أنواع السّحر، وبزّاف ذيال الأمور كان حافظها ذاك العشّاب، وتايعرضها علييّا بحال شي تلميذ نجيب ومتفوّق في مادّة الإنشاء.

  المهمّ أنا زربت عليه، وسقسيتُو باستغراب مُصطنَع: "وبشحال هاذ العجب؟"، قال لي: "ألفين ريال"!! ف البلاصة شدّيت من عندو ذاك الضّبّ المسخسخ والهزيل! وقلت ليه: "واخّا ضعييّف مسيكين هاذ المخلوق، باغي فيه أنت ألفين ريال كاملة؟"، جاوبني بالخفّ: "وفينا هوّ؟ حنا لقيناه غانتصووّرُو معاه؟".

  مباشرة طلبت منّو يمشي معايا للدّار، ودخلت جبت ليه كرطونة ذيال الزّيت كريسطال خمسة يترُو مضروبة حتّى لزداك آداك بالضّبوبة باقين فريشك وسمان، وكلّ واحد منّهوم تايسوط بحال شي دينصور!! 

  بان لييّا العشّاب مسكين رجع بحال شي طفل لعّاب معايَا سكوليط بحماس كبير. حيث ولّا بحال شي صنم لا حركة ولا كلام، وباش نخرّجو من الدّهشة والجمود، اقتارحت عليه: "عطيني أنت غير خضرا في الواحد، وسير الله يسهّل عليك، راه هاذو يمكن كاع تبيعهوم بيّاس ديطاشي، ويشيط ليك الخير".

  شاف فييّا مسكين وقال لييّا: "مناين الأصل ذيالك آولدي؟"، قلت ليه: "أنا من طاطا".. ف البلاصة ضربها لييّا بواحد التّعنيقة حنينة، وجرّني شي خطوات على ولاد الحومة، وهمس لييّا ف ودني بكلّ لطف: "استر ما استر الله"، ثمّ انصرف إلى حال سبيله، وأنا ندير دومي تور، ورجعت لذيك الحلقة، باش نفرتك المجمع! شي عرضت عليه للزّردة، وشي خدا ضّبّ باش إيكوفرو، ويردّو ديكور!! الله يسمح لينا وخلاصّ..



الطيب آيت أباه