تطوان أو تيطاوين أو تطاون: مدينة يعشقها الجميع ولا تَعشقُ أحداُ، الحمامة البيضاء رائدة التراث الفكري والأدبي بعلمائها وأدبائها العظام، وبمؤسساتها العتيقة عبر الأزمان، وبموقعها الاستراتجي الذي يربط الشرق بالغرب، لأجل هذا كله اهتم المغاربة اهتماما كبيرا بتاريخ المدينة وتراثها الزاخر، وقُدمت بحوث أكاديمية وندوات علمية في عديد من الجامعات المغربية وغيرها.

وتتميز الحمامة البيضاء بقدرتها على احتضان الحضارة الأندلسية العريقة، مع تكيفها المستمر مع الروافد الثقافية الواردة إليها، كما تمتاز بصلاحية حقولها لزراعة التعايش والتواصل مع جميع الأجناس والحضارات والمعتقدات، بسبب كثرة زوارها وشهادتها على الحضارتين.

تطوان تلك المدينة التي لا تفارق شوارعَها وأزقتَها الشاسعة مِكنَسَةُ عُمال النظافة ليل نهار، ومناظرها الخضراء توحي بأن أهلها يعشقونها،

بل حتى مكبرات الصوت فيها لا تكاد تسمع لها وجودا، الكرم والضيافة من شيم أهلها ومن موروثهم الديني والثقافي.

إشارات المرور في مدينتنا لها معنى، ومن يحاول تجاهلها سيجد من يلقنه دروسا مجانية في قوانين المرور، وممرات الراجلين فيها خط أحمر، أسرُ مدينة تطوان الأصيلة أسرٌ محافظة في العموم، المرأة هي الأخرى تتمتع في المدينة بالأمن والاحترام والتقدير من الصغير قبل الكبير، لا يزور المدينة مبدع إلا أحبها وسعى للإقامة بها، وكم من زائر لها تحول إلا كاتب أو رسام في أزقتها العريقة، ولغة الانفتاح فيها هي اللغة الإسبانية، أحياؤها القديمة أندلسية الطابع، أما اسمها فموجود ـ حسب المراجع ـ منذ القرن الحادي عشر الميلادي، تاريخها ضارب في القدم، معظم سكانها من أتباع الديانة الإسلامية، وتقطنها أيضا أقليات مسيحية ويهودية.

وقد أضحت مدينة الحمامة البيضاء ونواحيها ـ مؤخراً ـ تستقطب عشرات الآلاف من المصطفين المغاربة وغيرِهم، للاستمتاع بفصل الصيف الدافئ، بعيداً عن الضجيج والصَّخب والفوضى، بسبب مؤهلاتها الطبيعية والفندقية، ولما تشهده المدينة أيضا من إصلاحات بنيوية وسياحية، وهذا مما يجعل ـ مع الأسف الشديد ـ الحركة المرورية بها صعبة وعسيرة في وقت الذروة، رغم المجهودات الجبارة التي تبذلها مختلف المصالح بالمدينة.

ومن الظواهر السليبة التي يشهدها موسم الصيف بمدينة تطوان ونواحيها كذلك: الزيادة في حالات السرقة والسطو وعمليات اعتراض

سبيل المواطنين وتهديدهم، بالإضافة إلى بعض حالات الاغتصاب المصحوبة بالضرب والجرح، مع تفشي حالات العنف والعنف المضاد بين أفراد مجهولة تتسبب في حالات من الفوضى والفزع بين السكان، وهذا يرجع بالأساس إلى كثرة الوافدين من مختلف المدن المغربية بحثاً عن الهجرة السرية وعن فرص العمل، ونأمل أن يتم القضاء عن هذه الظواهر السلبية في أقرب الأوقات.

ويكفي مدينة الحمامة البيضاء فخراً أنها أضحت الوجهة المفضلة لصاحب الجلالة: الملك محمد السادس ـ نصره الله ـ لقضاء عطلته الصيفية، بهدف الاستجمام وممارسات هواياته المفضلة، خصوصاً منطقة المضيق الجذابة.



 محمد القاسمي الريبوز