حذرت إيران اليوم الاثنين المجموعة الدولية من تداعيات ما وصفتها بـ"الحرب الاقتصادية" عليها، مشيرة إلى أنه لا يمكن توقع أن يكون الذين أطلقوها "في مأمن".

وجاء ذلك خلال زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لطهران لبحث الملف النووي وسط توتر بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية فيما عبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن "قلقها إزاء تصاعد التوتر" الحالي.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني في طهران "لا يمكن التوقع أن تكون الحرب الاقتصادية جارية ضد الشعب الإيراني فيما يكون الذين أطلقوا هذه الحرب ويدعمونها في مأمن".

وأضاف أن "التوتر الجديد في المنطقة هو نتيجة الحرب الاقتصادية على إيران" في إشارة إلى حملة "الضغوط القصوى" التي تشنها الولايات المتحدة لكبح أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة وخصوصا عبر العقوبات الاقتصادية التي أعادت واشنطن فرضها على طهران أو كثفتها منذ 2018.

وقال الوزير الإيراني إن "السبيل الوحيد لخفض التوتر في المنطقة هو وقف الحرب الاقتصادية" وذلك في ختام لقائه ماس الذي استغرق نحو ساعة.

وتابع ظريف أن "ألمانيا والاتحاد الأوروبي يمكنهما لعب دور مهم لخفض هذا التوتر ونحن ندعمهما في هذا الدور"، فيما سبق أن استبعدت الخارجية الإيرانية أن يكون ماس قد يسعى لنقل رسالة أميركية  لطهران.

وقال الوزير الألماني "نحن في منطقة تعاني من أوضاع خطيرة وحساسة جدا ولا أعتقد أن تصعيد التوتر وبلوغ المراحل العسكرية هي في مصلحة الجميع ولهذا السبب نحتاج إلى منع مثل هذا التوتر" وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

وكان ماس حض في وقت سابق إيران على احترام الاتفاق النووي المبرم بينها وبين القوى الكبرى وعلى "الحفاظ على الحوار" مع أوروبا.

وفي وقت تقول فيه إيران إن الأوروبيين ليسوا على مستوى التزاماتهم التي تعهدوا بها بموجب الاتفاق الذي أبرم في فيينا عام 2015، ذكّر ماس قبل اللقاء بأن هذا الاتفاق ينطوي "على أهمية قصوى" بالنسبة لأوروبا. وقال "لا نريد أن تمتلك إيران أسلحة نووية".

وأكد ماس أن ألمانيا وشركاءها الأوروبيين "بذلوا أقصى جهودهم للوفاء بالتزاماتهم" بموجب هذا الاتفاق المهدّد منذ أن قررت الولايات المتحدة الانسحاب منه من جانب واحد في مايو/ايار 2018 وإعادة فرض سلسلة عقوبات اقتصادية على إيران.

ومنذ الانسحاب الأميركي لا تزال ألمانيا إلى جانب فرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين، واحدة من الدول الأطراف في هذا الاتفاق.

وبموجب بنود الاتفاق، تعهدت إيران بعدم السعي لحيازة القنبلة الذرية ووافقت على تقليص برنامجها النووي بشكل كبير، مقابل رفع جزء من العقوبات الاقتصادية الدولية التي تخنق اقتصادها.

لكن بعد انسحاب واشنطن، هددت إيران في مايو/ايار بالخروج تدريجيا من هذا الاتفاق ما لم يساعدها شركاؤها لاسيما الأوروبيين، في الالتفاف على العقوبات الأميركية.

وأمهلت الجمهورية الإسلامية الأوروبيين والصينيين والروس شهرين "لتفعيل التزاماتهم خصوصا في قطاعي النفط والمصارف".

وتجعل العقوبات الأميركية عمليا أبسط معاملة دولية مع مصرف إيراني مستحيلة وتهدف تدابير اتخذتها واشنطن مؤخرا إلى منع إيران نهائيا من تصدير نفطها الذي يعدّ أول مصدر لإيرادات الدول.

وفي حال لم تحصل إيران على استجابة مرضية من شركائها بحلول الثامن من يوليو/تموز، هدّدت بوقف بعض التزاماتها ضمن الاتفاق بشأن "مستوى تخصيب اليورانيوم" وباستئناف مشروعها بناء مفاعل للمياه الثقيلة في آراك (وسط) الذي أوقف العمل به تطبيقا لاتفاق فيينا".

والاثنين، أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقها إزاء "تصاعد التوترات". وقال المدير العام للوكالة يوكيا أمانو "آمل في إيجاد طرق لخفض التوترات الحالية من خلال الحوار".

وأكد للصحافيين أن "معدل إنتاج إيران من اليورانيوم يزداد" بدون تحديد نسبة ذلك.


وعلّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان على هذا الإعلان بالقول "لن نسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية تهدد وجودنا وتشكل خطرا على العالم بأسره".

ونشرت صفحة نتنياهو على توتير تصريحات قال فيها "قلت حول تصريحات ظريف وتسريع وتيرة البرنامج النووي الإيراني ظريف يكذب مرة أخرى. إيران هي التي تهدد كل يوم وعلنا بتدمير إسرائيل. إيران تستمر في التموضع عسكريا بسوريا واليوم أعلنت الوكالة الدولية للطاقة أن طهران تسرع وتيرة برنامجها النووي. لن نسمح لإيران بتطوير الأسلحة النووية".

وفيما منعت الشركات الأوروبية الكبيرة من إقامة أدنى علاقة تجارية مع إيران جراء الطابع العابر للحدود للعقوبات الأميركية، بدا الاتحاد الأوروبي حتى الآن عاجزا عن جعل إيران تستفيد من المنافع الاقتصادية التي كانت تتوقع الحصول عليها بموجب الاتفاق.

وأطلقت باريس وبرلين ولندن في مطلع العام أداة دعم المبادلات التجارية المعروفة بـ انستكس تهدف إلى الالتفاف على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران، إلا أنها لم تُستتبع بأي تعامل ملموس حتى الآن.

واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي صباح الاثنين أن الأوروبيين "لم يرغبوا أو لم يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم وهو أمر مؤسف للغاية."

وكتب مدير صحيفة جوان المحافظة عبدالله غانجي ساخرا عبر تلغرام أن "ملخّص تصريحات ماس: نحن لا شيء من دون أميركا ولسنا قادرين على القيام بشيء فلا تتوقعوا منّا الكثير".

وكان الوزير الألماني الذي زار قبل وصوله إلى إيران، العراق والأردن والإمارات، أوضح أنه يريد أن يناقش مع ظريف مسألة الصواريخ البالستية الإيرانية ودور إيران في المنطقة، الذي يعتبر الأوروبيون أنه مزعزع للاستقرار خصوصا في سوريا واليمن.

ورفضت طهران الجمعة اقتراح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إبرام اتفاق جديد مع يهدف إلى توسيع اتفاق فيينا عبر إدخال المزيد من القيود للحدّ من نشاط إيران الباليستي وسياستها في المنطقة.

وقال ظريف الأحد إن "الأوروبيين ليسوا في وضع يسمح لهم بانتقاد إيران حتى في القضايا التي لا علاقة لها باتفاق فيينا"، معتبرا أن سياسات أوروبا والغرب "لم تكن لها أي نتيجة أخرى في منطقتنا سوى إحداث أضرار"