عرفت المبادلات العالمية تراجعا نظرا إلى الظرفية الاقتصادية الدولية، مما أدى، بصفة عامة، إلى تراجع الطلب الداخلي والخارجي للمملكة. ويرتبط تدهور مداخيل السياحة وخدمات الأسفار بالمغرب من جهة، بتباطء النمو الاقتصادي الوطني، وبمحدودية النظام الاقتصادي الحالي من جهة أخرى.

كما لا يمكن النمو الضعيف للصادرات من تحسين عجز الميزان التجاري للمغرب. وإلى نهاية يوليوز 2019، فقد تفاقم عجز الميزان التجاري بأربعة بالمائة لكي يصل إلى ما مجموعه 122 مليار درهم. حيث فقدت الصادرات المغربية ديناميتها بسبب تراجع مبيعات السيارات ومواد الفوسفاط والمعادن والجلد والنسيج.

وفي سياق نفسه يرتبط تحسين نسبة تغطية الواردات بالصادرات بتطوير العرض المغربي، بالاستناد إلى عامليين أساسيين وهما "الجاذبية" و"التنافسية" للمنتجات والخدمات المغربية، وعلى المستويين القاري والمتوسطي. وفي غياب اقلاع اقتصادي فعلي للمقاولات المغربية، العمومية والخصوصية، يبقى رقم المعاملات المتعلق بالتصدير جد ضعيف. وبالتالي، يتعين على المغرب تطوير الصناعات الحديثة المندمجة في سلاسل الانتاج العالمية، وعبر دعم النسيج المقاولتي وتطوير المهن الصناعية الجديدة.

وإلى غاية يوليوز 2019، فقد تراجعت تحويلات المغاربة بالخارج نحو المغرب بنسبة 1% بالنظر إلى الظرفية الاقتصادية العالمية، علما أن القطاع السياحي المغربي لا يوفر عروضا تنافسية من حيث الأثمنة والجودة، مقارنة مع الدول الأوربية الأطلسية المجاورة (إسبانيا، البرتغال...). وبالتالي، فإن عددا كبيرا من مغاربة الخارج يفضلون استثمار أموالهم بالبلدان المجاورة، وهو ما يفقد الاقتصاد المغربي عائدات مهمة من العملة الصعبة.

ومن جهة أخرى، فإن تحسين عجز الميزان التجاري يبقى مرتبط بمجموعة من الإجراءات كتخفيض الفاتورة الطاقية، وتقنين الواردات بربطها بالضروريات والأولويات، وتطوير الصناعات العالمية الموجهة للتصدير، وتحديث الفلاحة وأساليب الري لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

حيث يتعين إرساء برنامج وطني لإنعاش الصادرات، تقوده الوزارة الوصية وبتنسيق مع مختلف المتدخلين المعنيين بالتصدير (المقاولات، إدارة الجمارك، الجمعيات المهنية...)، قصد تنزيل إجراءات عملية لتطوير عمليات التصدير نحو الخارج، وبالتالي الرفع من تنافسية النسيج الاقتصادي الوطني.

ويبقى الابتكار عنصرا أساسيا لتطوير العرض المغربي نحو الخارج، لاسيما الابداع في الصناعات ذات الجاذبية العالمية التي ترتبط بسلاسل الانتاج الدولية. وبالتالي، يتعين على المغرب تطوير صناعات الجيل الرابع (الذكاء الاصطناعي، صناعة الآلات، الأنظمة المتحكم فيها عن بعد...) قصد تحسين وتجويد العرض المغربي، وذلك للرفع وتيرة الصادرات وتحقيق الفائض في الميزان التجاري المغربي.


يوسف كراوي الفيلالي