تقوم الامارات العربية المتحدة ببناء مجمع للأديان السماوية الثلاثة: الاسلام والمسيحية واليهودية أطلقت عليه اسم "بيت العائلة الابراهيمية" وهو مؤشر على أن الأديان الثلاثة جاءت من مصدر واحد وهو ملة إبراهيم، فإذا كان المسلمون والمسيحيون واليهود انحدروا من منبع واحد، فإن هذا أدعى الى المحبة والسلام وليس العداوة والحروب، لأن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، ألا يعبدون نفس الإله؟ ألا يدعون الى فعل الخير وخدمة الانسانية؟ فلماذا لا يعبدون الله في مكان واحد؟ لماذا لا يتحابون ويفشون السلام؟ إن الأديان الثلاثة تشترك في منطق واحد هو المحبة والسلام، ولكن منطق البشر هو الذي ينشر الكراهية والظلام، وهو الذي وضع غشاوة على أعينهم وجعلهم يظنون أنهم يرضون الله إذا ظلموا وقتلوا ودمروا وقسموا الناس في درجات وفضلوا أنفسهم على بقية الخلق.

استغل البعض قيام الامارات بهذه الخطوة لينتقدوها وكأنها تخون العرب وتتقرب من إسرائيل، وهذا يجافي المنطق والحقيقة، لأن اليهود لم يحتلوا فلسطين بل الصهاينة هم الذين فعلوا ذلك، وقد انتقدهم بعض اليهود ممن يؤمنون بالسلام والعيش المشترك، حتى أن بعض اليهود قاموا بمظاهرات عارمة ضد ممارسات إسرائيل، وإذا كان الصهاينة سرقوا الأرض وطردوا أهلها ولم يقبلوا بالعيش المشترك على أرضهم، فما ذنب اليهودي اليمني واليهودي المصري والتونسي والمغربي والبولندي، واليهود في دول العالم؟

الصهاينة مجرمون ولم يقبلوا مشاركة الفلسطينيين بأرضهم، أما يهود العالم فهم مسالمون والدول العربية مليئة بهم ولم يغادروها الى اسرائيل لأنهم يعتبرون الدول العربية أوطانا لهم، وهؤلاء يستحقون أن تبنى لهم المعابد في كل دولة يعيشون عليها، ومن واجب الدول التي ينتمون اليها رعايتهم ومحبتهم وحمايتهم من التمييز ضدهم. بل وعلى المسلمين أن يقيموا أواصر الصداقة معهم لأنهم ليسوا صهاينة ولا يدعون الى سرقة البلدان وتشريد أصحابها، بل أنهم أكثرهم علماء وتجار ومفكرون، فلماذا الانحياز ضدهم؟

إن الأديان الثلاثة منحدرة من جد الأنبياء إبراهيم وعلى أتباعها أن يتعايشوا ويحافظوا على إرث إبراهيم وينشروا المحبة والسلام وألا يعتبر أصحاب ديانة منهم أنفسهم أفضل من أتباع الديانات الأخرى، إذ أن التفرق مناقض للحقيقة وهي أن الأديان الثلاثة لديها ما يجمعها أكثر مما يفرقها ويجعل أتباعها أخوة في عبادة الله وتنفيذ أوامره بنشر المحبة والسلام.

إن ما قامت به الامارات العربية المتحدة يخدم قضايا العرب ويقدم العرب للعالم على أنهم أهل حضارة وعمق ثقافي، وأنهم يميزون بين من أخطأ في حقهم ومن لم يخطئ ويعيش مسالما ومتعاونا مع بقية الناس. أما من يستعدي المختلفين عنهم لمجرد أنهم مختلفون فهو يظلم نفسه قبل أن يظلم الآخرين، لأنه يقدم صورة بشعة عن نفسه وعن أتباع ديانته، فكيف يريد أن يفهمه الآخرون ويؤيدونه وهو يحارب أصحاب الديانات الأخرى ويريد أن يفرض عليهم ديانته بالقوة أو يقتلهم؟ لا شك أنه يجني على نفسه وعلى شعبه.

سهى الجندي